هذه ردود على تصريحات ترامب عن نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن
بينما كان عشرات الآلاف من الفلسطنيين قرب محور نتساريم للعودة إلى أحيائهم المدمرة بشمال قطاع غزة، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحات عبر فيها عن رغبته في استضافة الأردن ومصر لفلسطينيين من قطاع غزة.
وتحدث ترامب الأحد الماضي على متن الطائرة الرئاسية عن خطة لـ “تطهير” غزة، بقوله : “نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها. كما تعلمون على مر القرون شهدت هذه المنطقة نزاعات عديدة. لا أعرف ولكن يجب أن يحصل أمر ما”.
أول رد واضح على هذه التصريحات، كان الرفض المطلق للهجير من قبل الأردن ومص والفصائل الفلسطينية والسلطة الفلسطينية. ولم يلتفت الفلسطينيون لتصريحات ترمن وواصل الآلاف العودة، حاملين حقائب أو جارّين عربات إلى الطريق الساحلي باتجاه مناطق شمال القطاع التي نزحوا منها خلال الحرب. وعبرت الجامعة العربية هي الأخرة عن رفض التهجير.
كما صرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قائلا: “رفضُنا للتهجير، ثابت لا يتغير”، مشيرا إلى أن الموقف الأردني ثابت راسخ لا يمكن أن تحيد عنه المملكة. وقال: “نعمل وفق ثوابتنا، وحل القضية الفلسطينية في فلسطين، والأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين”.
و خاطب الصفدي البرلمان بقوله: “لا تهجير. هذا موقف ثابت لم يتغير، ولن يتغير … نتصدى بكل إمكاناتنا لكل طرح لا ينسجم مع مصالحنا الوطنية”. وفي السياق نفسه
ووصف رئيس الوزراء الأردني السابق طاهر المصري تصريحات ترامب بأنها “تعد واضح بكل معنى الكلمة، وكلام فارغ ومتحد، ومستفز وغير مقبول”. وقال المصري لـ “بي بي سي” إن “ترامب أعطى نفسه الحق بأنه يقرر ما يريد … وهو أمر مناقض تماماً للاستقرار المطلوب في الشرق الأوسط، وما يجري منذ أشهر طويلة، هدفه إنشاء شرق أوسط جديد”.
وكان من أشهر المواقف لاءات العاهل الأردني عبدالله الثاني الثلاثة التي رددها وهو يرتدي البزة العسكرية في 2019، حين قال “كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين”.
وبخصوص الموقف المصري، شدد بيان لوزارة الخارجية المصرية على “استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه”.
وقال البيان إن القاهرة “ترفض أي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل”.
شعبنا لن يرحل
أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانا قالت فيه إن “الشعب الفلسطيني رفض الاستسلام لجرائم التهجير القسري خصوصا في شمال قطاع غزة، ويرفض بشكل قطعي أي مخططات لترحيله وتهجيره عن أرضه”.
وعبرت الرئاسة الفلسطينية عن رفضها الشديد وإدانتها لأي مشروعات تهدف لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، و”هو الأمر الذي يشكل تجاوزاً للخطوط الحمراء التي حذرنا منها مراراً”.
وأضافت الرئاسة أن “الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن أرضه ومقدساته، ولن نسمح بتكرار النكبات التي حلت بشعبنا في الأعوام 1948 و1967، وشعبنا لن يرحل”.
لا لإعادة إنتاج صفقة القرن
وأكد المحلل السياسي شرحبيل الغريب- الذي يسكن قطاع غزة- وجود رفض شعبي في قطاع غزة، وحالة من السخرية من التصريحات. وأوضح الغريب أن الموقف الفلسطيني يستند إلى ثلاثة مرتكزات، وهي المستوى الشعبي، مستوى الفصائل، والمستوى الرسمي (السلطة الفلسطينية).
وقال إن هذه المرتكزات مجتمعة ترفض وتقول “لا لإعادة إنتاج صفقة القرن”، مضيفاً في خديث لـ” بي بي سي” أن “الشعب الفلسطيني صاحب الأرض. ولا يمكن أن يقبل بأن يهجر من أرضه”.
ورأى الغريب أن “التهجير القسري” مجرد وهم وقد فشل خلال الحرب أمام تمسك الفلسطينيين بأرضهم، حيث نزحوا من شمال غزة إلى الجنوب، ورفضوا أن يخرجوا باتجاه الحدود المصرية. وزاد أن إسرائيل مهدت للتهجير من خلال “قتل كل أشكال الحياة في قطاع غزة”.
