من إنجازات المسلمين في رمضان 14| فتح البوسنة والهرسك.. غصة أوروبا

يحفل تاريخ المسلمين بإنجازات حضارية تمت في شهر رمضان الكريم لازالت بادية للعيان؛ يشهد بعضها على عبقريتهم ورقيهم، ويدلل البعض الأخر على حيازتهم قصب السبق في مجالات معرفية متعددة، حتى سارت بها الركبان كما يقال.

وكان عطاء المسلمين في شهر رمضان مضرب مثل على القدرة على بين العمل والإبداع من جهة، وأداء الشعائر التعبدية من جهة أخرى، فلم يعرف عنهم فتور بسبب الصيام والقيام، بكل كان حافزا لهم في درب الجود والعطاء.

ولا ينحصر رصد “سلسلة إنجازات المسلمين في رمضان” على إيراد الملاحم التي يشتهر بها شكر رمضان، بل يمتد إلى سرد الانجازات في مناحي متعددة، حتى لا يحسب على هذا الشهر أن شهر الغزوات والمعارك الكبرى فقط وإنما فيه عطاءات في العلم والمعرفة والتقنيات.

شكل فتح البوسنة والهرسك غصة في حلق أوروبا. وتروي “موسوعة المعارف العربية” أن العثمانيين دخلوا البوسنة والهرسك فاتحين في رمضان سنة 790 هجرية، بعد معركة (سهل قوص أوه).

وقد دارت رحاها بين الجيش العثماني بقيادة السلطان مراد الأول، والذي بلغ تعداده قرابة ستين ألفاً، والجيش الصربي والبلغاري بقيادة ملك الصرب لازارجر لينانوفتش، وبلغ تعداد مائة ألف، حيث وقعت بينهما معركة من أعظم المعارك في التاريخ.

ويبسط الكاتب سيد حسين العفاني في كتابه “نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان” نتائج هذا الفتح ومنها: “انتصر المسلمون انتصاراً عظيماً، وأخذ الإسلام ينتشر في تلك البقاع حتى تحولت مناطق كاملة إلى الإسلام كما هو الحال في البوسنة والهرسك وكوسفو وغيرها”.

ويروي الكاتب خلفيات هذا الفتح في أنه: “في سنة (781) إحدى وثمانين وسبعمائة تحالف ملك الصرب الجديد “لازارجر بلينانوفتش” مع ملك البلغار على مهاجمة المسلمين، لكنهما بعد عدة مناوشات تحققا من عجزهما عن هزيمة العساكر الإسلامية، فأبرما صلحاً مع السلطان مراد، على أن يدفعا له خراجاً سنويّاً”.

ويبين أن هذا الصلح لم يستمر طويلا إذ نقضه النصارى، وبدأوا يعدُون العدة لمحاربة المسلمين، إلا أن العثمانيين لم يمهلوهم فاجتاحت جيوشهم بلاد البلغار وهزمت ملكها واحتلت مدُنها، وانتهى الأمر بأسر ملك البلغار.

ولما علم ملك الصرب لازار بذلك بدأ يستعد لمواجهة المسلمين فألَّف جيشاً من الصرب والبوسنة والهرسك والألبان والأفلاق والبُغدان وتعاهد الجميع على محاربة المسلمين والاستيلاء على الدولة العثمانية، وبلغ الخبر مسامع السلطان مراد.

ودقَّت طبول الحرب وسار الجيش الإسلامي إلى الأعداء فالتقاهم في سهل “قوص أوه” سنة (791) إحدى وتسعين وسبعمائة ونشب القتال بين الجانبين ووثب المسلمون على النصارى والتحموا معهم في القتال التحاما.

ومما تسبب في هزيمة الصرب هو انحياز صهر ملك الصرب بفرقته إلى المسلمين أثناء المعركة، ودارت الدائرة على الصربيين، وجرح ملكهم لازار، ثم وقع أسيراً في يد المسلمين، وانتصر المسلمون على الصربيين وكانت من المعارك الحاسمة في تاريخ أوروبا الشرقية.

غير أن السلطان مراد الذي قاد هذه المعركة استشهد في ختامها، وقد أورد الكاتب سيد حسين العفاني في كتابه “نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان” أنه: “بعد المعركة أخذ السلطان مراد يتمشى بين الجثث.. إذ قام من بينها جندي صربي اسمه “ميلوك كوبلوفتش” فطعن السلطان بخنجر طعنة قاضية”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى