“نيويورك تايمز” بالجرم المشهود – فؤاد بكر
لطالما كانت الصحافة السلطة الرابعة التي تسلط الضوء على معاناة الشعوب، وصوت من لا صوت له، وبينما نقل عدد من الصحفيين وحشية الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفظاعة جرائم الحرب التي ارتكبها في لبنان، استهدفتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية، ما أدى إلى استشهاد العشرات منهم، وليس ذلك فقط منذ السابع من أكتوبر، بل ما قبل ذلك بكثير، ونستذكر منهم شيرين أبو عاقلة، عندما هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي تابوت نعشها للانتقام منها وهي على فراش الموت.
وفي ظل الصمت الدولي وعدم اتخاذ إجراءات حقيقية تحاسب الاحتلال الإسرائيلي وتعاقبه على جريمة اغتيال الصحفيين، الذين لا يمتلكون سوى سلاح الحقيقة ونقل الصورة الحقيقية، إذ ترسل نيويورك تايمز أحد صحفييها المصورين، ليس من أجل نقل حقيقة المعاناة ووحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي، بل لقلب الحقائق ومساندة جيش الاحتلال الإسرائيلي للقتال إلى جانبه في قطاع غزة.
وبينما تقوم المقاومة الفلسطينية بالدفاع عن أرضها إثر الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة، تمكنت قوات الشهيد عمر القاسم الذراع العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خلال معركة التصدي ومواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيت لاهيا القضاء على عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، واستولت على سلاحهم ومقتنياتهم، وكان من ضمنهم الصحفي البرازيلي “تايلر بورتر هيكس” الذي يعمل كمصور في صحيفة نيويورك تايمز، والذي كان يخوض القتال ضد الشعب الفلسطيني ليحتل أرضهم، ويساعد إسرائيل في إبادتها الجماعية ضد الفلسطينيين.
فبتاريخ 10 ديسمبر 2024، أصدر أبو خالد، المتحدث الرسمي باسم “قوات الشهيد عمر القاسم”، بلاغا عسكرياً أعلن فيه عن نجاح هذه العملية، وأكد أن الصحفي البرازيلي التحق بقوات الاحتلال الإسرائيلي، وساهم في الأعمال العدائية ضد الشعب الفلسطيني، كما نشرت قوات الشهيد عمر القاسم جواز سفره الصادر عام 2012 والمنتهية صلاحيته من العام 2017.
لقد دخل تايلر بورتر هيكس بذات جواز السفر إلى قطاع غزة، عندما التقط صور أبناء عائلتي “عائلة بكر” في المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل على شاطئ البحر، والتي قتل من خلالها 4 أفراد من بينهم أطفال على شاطئ البحر في قطاع غزة، ونشر مقالة حينها في نيويورك تايمز حول ذلك بتاريخ 16/07/2014.
لم يكن تايلر بورتر هيكس صحفيا، بل كان مجرم حرب يختبئ بحصانة الصحفي الأميركي، ويخدع الشعب الفلسطيني بأنه ينقل الحقيقة، ولكنه في الواقع كان ينقل معلومات للعدو الإسرائيلي، وأمام هذه الفضيحة، يترتب على نيويورك تايمز توضيح ما جرى، وما إذا كانت مشاركته في جرائم الاحتلال الإسرائيلي هو بطلب رسمي منها، أم بمبادرة فردية، وإذا كان بمبادرة فردية وهي تعلم ارتباطه بجيش الاحتلال، فلماذا أبقته في وظيفته؟ ولعدم توضيح نيويورك تايمز هذه الحادثة إلى الآن، ومحاولتها التستر على هذه الجريمة بحق الصحافة، يطرح مئة علامة استفهام حول الدور الذي تؤديه ليس فقط في قطاع غزة، بل أينما وجدت حركات التحرر الوطنية المناهضة للكيان الصهيوني في العالم.
ومن هنا، يجب على الاتحاد الدولي للصحفيين التحرك العاجل واتخاذ الخطوات اللازمة، حيث أن الصحفي الذي يرتدي الكوفية الفلسطينية يتهم بعدم الحيادية ويعاقب على ذلك باعتبارها جريمة ويطرد من وظيفته تعسفيا، فكيف بالصحفي الذي يشارك بالأعمال العدائية ويكون شريكا في جريمة إبادة جماعية؟