ندوة علمية بمكناس تتدارس موضوع” المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية: تاريخ ومقاربات”

نظم كل من الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية فرع مكناس، ومركز مداد للأبحاث والدراسات، الندوة العلمية الوطنية في موضوع:”المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية: تاريخ ومقاربات”، تفعيلا لبنود اتفاقية الشراكة والتعاون المبرمة بين الجمعية والمديرية الإقليمية لوزارة  التربية  والوطنية  والتعليم والرياضة  بمكناس، وذلك يوم السبت 16 شعبان 1446هـ/15 فبراير 2025م بالمركز الإقليمي للتكوينات والملتقيات سباتا مكناس.

وانطلقت أشغال الندوة بجلسة افتتاحية ترأسها  فضيلة  الأستاذ  الدكتورعبد الجليل بوسيف منسق شعبة  التربية الإسلامية بالمركز الجهوي  لمهن  التربية والتكوين  بمكناس، وقررت أعمالها الأستاذة الفاضلة  لطيفة  كريني  عضو  مكتب الجمعية، حيث تم الافتتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم من طرف الأستاذة المتدربة  سهيلة  كمل  بشعبة  التربية الإسلامية بالمركز الجهوي بمكناس، تلتها كلمة المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بمكناس فضيلة الدكتور محمد كليل الذي بين من خلال تأطيره العام  أهمية الحديث عن المنهاج الدراسي  وتطوير المناهج.

وقدم الدكتور عبد الوهاب الحاجي رئيس مركز مداد للأبحاث والدراسات في كلمته إشارات متعلقة بثمرة الجهود العلمية المبذولة في هاته الندوة الوطنية، التي توجت على شكل كتاب جماعي محكم موسوم ب”المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية-تاريخ ومقاربات- ضمن سلسلة منشورات مركز مداد رقم:26، بتعاون مع الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية – فرع مكناس.

وفي كلمته ذكَّر  الدكتور عبد العزيز الإدريسي رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية – فرع مكناس بأهمية هاته الندوة في إطار إصلاحات المنظومة التربوية العامة، وفي ظل التحديات المرتبطة بتطوير المناهج والبرامج المتعلقة بمادة التربية الإسلامية، مبينا قيمة الندوة في مقاربة هذا الموضوع بناء على ثنائية التاريخ والمقاربة، بتعاون ثلة من الخبراء ممارسين وأساتذة جامعيين ومفتشين ومؤطرين، هذا التناول يحقق النظرة التكاملية والشمولية في مقاربة المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية.

وأبرز الدكتور رئيس الجلسة عبد الجليل بوسيف مكانة موضوع الندوة وأهميته بالنسبة لجميع الباحثين والمهتمين في الميدان، لارتباطه بما يتوخى ويرتجى من مادة التربية الإسلامية من إسهام في تطوير منظومتنا التربوية وتجويدها، وتخريج جيل مرتبط بقيمه وفي لثوابته  الدينية والوطنية محافظ على هويته الحضارية والثقافية.

 وبعد الجلسة الافتتاحية؛ انطلقت أشغال الجلسات العلمية للندوة بمحاضرة افتتاحية ترأسها الدكتور محمد الحاجي الدريسي أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة  بفاس، وقرر أعمالها  الأستاذ  محمد  العبووي ، من تأطير الخبير التربوي وأستاذ ديداكتيك العلوم الدكتور  فؤاد شفيقي، والمفتش  العام  للوزارة في موضوع: “المنهاج الدراسي المغربي تحديات وتحولات”، حيث نظم فضيلة الدكتور كلمته في أربع نقاط أجملها فيما يلي:

  • مدخل مؤطر للموضوع .
  • تطور المناهج بالمغرب وذكر فيه الكرونولوجيا التاريخية التي مر منها هذا التطور الذي انتقل بالتعليم من مجرد استرداد المعارف إلى تنمية كفايات وإلى ما ينبغي أن تكون عليه الدول الصاعدة 
  • الممارسات البيداغوجية في إطار المناهج الحالية.
  • الرهانات المجتمعية في مقابل التحولات، وقد أكد فضيلة الدكتور على خمس تحولات و خمس تحديات نوقشت في المؤتمر الدولي المنعقد في نيويورك سنة 2022 والملخصة فيما الآتي:

 

التحول نحو مدرسة دامجة تضمن تكافؤ الفرص/مدرسة تعلم وتكسب كفايات للحياة وللعمل وتضمن الارتقاء بالتنمية المستدامة/مدرسة تتوفر على مدرسات ومدرسين ذو كفاءة عالية/مدرسة تضمن ربطا وثيقا بين التعليم والتعلم والتطورات الرقمية، بما فيها الذكاء الاصطناعي بأجياله الحالية والمستقبلية/ مدرسة تستطيع تأمين مواردها المالية والمادية والبشرية على المدى البعيد وتسعى للاستثمار الأمثل لهذه الموارد.

