من النكسة إلى الحرب على غزة.. 57 عاما من الإبادة والتهجير
يوافق الأربعاء 5 يونيو الذكرى السنوية الـ57 لما يُعرف عربيا باسم النكسة أو حرب عام 1967، التي انتهت بانتصار جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجيوش العربية، واحتلالها مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية.
ورغم مرور هذه السنوات الطوال على الحرب، إلا أن الفلسطينيين يقولون إنهم يعيشون عام 2024 “حرب إبادة” تشنها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء.
وتحل ذكرى النكسة هذا العام مع استمرار حرب جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر2023، مخلفة عشرات آلاف من الشهداء والجرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
وبموازاة حربه على غزة، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته بالضفة، مخلفا 527 شهيدا ونحو 5 آلاف جريح منذ 7 أكتوبر، إضافة إلى آلاف الاعتقالات، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
بداية الحرب
اندلعت الشرارة الأولى للحرب، بعد إقدام القوات الجوية للاحتلال الإسرائيلي على شن هجوم مباغت على قواعد سلاح الجو المصري في سيناء، 5 يونيو 1967. وأطلق الاحتلال على هذه الحرب اسم “الأيام الستة”، وذلك من باب التفاخر بالمدة الزمنية القصيرة التي هزمت خلالها الجيوش العربية.
انتهت حرب 1967 عسكريا، لكن تبعاتها السياسية والجغرافية لم تنته بعد، حيث تواصل احتلال الضفة الغربية، وتشن حربا على قطاع غزة، إلى جانب ضم القدس والجولان لحدودها، والمضي في المشاريع الاستيطانية بمدينة القدس.
وقد أدت الحرب إلى مقتل نحو 20 ألف عربي و800 “إسرائيلي”، دمّرت وفق دراسات تاريخية، ما يقدّر بنحو 70 إلى 80 بالمئة من العتاد العسكري في الدول العربية، بينما لحق الضرر بنحو 2 إلى 5 بالمئة من عتاد تل ابيب العسكري. وخلال الأيام الستة، احتلت “إسرائيل” الضفة الغربية وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء المصرية وجنوب لبنان ومرتفعات الجولان السورية.
تهجير واستيطان
ترتب على النكسة، وفق إحصائيات فلسطينية، تهجير نحو 300 ألف مواطن من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة؛ معظمهم نزح إلى الأردن. وتزايدت سياسات الاعتقال بحق الفلسطينيين منذ ذلك الوقت، ويذكر جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني الرسمي، في تقرير أخير، أنه تم تسجيل أكثر من مليون حالة اعتقال منذ عام 1967، ويشير إلى وجود نحو 9 آلاف و400 أسير حاليا في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الصعيد الاستيطاني، يشير تقرير الإحصاء الفلسطيني إلى أن “عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية للاحتلال الإسرائيلي بلغ نهاية عام 2022 في الضفة الغربية 483 موقعًا، منها 151 مستعمرة (مستوطنة) و25 بؤرة مأهولة تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة”.
كما يتحدث التقرير عن “163 بؤرة استعمارية، و144 موقعا آخر يصنف مناطق صناعية أو سياحية أو خدماتية ومعسكرات للجيش”.
ويقول جهاز الإحصاء الفلسطيني إن عدد المستوطنين في الضفة الغربية “بلغ 745 ألفا و467، وذلك في نهاية عام 2022، معظمهم يسكنون محافظة القدس بواقع 336 ألفا و272 مستعمرًا”.
ما بعد الحرب
استمر الاحتلال الإسرائيلي العسكري المباشر، للضفة الغربية وقطاع غزة، حتّى تأسيس السلطة الفلسطينية، عقب توقيع اتفاقية أوسلو للسلام (بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل) عام 1993، والتي ترتب عليها تطبيق نظام الحكم الذاتي، في تلك الأراضي.
وكان من المقرر إقامة دولة فلسطينية مستقلة، إلى جانب “إسرائيل”، عقب انتهاء المرحلة الانتقالية عام 1999، وإنهاء الاحتلال لأراضي الضفة وغزة، حسبما تنص اتفاقيات أوسلو للسلام. لكن الكيان الإسرائيلي تنصل من التزاماتها، وبدلا من ذلك عزز الاستيطان في أراضي الضفة الغربية، وأعاد عام 2002 احتلال مناطق خضعت للسلطة الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو، لتتعطل المفاوضات السياسية منذ فشل آخر جولة مباحثات عام 2014 بسبب إصرار إسرائيل على بناء المستوطنات.
وعام 1982، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء المصرية، تطبيقا لمعاهدة السلام التي أبرمت بين مصر وإسرائيل عام 1979. أما مرتفعات الجولان، التي تعتبر أرضًا سورية محتلة، بحسب قرارات الشرعية الدولية، فرفض الكيان الإسرائيلي الانسحاب منها ، حيث قرر في 14 ديسمبر 1981 ضمها بموجب قانون أصدره الكنيست (البرلمان).
ولم يعترف المجتمع الدولي بالقرار ورفضه مجلس الأمن الدولي، في قرار يحمل رقم 497 صدر في 17 ديسمبر/ كانون الأول 1981.
نضال مستمر
يقول بسام الصالحي، أمين عام حزب الشعب الفلسطيني (أحد فصائل منظمة التحرير)، في حديث للأناضول، إن “شعبنا يحيي هذا العام ذكرى النكسة وسط حرب إبادة تشنها إسرائيل في قطاع غزة وحرب موازية في الضفة الغربية”.
ووفق الصالحي فإن “النكسة كانت هزيمة عربية غير أن الشعب الفلسطيني ورغم المأساة في ذلك الحين، استثمر الحالة الناشئة وانطلق بالثورة الفلسطينية المعاصرة، واستعاد من خلالها الهوية الفلسطينية وحقق اعترافات بمنظمة التحرير”، مضيفا “اليوم، بعد 7 أكتوبر ليس كما قبله.. حالة النضال مستمرة والمستقبل سيكون بكل تأكيد أفضل مما كان عليه”.
وأشار الصالحي إلى أنه “رغم كل هذه السنوات الطويلة من الاحتلال ما يزال وسيبقى الشعب الفلسطيني قادرا على المواجهة والصمود والنضال من أجل تحقيق الاستقلال”، لافتا
إلى أن إسرائيل اليوم “تتوحش في قطاع غزة، وتسرق وتصادر الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، في المقابل سيبقى النضال مستمرا”.
عن وكالة الأناضول بتصرف