نورالدين قربال يكتب: الهيآت السياسية والتنمية الإفريقية
الحياة السياسية
يتيح الاختيار الديمقراطي الممارسة السياسية الديمقراطية، ويعرف التحول الديمقراطي دينامية رغم الواقع الإفريقي المعقد، مما يتيح للتنمية السياسية التفاعل مع الواقع المعيشـ والمساهمة في تحقيق الأمن، وتأمين الطاقة، وتطوير الثقافة السياسية. كل هذا يصب في التنمية المستدامة بناء على نشر التكوين والـتأهيل والوعي وتبني التعددية والتعايش والتسامح. كل هذا مرتبط بالخبرة في التدبير السياسي، ووضوح الرؤية، وصناعة السياسات العمومية، والسياسة العامة، والتأثير خارج السلطة في إطار التكاملية بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية. والمساهمة في التتبع والتقويم، وتجنب الصراع الذي يؤدي إلى عطالة سياسية، وجمود سياسي.
إن الحياة السياسية مرتبطة بفكرة محركة، بناء على مرجعية واضحة، ذاتية وكونية، تعتمد على الوسطية والاعتدال والتعاون والتضامن مع الغير على الخير، والإصلاح في ظل الاستقرار، وتحفيز الشباب على الانخراط في الحياة السياسية الإفريقية باعتبارهم المكون البنيوي للقارة الإفريقية. ودورهم استراتيجي في المساهمة في صناعة السياسية العامة والعمومية، لأنها جوهر الحياة السياسية، وضرورة للشروع في التعامل مع البرامج الاستراتيجية. والارتباط بالواقعية السياسية، بناء على المعرفة والتضامن والتعاون
والتحرر والاستقلالية. ومن تم يبقى سؤال الديمقراطية ورشا مفتوحا على مستوى الساحة الإفريقية.
ونذكر في هذا الصدد بالمؤتمر السياسي للاتحاد الإفريقي أيام 25-27 والذي رفع شعار نحو التزام جماعي من أجل تدبير البنى التحتية لتوفير جودة العيش للمواطنات والمواطنين والدول، ومواجهة النزاعات، وسفك دماء الأبرياء.
إفريقيا وقضايا السلم والازدهار والتعاون
تم تعزيز الارتباط بين السلم والأمن والتنمية من قبل مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي في اجتماعه 1134 يوم 27 يناير 2023. بناء على إعلان طنجة، والذي كان ضمن جدول أعمال رؤساء الدول والحكومات بفبراير 2023. حيث خضع للمناقشة والمصادقة في القمة 36. وفي هذا الإطار لابد من الهيآت السياسية أن تساهم من أي زاوية كانت في:
-تعزيز البنى التحتية للسلم وطنيا وقاريا وعالميا.
-تغليب منطق الحكمة من أجل بسط الأمن والاستقرار.
-تبني رؤى استباقية تعزز الاختيار الديمقراطي على جميع المستويات.
-استشعار المصلحة العامة للقارة وتجاوز الرغبات الذاتية المولدة للنزعات العنيفة.
-إدماج الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون ضمن السياسات العمومية الوطنية والقارية وفي المشاريع القانونية والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف.
-دعم كل مجهود يدعو إلى السلم والأمن والحد من النزاعات من خلال الدبلوماسية الموازية في إطار الديمقراطية التشاركية.
-تطوير بنيات التواصل وتبادل الخبرات والتجارب بين الهيآت المهتمة بالسلم والأمن داخل القارة في إطار توحيد الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.
-اعتماد مبدأ جلب المصلحة ودرء المفسدة في أفق المصالحة مع الجميع.
-توحيد الصف الإفريقي واستشعار التكالب الدولي على القارة. والحذر من المؤامرات الدولية التواقة إلى التجزئة ونشر البلبلة.
-التعاون القاري على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في إطار شراكة جنوب-جنوب ورابح-رابح وتعزيز مبدأي التعاون والتضامن.
-إعطاء القيمة النوعية للنساء وتبوئهن المكانة اللائقة بهن في البناء التنموي والحضاري للقارة، في إطار المناصفة والمساواة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
إفريقيا المنشودة
إذا كان نساء ورجال إفريقيا قد سجلوا لحظات تاريخية مشهودة من أجل طرد الاستعمار، فالمطلوب اليوم توحيد الإرادات من أجل بناء الأمن والسلم والتضامن والازدهار. وهذا مرتبط بتعزيز هيآت ديمقراطية تتسم بالاستقلالية والقوة، والمسؤولية والوضوح.
إننا مطالبون جميعا بتجاوز أفكار الحرب الباردة واستشعار أن العالم اليوم بعد جائحة كورنا والحرب الأوكرانية الروسية أننا ولجنا دورة حضارية جديدة، لها أبعاد عالمية أمنية وصحية وتقنية وبيئية واقتصادية واجتماعية وغذائية وطاقية وإنسانية. إن جدلية الأمن والسلم والاستقرار والازدهار حاصلة في بعدها الاستراتيجي، ولا بد من فهم وإدراك هذه المعادلة، والتي تحتاج إلى إجابات جماعية.
إفريقيا تملك كل شيء من أجل أن تتبوأ المكانة اللائقة بها على جميع المستويات. لذلك فهي محطة أطماع وتنافس عالمي، لكي تواجه مشاكل أمنية مما ينعكس على دورتها التنموية. لذلك هناك أولويات يجب على كل المواطنات والمواطنين والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، التعاون والمساهمة في مقاربتها مقاربة إيجابية نحو: الأمن والاستقرار السياسي والمؤسساتي والتغيير المناخي وتأثيره على الأمن الغذائي وعقلنة ندرة المياه وتأثيرها على القطب الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وأخيرا وليس آخرا نؤكد ضرورة على تعزيز مبادئ حقوق الإنسان، واحترام القانون، والتعاون على السلم والأمن والاستقرار، وتحقيق الاكتفاء القاري بالإقلاع الاقتصادي وتثبيت ثقافة العيش المشترك والمستقبل المشترك، مع الأخذ بعين الاعتبار أجندة 2063، وخطة التنمية المستدامة لعام 2030.