ثم رصد الرهانات المجتمعية والمتمثلة  في: السبل التي تمكن من حفاظ الأجيال المقبلة على هويتها  موروثها الثقافي الحضاري/السبل الممكنة لتوطيد علاقة الانسان المعاصر بالتطورات التكنولوجية/ السبل الممكنة من توطيد علاقة مجال الكسب )كفاءات، مهن…(بالتطورات التكنولوجية/السبل الممكنة للحفاظ على كوكب الارض للأجيال المقبلة/السبل الممكنة من العيش المشترك وضمان الأمان محليا ووطنيا وكونيا.

في  ختام  المحاضرة  الافتتاحية  وكعادتيها قامت الجمعية والمركز بتقديم  تذكار  الوفاء  وخطاب شكر  وعرفان لفضيلة  الدكتور  فؤاد  شفيقي  اعترافا  بجهوده  الطيبة والمباركة في خدمة المنظومة التربوية ولما عهدنها عليه من تضحيات وعطاءات، كما تم إهداء كتاب الندوة  له وللسيد  المدير  الإقليمي  للوزارة بمكناس.

الجلسة العلمية الأولى:

ترأسها فضيلة الأستاذ عبد الفتاح العركاب  قيدوم  أساتذة المادة  بمكناس، وقرر أشغالها فضيلة الأستاذ  هشام  معتصم، عرفت تقديم أربع مداخلات :

بدء بمداخلة الدكتور عبد المنعم الدقاق في موضوع:”المعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية: الإطار النظري والتطور التاريخي”، الذي بين من خلال ورقته العلمية في الموضوع الإطار المفاهيمي للمعرفة الشرعية مبينا خصائصها ومعرجا على شروط المعرفة المنهاجية من نقل الديداكتيكي وأثره على هاته المعرفة وكذا مراعاة خصائص المتعلمين، ثم الارتباط بالواقع الثقافي والاجتماعي للمتعلم، وأيضا الاستمرارية والتكامل والانسجام بين مختلف الموضوعات المدرجة ضمن المادة الواحدة. ليختم مداخلته بذكر التطور التاريخي للمعرفة الشرعية في مادة التربية الإسلامية انطلاقا من 1956ومرورا على سنة 2000 وصولا إلى مرحلة منهاج 2016.

ثم مداخلة الدكتور مصطفى الفاتيحي حول موضوع:”الدرس القرآني في مادة التربية الإسلامية: تاريخ ومقاربات”، الذي انطلق في مداخلته من إشكال هوية مادة التربية الإسلامية؟ وأثر المقاربة البيداغوجية المعمول بها على تنظيم المادة الشرعية الموظفة والمستثمرة؟ووظيفة المعرفة في منهاج مادة التربية الإسلامية؟ ولتقريب الأجوبة على هاته الإشكالات بين فضيلة الدكتور تاريخ تدريس القرآن الكريم بالمملكة المغربية منذ فترة الاستعمار إلى سنة 2016 مع منهاج مادة التربية الإسلامية.

كما أشار فضيلة الدكتور إلى المقاربات المعتمدة في اعتماد القرآن الكريم وفق المنهاج الحالي بدءا بالمقاربة الابستمولوجية  ثم  البيداغوجية ، ثم المقاربة الديداكتيكية ، ليختم مداخلته ببيان استجابة المنهاج لتحديات الواقع ومسايرة خطاب التربية الإسلامية للعالم المتغير .

ثم مداخلة الدكتور محمد الصنهاجي الذي حاول من خلال موضوع مداخلته:”الدرس الحديثي في مادة التربية الإسلامية تاريخ ومقاربات” أن يشير  إلى موقع الدرس الحديثي في منهاج مادة التربية الإسلامية الصادر سنة 2016 في ظل ما عرفته تدريسية مادة التربية الإسلامية من تطورات في المنظومة التربوية المغربية، كما عرَّج على ذكر أهمية المعرفة الحديثية والتي تكمن أساسا في تحصين وتدعيم هوية الأمة الإسلامية وتعزيز انتماءها وتميزها الثقافي والحضاري .

ثم ألقى فضيلة الأستاذ نظرة تاريخية لمسار المعرفة الحديثية في منهاج مادة التربية الإسلامية منذ 1957إلى يومنا هذا، قاس فيها حضور المعرفة الحديثية من خلال الوثائق الرسمية لمادة التربية الإسلامية، ثم ختم مداخلته بذكر مقاربات وطرائق تدريس المعرفة الحديثية في مادة التربية الإسلامية.

