مشاركون في ندوة اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح يدعون لتعزيز الحقوق والحريات
دعا المشاركون في ندوة نظمتها اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح مساء أمس الخميس 15 دجنبر 2022، المغرب إلى التنزيل الفعلي لحقوق الإنسان، والقطيعة مع الردة الحقوقية التي تعرفها بعض المجالات، مذكرين أن المملكة المغربية كانت من أوائل الدول المتفاعلة إيجابا مع آلية الاستعراض الدوري الشامل وانتظام التقارير المرفوعة إلى المنتظم الدولي.
وأكد رشيد فلولي مسؤول اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح في افتتاح الندوة، أن الهدف من تأسيس اللجنة، هو تعزيز حضور الحركة في الشأن الحقوقي الوطني والدولي، والتعبير عن مواقف الحركة من القضايا ذات الطابع الحقوقي، مشيرا إلى أن هذا العمل يعتبر من مداخل الإصلاح وأداء الأدوار الإصلاحية للحركة، ومن بين الوسائل المهمة لنصرة القضايا الإنسانية العادلة ورفع الحيف والظلم وإقرار الحقوق والحريات.
الفعل الحقوقي مدخل لتحقيق رسالة الحركة
وأوضح فلولي أن الفعل الحقوقي مدخل لتحقيق رسالة الحركة، مشيرا إلى مميزات تأسيس اللجنة الحقوقية، من كونها تنهل من المرجعية الإسلامية والمبادئ الإسلامية المكرسة لحقوق الإنسان والحريات، وتعبر عن مواقف الحركة في القضايا الحقوقية التي تنسجم ومنطلقاتها الإسلامية.
وأبرز فلولي، أن للجنة اهتمام كبير بقضايا دولية ذات بعد حقوقي في العالم الإسلامي، وقامت بعدد من المبادرات، سعت من خلالها لعقد شراكات والتنسيق في عدد من القضايا الحقوقية من بينها ندوات استدعت فيها هيئات حقوقية، وتندرج الندوة الحالية في السياق نفسه.
وقد انتقد المشاركون في ندوة ”الوضع الحقوقي ببلادنا في ظل تقرير الاستعراض الدوري الشامل للمغرب”، التقرير الوطني الأخير المقدم في الدورة الرابعة لآلية الاستعراض الشامل لكونه صيغ دون إشراك فعلي للمجتمع المدني والأطياف السياسية، مطالبين بالخروج من منطقة التردد في إقرار الحقوق والحريات.
واستعرض الفاعل الحقوقي في جنيف عزيز إدامين التحول الحاصل في آليات حقوق الإنسان منذ 2006، موضحا أن الإصلاح لهياكل الأمم المتحدة أفضى إلى تحويل لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية إلى مجلس حقوق الإنسان مع منحه آلية الاستعراض الدوري الشامل، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ميزة هذه الآلية أنها شاملة ولا تستثني أي دولة في العالم، علاوة على أن لها قوة إلزامية، مع السماح للمجتمع المدني وأصحاب المصلحة بتقديم تقارير “الظل” أو التقارير “الموازية”، إلى جانب تقارير المؤسسات الوطنية المصنفة في خانة “أ” و”ب”.
وقدم الخبير الحقوقي قراءة لتعامل المغرب مع الدورات الأربع لآلية الاستعراض الشامل، مسميا جولة 2008 بـ”الاستكشافية” بالنسبة للدولة وحتى المجتمع المدني الذي قدم 8 تقارير موازية، مسجلا في الآن نفسه كون جولة 2012 محطة “مقامرة” حيث شارك المغرب إلى جانب جمعيات كثيرة لتصل التوصيات إلى 120 توصية. ووصف جولة 2017 بـ”الاحترافية” للدولة والمجتمع المدني مع بلوغ عدد التوصيات 244 توصية، معتبرا جولة 2022 محطة “ارباك”.
