نقاش مدونة الأسرة أو الشجرة التي تخفي الغابة – رشيد وجري
فضح نقاش مدونة الأسرة وكشف بالملموس خبث، رعونة وعورة العلمانيين وأشباه “الحقوقيين” والمتهافتين من أذنابهم الذين يحاربون الله ورسوله ودين الإسلام جهارا نهارا ويحقدون على ثوابته كلما سنحت لهم الفرصة في الوقت الذي يبجلون ويقدسون ما تمليه عليهم الجمعيات والمنظمات “الحقوقية” الدولية (التي سقط ما بقي عندها من “مصداقية” و”قيمة” إن كانت لها أصلا)، فأي جرأة على الله عز وجل هاته وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى دينه الإسلامي السمح؟! و قد تأكد لنا بالملموس المقولة التي مفادها: أن اللاديني أو اللائكي أو العلماني العربي يؤمن بحرية اللباس إلا النقاب، ويؤمن بحرية الرأي إلا الفتوى، ويحترم جميع الأديان إلا الإسلام للأسف الشديد ..
نحن اليوم في غنى عن نقاش الكثير من المسلمات والبديهيات في ديننا الحنيف (اللهم إذا أردنا تبليغها والتعريف بها) لأننا وبكل بساطة ننتمي إلى دولة إسلامية بنص دستورها يحكمها أمير المؤمنين ومن مؤسساتها الدستورية المجلس العلمي الأعلى “الأخرس” الذي لا تسمع له ركزا في قضايا الأمة الحقة والمصيرية بكل أسف، لكن وبكل أسف يخرج علينا اللائكيين عباد الهوى والشهوة والنزوة، ويريدوننا أن نحيد عن طريق الهدى والحق ونتبع سبيل أهل الغي والضلال والفجور دون حياء وندخل معهم جحور الضِّباب على قذارتها وضيقها!
بلى إن هؤلاء الأقزام المغرضين المستلبين يناقشوننا ويجادلوننا في النصوص القطعية الثبوت والدلالة (آيات الفرائض نموذجاً) وهم في الحقيقة لا يرفضون هذه الآيات فقط بل رفضهم وامتعاضهم من القرآن الكريم و الدين الإسلامي الحنيف ككل عياذا بالله لكنهم يدركون أن الأمة والرأي العام والمجتمع سيثور عليهم ويكشف زيفهم وغوايتهم لو طلبوا بذلك مباشرة ويكتفون بإثارة الفتنة والبلبلة في نقاش مثل هكذا آيات على أن يغتنموا كل فرصة أتيحت لهم للنيل من الشرع الشريعة، ويتحاشون أو لنقل يتجاهلون مناقشة المشاكل الجوهرية والحقيقية التي تعاني منها مؤسسة الأسرة والمجتمع ككل والتي تحتاج فعلا إلى حلول وإبداء الرأي والخروج بمبادرات عملية لمعالجتها من قبيل:
- الارتفاع الكبير لنسب الطلاق (سجلت مختلف أحكام الأسرة في المغرب نحو 300 ألف حالة طلاق عام 2022، أي بمعدل 800 حالة كل يوم).
- والارتفاع الكبير كذلك لنسب العنوسة (كشف تقرير حديث صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، تفشي “العنوسة” في صفوف المغربيات البالغات 15 سنة فأكثر، حيث إن 40.7 بالمائة لا يزلن “أسيرات” العزوبة في 2022، فيما تصل هذه النسبة إلى 28.3 بالمائة لدى الذكور)
- تفشي ظاهرة الأمهات العازبات (وكشفت معطيات جمعية إنصاف أن أغلب النساء العازبات هن ضحايا الاغتصاب أو إغراءات كاذبة أو وعود بالزواج، مشيرة إلى أن عدد الأمهات العازبات تجاوز 1600 أم في سنة 2020، أغلبهن ينتمين إلى المحيط الحضري)
- ارتفاع عدد الأطفال المتخلى عنهم الذين ولدوا خارج مؤسسة الزواج (أكثر من 3 آلاف سنويا) (في دراسة ميدانية بعنوان: “مغرب الأمهات العازبات“، يطالعنا رقم جديد مفاده أن 153 طفلا يولدون يوميا خارج مؤسسة الزواج في المغرب. في نفس الدراسة، تعطي جمعية “بيبي ماروك” أرقاما إضافية، حيث تتوزع نسبة الأمهات العازبات بين 75 في المائة في المدن، و24 في المائة في القرى).