لتُختم هاته الجلسة العلمية الأولى بمداخلة غنية ماتعة لفضيلة الدكتور محمد فارس في موضوع:”إدماج القيم في مادة التربية الإسلامية”، حيث خصص الدكتور مداخلته للحديث عن مكون ضروري من مكونات المنهاج التعليمي ألا وهو القيم، كما أكد فضيلته على أن الاشتغال الذي يكون غير قاصد يجعل كل قيمة تحملها المعرفة قيمة معتبرة من غير تحديد أو ترتيب أو تصنيف فتتوالى وتتواتر على المتعلم وتتراكم وتتكاثر عليه دون أن يخضعها للاكتساب الواعي بها وبمكانتها في النسق القيمي، كما رصد فضيلته حضور القيم في برامج ومناهج مادة التربية الإسلامية من خلال مرحلتين: المرحلة الأولى التي غطت السبعينيات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وتمثلت فيما يلي: الحضور القيمي مقصود ومصرح به/المعالجة الديداكتيكية للقيم ظلت ضمنية/ تقويم القيم بقي مهملا/ المقاربة التي حكمت هذه المرحلة هي الخلفية السلوكية المؤطرة للتدريس الهادف.

المرحلة الثانية التي استندت إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي صدر في 1999م  والتي تميزت بما يلي:

التصريح بالقيم في التدريس والتقويم على تفاوت/تصنيف القيم تصنيفا مختارا/تحديد القيم المقصودة وعلاقتها بباقي القيم أو القيم الفرعية/ إعمال الكفايات في بناء القيم من خلال إدماجها في التدريس والتقويم .

الجلسة العلمية الثانية:

ترأسها فضيلة  الدكتور عبد الوهاب الحاجي، وقررت  أشغالها  فضيلة  الأستاذة إكرام بهطاط وتضمنت أربع مداخلات:

افتتحت الجلسة العلمية الثانية بمداخلة في موضوع:”الدرس العقدي في مادة التربية الإسلامية: تاريخ ومقاربات”  من طرف فضيلة الدكتور محمد الأنصاري/ والدكتور محمد الحاجي الإدريسي ، قدم من خلالها الدكتور محمد الأنصاري مدخلا تأطيريا لقيم العقيدة الإسلامية مبينا تعميم الدرس العقدي في المنهاج الحالي (يونيو2016) في مختلف الأسلاك والمستويات وفق مقاربة تعتمد التأصيل القرآني للعقيدة والابتعاد عن الخلافات الكلامية مع الحرص على ربط المضامين العقدية بالعمل والامتدادات السلوكية في حياة المتعلم، ثم ختم الدكتور الفاضل مداخلته بالمرور  على أهم مراحل  تطور تدريس العقيدة في التعليم المدرسي المغربي  مركزا على تدريس العقيدة الإسلامية في ظل المنهاج الحالي لمادة التربية الإسلامية .

ثم أعطى مسير الجلسة الكلمة لفضيلة الدكتور محمد القاسمي ليتحدث عن :”الدرس الفقهي في مادة التربية الإسلامية : تاريخ ومقاربات”، أشار الدكتور الفاضل بعد تقديمه للموضوع إلى تاريخ تدريسية الفقه في مادة التربية الإسلامية بالمغرب من خلال رصد وتوصيف هاته المحطات مركزا على المعرفة الفقهية في ظل مرحلة التدريس وفق المقاربة بالكفايات ، ثم ختم مداخلته بذكر مراجعة وتقويم حول تدريس الفقه في مادة التربية الإسلامية ، ليختم مداخلته بذكر أهم التغييرات التي طرأت على منهاج المادة والتي كان لها أثرا سلبيا وإيجابا على تدريسية الفقه مما يحتاج إلى دراسة مستقلة للخلوص إلى رؤية علمية وموضوعية.

لنقف في هاته الجلسة مع  موضوع لا يقل أهمية عن ما سبقه ألا وهو:”الدرس السيري في مادة التربية الإسلامية: تاريخ ومقاربات”، قدمه فضيلة الدكتور عبد العزيز الإدريسي، حيث حاول الأستاذ الفاضل تتبع  ورصد مختلف المقاربات التي تُعين على التعامل مع السيرة النبوية في المنظومة التعليمية التعلمية  من خلال تشخيص الوثائق المؤطره لسيرورة تدريس مفردات السيرة النبوية وموقعها ضمن بنية المعرفة الشرعية، بالإضافة إلى تحليل الخلفيات المعرفية والمرجعيات البيداغوجية والضوابط المنهجية للدرس السيري وفقا للتحولات والتعديلات التي عرفها منهاج مادة التربية الإسلامية، ثم ختم مداخلته ببيان تموقع السيرة النبوية في مادة التربية الإسلامية واعتبارها من أهم مكونات المنهاج .

ثم اختتمت هاته الجلسة العلمية الثانية بمداخلة الدكتور مراد لمرابط/ والدكتور عمر آيت أوعمرو، في موضوع “المعرفة الشرعية في التعليم الأصيل: تاريخ ومقاربات”، بين فيها الدكتور عمر آيت  أوعمر مكانة وموقع التعليم الأصيل ضمن النظام التعليمي في بلدنا والتعديلات التي طرأت عليه، راصدا أهم التحديات والمشاكل التي يعاني منها  منطلقا من تاريخه بالمغرب منذ 1912 إلى مرحلة ما بعد صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين.

وتم في ختام هاته الجلسة العلمية الوطنية واعتبارا للجهود المبذولة تقديم الشهادات وختمت بالدعاء الصالح.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى