مولاي أحمد صبير يؤطر محاضرة في موضوع “أسرار من خطبة حجة الوداع”
نظمت حركة التوحيد والإصلاح بإقليم البرنوصي سدي مومن يوم الجمعة 08 ذو الحجة 1445 هـ الموافق 14 يونيو 2024 عبر منصة زووم، محاضرة بعنوان: أسرار من خطبة حجة الوداع أطرها الأستاذ مولاي أحمد صبير الإدريسي عضو المكتب التنفيذي الوطني مكلف بالعمل الثقافي.
وخلال المحاضرة بمناسبة الأيام العشر الأوائل من شهر ذو الحجة، أوضح مولاي أحمد صبير أن خطبة الوداع التي تخللت شعائر الحج، كانت لقاءً بين أمة ورسولها؛ وكان لقاء توصية ووداع، و توصيةَ رسول لأمته، لخص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامة، بعد أن أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح للأمة في أمر دينها ودنيها، اجتمع فيها من أرسله الله رحمة للعالمين مع الجموع المؤلفة خاشعين متضرعين، وكلهم آذان صاغية لكلمات الوداع وكلمات من لا ينطق عن الهوى {إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:4) كلمات تجد صداها عند كل من يستمع لها، لأنها تخرج من القلب إلى القلب.
وأضاف المتحدث أن الدنيا بأسرها – بلسان حالها ومقالها – أنصتت لتسمع كلام أصدق القائلين وهو يقول: أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، لقد أنصتت الدنيا بأسرها – بلسان حالها ومقالها، لتسمع قوله صلى الله عليه وسلم وهو يُلخص لأمته، بل للبشرية جمعاء مبادئ الرحمة والإنسانية، ويرسي لها دعائم السلم والسلام، ويقيم فيها أواصر المحبة والأخوة، ويغرس بأرضها روح التراحم والتعاون؛ وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم – بما أطلعه الله عليه – أنه سيأتي على الناس حين من الدهر يودِّعون فيه هذه المبادئ، ويلقونها ورائهم ظهريا، ويسيرون في عالم تسود فيه معايير القوة والظلم – ظلم الإنسان لأخيه الإنسان – ويُقدم فيه كل ما هو مادي على ما هو إنساني.
واستعرض المحاضر ما تضمنته خطبة الوداع من مبادئ وتوصيات، فوقف الأستاذ على بعضٍ منها، وجاء في معرض حديثه:
- المبدأ الأول حرمة سفك الدماء بغير حق، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: ( أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وحرمة شهركم هذا..) فأين أمة الإسلام اليوم من تطبيق هذا المبدأ، وقد أخذ بعضها برقاب بعض، وتسلط القوي فيها على الضعيف، وآل أمرها إلى ما هو غير خاف على أحد، حتى أضحت في موقع لا تحسد عليه، وقد كرر عليه الصلاة والسلام هذه الوصية في خاتمة خطبته – كما ذكر ابن هشام في سيرته – مؤكدًا ضرورة الاهتمام بها بقوله: “تعلَمُنَّ أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين أخوة، فلا يحل لا مرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب منه، فلا تظلمن أنفسكم..”
- المبدأ الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، دماء الجاهلية موضوعة…وربا الجاهلية موضوع..)وهذا نص واضح، وتصريح صارخ أن كل ما كان عليه أمر الجاهلية قد بَطَل، ولم يبقَ له أي اعتبار، بل هو جيفة منتنة، لا يمكن أن ينهض بأمة، بَلْهَ أن يبني حضارة تكون هدى للبشرية، بل هو إلى الهدم والخراب أقرب.
- وثالث المبادئ في خطبته صلى الله عليه وسلم وصيته بالنساء خيرًا”واستوصوا بالنساء خيرًا ” ما أروعها من وصية، وما أحرى بالإنسانية اليوم أن تلتزم بها وتهتدي بهديها، بعد أن أذاقت المرأة أشد العذاب – تحت مسمى حرية المرأة – ودفعت بها إلى مهاوي الذل والرذيلة، وجردتها من كل معاني الكرامة والشرف، تحت شعارات مزيفة، لا تمت إلى الحقيقة في شيء، لقد جهل أصحاب تلك الشعارات بل تجاهلوا الفرق بين كرامة المرأة وحقوقها الطبيعية التي كفلها لها شرع الله، وما نادوا به من شعارات تطالب بحرية المرأة، وهي عند التحقيق والتدقيق دعوة لاستباحة الوسائل المختلفة للتمتع بالمرأة والتلهي بها.
- أما المبدأ الرابع فكان وصيته عليه الصلاة والسلام لأمته التمسك بكتاب ربها والاعتصام به، مبينًا أنه سبيل العزة والنجاح” وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله ” صدقت يا رسول لقد ضمنتَ لأمتك الأمان من كل شقاء وضلال إذا هي تمسكت بهدي هذا الكتاب. وهل وصلت أمة الإسلام إلى ما وصلت إليه إلا بهجر كتاب ربها وترك منهج نبيها، ولا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
وختم الإدريسي بقوله: بكم هي البشرية اليوم بحاجة ماسَّة – بعد أن وصلت إلى ما وصلت إليه – إلى مراجعة نفسها وتدارك أمرها والاهتداء بهدي من أرسله الله رحمة للعالمين، فهل تفيء البشرية إلى رشدها أم تبقى في غيِّها لا تلوي على أحد، ولا تُقيم وزنًا لدين أو خلق.
توفيق الابراهيمي