تغييب جمعيات فاعلة قبل تقديم تقرير المغرب
وانتقد الخبير غياب الاستشارات والنقاشات وإشراك الجمعيات الفاعلة قبل تقديم تقرير المغرب خلال هذه السنة، مستدركا أنه لا يمكن نفي مشاركة بعض الجمعيات الفاعلة، موضحا أن الجمعيات يمكن أن يكون لها تأثير واسع عبر منطق “اللوبيغ” الذي يترافع عند الدول من أجل الحصول على توصيات تعزز منظومة حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن مرجعية الاستعراض الدوري الشامل هي الاتفاقيات الدولية الشاملة لحقوق الإنسان مع إمكانية تحفظ الدول.
وأضاف المتحدث، أن 120 دولة قدمت للمغرب 304 توصيات متقاطعة برسم الجولة الرابعة لآليات الاستعراض الدوري الشامل، موضحا أن المغرب له الحق في رفضها دون إلزام، لكن في حال قبولها تكون ملزمة له ويساءل عن تنفيذها، مشيرا إلى أنها تنقسم إلى توصيات تطالب بالمصادقة على اتفاقيات وبروتوكولات من إلغاء الإعدام والمحكمة الجنائية الدولية، وتوصيات تدعو لنظام مفتوح للزيارات، وتوصيات حول عرض التقارير بشكل منتظم، وأخرى حول التشريعات المتعددة، وتعزيز أدوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وانتقد ادامين الانتهاكات المسجلة في مجال الرأي والصحافة والتعبير، موضحا أن الصحافيين الثلاثة هم عنوان عريض لانتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب، وأن المغرب رفض استقبال عشرات المقررين في مجال حقوق الإنسان، وفرض شروط على آخرين.
رفض تنميط جمعيات المجتمع المدني
ودعت عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان عزيزة بقالي القاسمي المغرب إلى الوفاء بالتزاماته الوطنية والدولية عبر تفعيل حقوق مواطنيه بشكل نافذ، موضحة أن آليات الاستعراض الدوري الشامل وباقي الآليات الأممية تتيح للدول تطوير أدائها في مجال حقوق الإنسان، رافضة في الوقت نفسه تنميط جمعيات المجتمع المدني لكون ساحة الفعل الحقوقي المشترك كبيرة جدا.
ورأت البقالي أن المغرب كان حريصا على التفاعل مع الآليات الأممية إلى درجة أنه كان من أوائل الدول التي تفاعلت مع آلية الاستعراض الدوري الشامل، إلى جانب انتظام تقاريره المقدمة للمنتظم الدولي، وأشارت إلى أن التقرير الأخير لم يأخذ وقتا كافيا للنقاش كما هو معهود على المغرب، مضيفة أن التقرير حاول التركيز على جهود المغرب في عدة مجالات.
وأكدت المتحدثة، أن هناك إتفاق على وجود قضايا محل إجماع تم تحقيق تطور فيها، منبهة إلى إجماع في وجود فجوة بين وضع القوانين وبين تنزيلها على أرض الواقع، مشيرة إلى أن جائحة كورونا ألقت بثقلها على فعلية حقوق الإنسان، موضحة أن هناك توصيات قدمت للمغرب تمس بمرجعيته القيمية والدستورية لا يمكن القبول بها، ممثلة لذلك بإلغاء تجريم العلاقات خارج مؤسسة الزواج، وقضية الزواج من غير المسلم، وتعديل الإرث..
وأوضحت الناشطة الحقوقية أن العديد من التوصيات الأخرى المتفق بشأنها تسعى في مجملها إلى تكريس فعلية حقوق الإنسان بالمغرب، داعية إلى أن تكون التعديلات في مجال الأسرة تصب في تكريس الحقوق الأساسية للنساء والفتيات والأسرة واحترام الحق في المعتقد. مضيفة أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان حاضرا في الاستعراض الدوري الشامل وقدم 26 توصية.