واعتبر الغريب أن تصريحات ترامب تفتقر إلى رؤية وخطة حقيقية، وأنه يحاول إعادة إنتاج صفقة القرن وفرضها على المنطقة. والحال أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن فكرت في نقل بعض السكان مؤقتاً في وقت مبكر من الحرب، لكن الأردن ومصر أصرّا على رفضهما لدرجة أن واشنطن سرعان ما تخلت عن الفكرة، وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وقد شُرّد وطرد عام 1948، أكثر من 760 ألف فلسطيني خلال الحرب التي اندلعت إبان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي. ونحو 80 في المئة من سكان غزة هم أنفسهم لاجئون أو أبناء وأحفاد اللاجئين الذين تركوا منازلهم خلال “نكبة” عام 194، وهناك أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني في المنطقة مسجلين لدى وكالة الأونروا. وحصلت المزيد من عمليات النزوح خلال حرب عام 1967 التي احتلت خلالها إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية .
اليمين المتطرف يرحب
إسرائيلياً، لقيت تصريحات ترمب قبولا لدى أقصى اليمين الإسرائيلي،ورأى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن اقتراح الرئيس الأمريكي نقل سكان غزة إلى الأردن ومصر “فكرة رائعة”.
وقال سموتريتش في بيان صادر عن مكتبه “إن فكرة مساعدتهم في إيجاد أماكن أخرى لبدء حياة جديدة وجيدة هي فكرة رائعة. بعد سنوات من تمجيد الإرهاب، سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى”. وأضاف: “فقط التفكير خارج الصندوق بحلول جديدة سيوفر حلاً للسلام والأمن”.
وقال سموتريتش: “على المدى الطويل، تشجيع الهجرة هو الحل الوحيد الذي سيجلب السلام والأمن لإسرائيل ويخفف أيضاً من معاناة سكان غزة. أنا أعمل مع رئيس الوزراء ومجلس الوزراء لإعداد خطة تنفيذية وضمان تحقيق هذه الرؤية على أرض الواقع”، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت. وخلال الحرب، كتب سموتريتش عبر فيسبوك مرحباً بـ “الهجرة الطوعية لعرب غزة إلى دول العالم”.
وقال الوزير المستقيل إيتامار بن غفير، الذي انسحب حزبه من الائتلاف الأسبوع الماضي بسبب وقف إطلاق النار في غزة: “إن أحد مطالبنا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو تعزيز الهجرة الطوعية. وعندما يطرح رئيس أعظم قوة عظمى في العالم، ترامب، هذه الفكرة شخصياً، فمن الجدير أن تنفذها الحكومة الإسرائيلية – تعزيز الهجرة الآن!”.
ترامب يمتحن مصر والأردن
قال المحلل السياسي لبيب قمحاوي: “ما كانت الولايات المتحدة تفعله في السر يفعله ترامب الآن في العلن”، مضيفا أن ترامب يحاول فرض رأيه بالقوة السياسية و وقوة الدولة على كل من الأردن ومصر. وأضاف قمحاوي إن الأردن دولة فقيرة ووضعها أضعف من مصر، لكن موقف الشعب الأردني من موضوع التهجير واضح وحاسم، ولا يمكن أن يقبلوا بذلك، حتى لو قبلت الحكومة.
وزاد: “لا أعتقد أن دولة مثل مصر تفتقر إلى مقومات تُمكّنها من أخذ مواقف مستقلة، ويمكنها الصمود أمام أي ضغوط سياسية أمريكية”.
ويأتي اختيار ترامب للدولتين، لوجود حدود مشتركة مع أراضٍ فلسطينية محتلة، وفق قمحاوي. وألمح إلى أن ترامب يهدد باستعمال سلاح المساعدات وسلاح الدعم كوسيلة للضغط على الأردن ومصر من أجل القبول بذلك.
وخلال الأسبوع الماضي، جمّدت الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية، باستثناء تلك المقدمة لمصر وإسرائيل وكذلك المساعدات الغذائية الطارئة، في انتظار مراجعة كاملة لاستبيان ما إذا كانت تتوافق مع السياسة التي يعتزم دونالد ترامب اتباعها.