هذه بعض عادات المغاربة في ليلة القدر
عرف المغاربة على مر العصور بتقديس رمضان وقد تجد الواحد منهم تاركا للصلاة ولكنه يخشى أن يتهم بالإفطار في رمضان ولو كان مريضا او شيخا عاجزا عن صيام ولو نصف يوم ولا يقبل غالبيتهم بالأخذ بالأخص، ولا يستسيغون قاعدة ” الرخص” أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه. ويردون على كل مستشهد بقولهم ” وأن تصوموا خيرا لكم”.
وقدسية هذا الشهر تأتي بمخالفة الشرع والتنطع والغلو في الدين حيث العديد من النساء الحيض يمتنعن عن ما أباح الله لهن من رخصة ويخفن من أبنائهن ويتحرجن في الأكل أمامهم ويعتبرن هذا الفعل معيبا “حشومة” وهكذا نسجت الثقافة الشعبية تصورا مخالفا للشرع في غالبه. وما تحقق في السنوات الأخيرة لاسيما بعد موجة الصحوة المباركة متقدم نحو خط السنة النبوية . وقد أثمرت جهود العلماء وجمعيات المجتمع المدني في إحياء الدين وتحديثه وإعادة روحه وبريقه وتألقه.
وبالنسبة لليلة القدر فجل المغاربة يحتفلون بها محافظين على عادات آباءهم وأجدادهم حيث يشترون في مناطق ” الفاكهة” وهي خليط من اللوز ” والكركاع” والفنيذ ، والحمص، والشريحة ” التين” ويصنعون الكسكس ويحرصون على شراء البيبي ” الديك الرومي أو الدجاج البلدي ويحملون الطعام للمساجد متيقنين من البركة وحصول الأجر مع كل حبة ألف حسنة وهذا معتقدهم. كما تتزين المساجد وتنظف وتطلق فيها الأبخرة وتعطر. ويلبس الأطفال اللباس التقليدي الأبيض وتستعمل الإناث الحناء ويأخذن الصور لتاريخ المناسبة . ويكون الحرص أشد الحرص على قيام الليلة وإحيائها وعدم مغادرة المساجد. وتحتفي مناطق بمدح رسول الله وقراءة البردة والإكثار من الدعاء. وفئة ثانية تعتبر كل هذا من الخرافات والتخلف تنزوي إلى المقاهي وتقضي الليلة بعيدا عن ما تعتبره مكبلا للعقل وسببا من أسباب تخلف الأمة ولا تنظر له بمنظار الوحي ولا الأجر المحصل في الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن وخاطب فيها الباري عبيده وأغذق عليهم من نعمه. فكان غار حراء بداية ثورة على الصنمية وعبادة الأوثان والعباد ، وإقرار العبودية والعبدية لله الواحد القهار. ليلة خير من ألف شهر تتنزل فيها الملائكة تشارك المؤمنين فرحتهم وطمعهم في المغفرة والرحمة والعتق من النار.
وفئة ثالثة من المغاربة تعيش الضلال وتتمسك بحبل الشيطان تجعل من ليلة القدر ليلة للسحر والشعوذة تعلن طقوس الطاعة للكهنة والعرافين ” الشواف والشوافة” وتطلق بخورا عفنا يزكم الأنف.
وشنيع أعمال هؤلاء أنهم يصابون بهوس ووساوس قهرية ويصبحون سجناء صنيعهم المنكر .بل منهم من يطلب منها العراف (ة) أن تأتي بماء الرجل حتى يرجع كالحمار لا يعني لها أمرا. ويحجون إلى المقابر لدفن تمائمهم ( الهمزة فوق الياء جمع تميمة) وهم ينسون قول الحبيب “من اتى عرافا فسأله وصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد” أو كما قال وفي رواية لا تقبل صلاته اربعين ليلة .إنها انحرافات مؤلمة تحتاج من الدعاة والوعاظ والخطباء والإعلام والمفكرين التنبيه إليها وتحذير المغاربة من مالاتها وخطورتها على المجتمع.
وفئة أخرى تحيي هذه الليلة في الزوايا مرددة اذكار ابدع فيها شيوخ هذه الطرق واعتبروها وسائل للتقرب من الله وتزكية النفس ويصل بهم الوجد و” الحضرة ” بترداد ال ” هو” إلى السقوط صرعى وهم بذلك يخالفون توجيهات خير الأنام في إحياء الليلة بالصلاة وقراءة القرآن وصلة الرحم وكثرة الدعاء وغيرها من أعمال البر والطاعات .
والمثير انه بعد ليلة القدر تلحظ فراغ المسجد من بعض روادها لاعتقادهم أنهم اصابوا ليلة القدر وحصلوا على الخير والأجر الكثير وبالرغم من تنبيههم أنها في العشر والوتر لا يهتمون وينطلقون إلى ماربهم وأعمالهم وكأن رمضان انتهى لإحياء ليلة السابع والعشرين.
إن في هذه الليلة من النعم والخير ما لا يعد ولا يحصى ورمضان أجره تكفل به الله ولا نعرف مقداره ” الا الصوم فإنه لي وانا أجزي به ” فما على العبد الا تحري ليلة القدر والاجتهاد في إحيائها بإتباع سنة المصطفى عليه السلآم وما ثبت عن السلف الصالح من هذه الامة، اللهم لا تحرمنا أجرها واعنا على إحيائها بما يرضيك وتقبل منا صالح الاعمال.
عبد الرحيم مفكير