موجة غضب بالأوساط التربوية بسبب تصريحات الوزير برادة في حق أساتذة ومدارس العالم القروي

خلّف تصريح لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة غضبا واسط غضبا واسعا بعدما شكّك في دور المدرسة العمومية ووصف الأساتذة بـ”المكفسين” ودعوته لتسجيل الأبناء بالعالم القروي في المدارس الرائدة حتى لو كانت بعيدة.
جاء ذلك بعد سلسلة متواصلة من الأخطاء الفادحة؛ التي ارتكبها الوزير كان آخرها التأخر غير المبرر في الرد على فضيحة “صفقات الأدوية”، قبل إصدار بيان توضيحي الذي جاء متأخرا وفاقدا لتأثيره.
وجرى تداول مقطع فيديو على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي تصريحات غريبة للوزير يتحدث فيها عن التعليم العمومي، داعيا الآباء في العالم القروي إلى نقل أبنائهم الى أفضل المدارس ولو كانت بعيدة حتى لو اضطروا إلى الاشتراك في النقل المدرسي.
و قال الوزير برادة إن على الأسر سحب أبنائها من المدارس العادية وتسجيلهم في المدارس الرائدة التي تقدّم أفضل تعليم، حتى إن كانت بعيدة عن البيت. وذكر الوزير أن “الأساتذة المكفسين” أو الأقل تجربة يوجدون في الدواوير، حيث يشتغل خمسة أو ستة أساتذة مع 46 تلميذًا، بسبب اعتبارات انتخابية.
وأثارت هذه التصريحات موجة سخط وانتقادات لاذعة، حيث اعتبر فاعلون تربويون أن دعوة الوزير لتدريس الأبناء في مدرسة جيدة ولو كانت بعيدة يدل على اعتبار الحكومة المدرسة العمومية مجرد عبء، لا حقا دستوريا ولا استثمارا في مستقبل الوطن، واعتراف ضمني بفشل الحكومة في ضمان تعليم عمومي قريب، منصف وذي جودة، وتحويل المدرسة إلى امتياز طبقي، وموت فكرة العدالة المجالية التي دعا إليها الملك في خطابه الموجه إلى نواب الأمة في افتتاح البرلمان.
وفي رد فعل تصعيدي، قررت فعاليات مدنية توجيه عريضة من أجل كرامة التلميذ القروي وضد انفصال وزارة التربية الوطنية عن واقع المواطنين، موجّهة إلى الملك محمد السادس رئيس الدولة وضامن حقوق وحريات المواطنين.
وجاء في العريضة “إن التصريحات التي أدلى بها الوزير بخصوص التمدرس في الوسط القروي تعكس عجزاً تدبيرياً وانفصالاً اجتماعياً لا ينسجمان مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي”.
واعتبر الموقعون على العريضة أن قيام الوزير بتبرير بُعد المدارس عن التجمعات السكانية بمقارنة معاناة الطفل القروي، الذي يضطر لقطع كيلومترات أو انتظار نقل غير مضمون، بتجربته الشخصية حين درس في الخارج. هذه المقارنة المغلوطة تعتبر إهانة لمعاناة الأسر القروية، وتعكس عجزاً عن فهم الشعب الذي يُفترض أن يخدمه.
كما أكدوا أن إبعاد المدرسة عن الدوار بدعوى “الجودة” يتجاهل عمدا الحواجز الاجتماعية والثقافية. فالبعد الجغرافي هو السبب الأول في الانقطاع الدراسي للفتيات. مشيرين إلى أن هذه السياسة تُناقض كل الجهود الوطنية لتحقيق المساواة وتعرض الفئات الأكثر هشاشة للإقصاء.