- العزوف الخطير عن الزواج وتكوين أسرة (نسبة العنوسة)
- التفكك الأسري والأخلاقي.
- تدمير القيم والعلاقات الأسرية .
- الفقر المدقع والعوَز..
إن الأسرة اليوم التي عانت وتعاني الأمرين تدق ناقوس الخطر وتصرخ في وجه كل من له مسؤولية عنها وكل الأوصياء والغيورين عليها وعلى الوطن ببلدنا أن يجدوا لهذه المشاكل والتحديات الحقيقية حلولا عملية واقعية محترمين فيها الهوية الإسلامية الطاهرة والخصوصية المغربية بمعناها السامي وصورتها الجميلة حتى يتلقاها المجتمع المعتز بهويته بالقبول ويحترمها ويعمل على تنزيلها وتطبيقها باقتناع، وما يزيد من هذه المعاناة معاناة أخرى أشد مضاضة على الأسرة من وقع الحسام المهند وهي هذه الفئة الضالة اللاوطنية العاقة للوطن والمستلبة من الرويبضة من الجنسين والمتصدرة لمنابر دعاوى “الإصلاح المزعوم” والذين يتهجمون على القيم والهوية والأسرة والوطن، تارة باسم الاجتهاد وتارة باسم الانفتاح وتارة باسم مواكبة العصر وتارة باستناد إلى ما يمليه الغرب الحاقد والجمعيات والمنظمات الدولية “الحقوقية” و”المثلية” المتفسخة.
وكل هذا العداء لكل ما هو إسلامي طاهر وخصوصية راقية وقيم سامية إذ أصبحوا يناقشون المسلمات لدى أغلب المغاربة المسلمين الأحرار من (إرث) و(والتعدد الذي لا يتجاوز نسبة 1 بالمائة أو أقل) يتغافلون عن التحديات الكبرى والحقيقية السالفة الذكر ويا ليت هدفهم كان فعلا إصلاح الأسرة ورقيها وازدهارها كم يزعمون، بل هدفهم الخفي الظاهر أن يجعلوا الأسرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام وأن يسهل عليهم تلبية شهواتهم ونزواتهم المريضة ويجدوا المرأة في المتناول حيثما أرادوا متحللين من أية مسؤولية أو حساب …
إن أي إصلاح لمدونة الأسرة اليوم في مغربنا الإسلامي لكي يكتب له النجاح لابد أن يحترم المبادئ التالية:
- احترام المرجعية والهوية الإسلامية أولا قبل كل شيء.
- الانصباب على المشاكل الحقيقية للأسرة والابتعاد عن غيرها من إثارة الفتن وتشكيك الناس في دينهم.
- احترام قواعد الاجتهاد ومن أهل الاختصاص والكفاءة.
- إبعاد أهل الفسق والفجور والعداء للهوية المغربية عن التقرير في مصير المغاربة الأحرار؟
وفي خلاصة القول إن كل إصلاح حقيقي لمدونة الأسرة لا يحترم الهوية الإسلامية والخصوصية المغربية الراقية فهو خراب و استيلاب وليس إصلاح، فعندما تكون الأسرة قوية منسجمة ومستقرة، تنعكس آثارها الإيجابية هاته على المجتمع ككل وعلى الوطن أيضا، لذا، يجب علينا أن نحرص على تعزيز أواصر المودة والرحمة والتعاون داخل أسرنا على الدوام حتى نتفادى مجموعة من المشاكل والتحديات التي تعاني منها أسرنا اليوم للأسف الشديد.