وأضافت البقالي أن من تلك التوصيات مراجعة مدونة الأسرة في ما يخص تزويج أقل من 18 سنة، وملاءمة القوانين الوطنية مع الدولية خاصة المسطرتين المدنية والجنائية والقانون الجنائي وقانون منع العنف ضد النساء، وقانون الجمعيات وتقنين الفضاء الرقمي لمنع العنف ضد النساء، وتفعيل المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والمجلس الاستشاري للشباب والمجتمع المدني، والهيئة الوطنية للمناصفة، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
وأوضحت المتحدثة، أن التأخر في تنصيب المجالس السابقة تسبب في عدم تنزيل مجموعة من الحقوق والحريات، مشددة على ضرورة تنزيل كل التوصيات الكثيرة المتوافق عيها من لدن كل الأطياف المجتمعية، في المقابل دعت المغرب ألا يكون جوابه عن التوصيات المختلف حولها سياسيا بل أن يأتي عبر محطات من النقاش والحوار المجتمعي، بما يتوافق مع مرجعياته.
حقوق الإنسان في المغرب.. انفتاح وتردد
وانتقد المحامي والفاعل الحقوقي عبد الصمد الإدريسي حالة التردد الحقوقي الذي يطبع مسار حقوق الإنسان بالمغرب، موضحا أن المغرب مر خلال الـ20 سنة الأخيرة من انفتاحين في مجال حقوق الإنسان؛ الأول انطلق خلال فترة الانصاف والمصالحة والإفراج عن المعتقلين لكن سرعان ما عرف المغرب ردة حقوقية بدأت مع الأحداث الإرهابية في المغرب.
وأشار الفاعل الحقوقي إلى أن الانفتاح الثاني كان مع دستور 2011، موضحا أنه بعد إقراره ظهر انفتاح للمغرب على آليات الاستعراض الدوري الشامل ومع باقي الآليات الأخرى، مشيرا إلى وجود نقاشات حقيقية لتقارير المغرب في جولتي 2012 و2017 قبل تقديمه في مجلس حقوق الإنسان الدولي، لكنه رأى أن ذلك المسار الحقوقي لم يستمر، معللا ذلك بوجود تردد على إقرار واحترام حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا.
وأوضح الإدريسي أن المغرب لا يعرف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لكنه في المقابل ليس جنة للحقوق، مؤكدا أن إشراك المجتمع المدني والأطياف المجتمعية في قضية الحقوق والحريات لم يعد أولوية في السياسات العمومية، ممثلا لذلك بعدم حضورها في البرنامج الحكومي، والهيكلة الحكومية الجديدة، مشددا على ضرورة الوفاء بالالتزامات الدولية واقعيا وليس شكليا فقط.
وأوضح المتحدث أن المغرب يظهر في الوهلة الأولى على أنه يتعامل مع آلية الاستعراض الشامل ولكن عند التدقيق يتبين أن ذلك شكليا، لافتا إلى أن المغرب لم يعد يكترت للتقارير الدولية والوطنية وأن الإعلام الرسمي يهاجم المنظمات الدولية، منتقدا في الوقت نفسه استمرار اعتقال الصحفيين والمحاميين والمدونين، موضحا أن المغرب يعيش انتهاكات في حق التنظيم والتجمع والتظاهر، متسائلا إذا كان المغرب لم يحل مشكل عدم تسليم الوصولات للجمعيات فكيف نطمع في ما هو أكبر؟
ودعا المحامي إلى توفير الحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان وهم القضاة والمحامون والنشطاء الحقوقين والصحفيون، منتقدا النبش في الحياة الخاصة الذي اتسمت به المرحلة الأخيرة. ودعا الإدريسي إلى الاهتمام بضرورة إحداث الوعي بالآليات الحقوقية، موضحا أن التأثير الحقوقي اليوم لا يتأسس على الدينامية الداخلية بل كذلك بالانخراط في الآليات الدولية، موضحا أن مساحات الالتقاء في الجانب الحقوفي كبيرة جدا.
موقع الإصلاح