الأونروا بقطاع غزة.. الاحتلال يحاصر ويُعَطِّل منظمات الإغاثة الإنسانية
تُعد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) أكبر منظمة إنسانية في قطاع غزة، والعمود الفقري لعملية الإغاثة هناك، إذ تدير الملاجئ التي تضم أكثر من مليون شخص، وتوزع الغذاء، وتوفر الرعاية الصحية الأولية، وتنسق الخدمات اللوجستية لعمليات إيصال المساعدات الإنسانية.
ومنذ اليوم الأول لبدء عداون الاحتلال على غزة عقب طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، استنفرت فرق الأمم المتحدة العاملة على الأرض، وقدمت المساعدات الغذائية للآلاف من النازحين الذين لجأوا إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) التي تحولت إلى ملاجئ.
ولجأ في الأيام الأولى للعدوان على غزة أكثر من 130 ألف شخص إلى 83 مدرسة تابعة للأونروا، ليصل إجمالي النازحين حتى مطلع 2024 إلى 1.9 مليون شخص، بعضهم نزح أكثر من مرة.
وبذلت الوكالة جهودا كبيرة من أجل إيصال المساعدات للغزيين في ظل عدوان متواصل لشهور طويلة، خاصة بعد إغلاق المعابر ومنع الاحتلال “الاسرائيلي” دخول المساعدات الانسانية للقطاع.
وواجهت المنظمة ظروفا صعبة، وباتت هدفا للاحتلال، بعد اتهام بعض موظفيها بالضلوع في الهجوم المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر على جنوب كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ودفع هذا الاتهام طرد الأمين العام للأمم المتحدة لـ 9 موظفين بالأونروا من العمل في القطاع، وإعلان بعض الدول الغربية وقف تمويلها للوكالة (التي تُشغل حوالي 13 ألف شخص في غزة) رغم تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع محاصر ويتعرض لحرب إبادة وتجويع.
واتهمت الأونروا الاحتلال بتعذيب عدد من موظفيها الذين اعتقلتهم في غزة، وإرغامهم على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب وسوء المعاملة أثناء استجوابهم بشأن هجوم السابع من أكتوبر.
وجاء قرار وقف تمويل (الأونروا) بهدف إنهاء دورها كشاهد على حق العودة، في وقت تعاني فيه من نقص التمويل للوفاء بتعهداتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، خاصة بعد ارتفاع أعدادهم بسبب العدوان الذي يمنع وصول الحاجات المعيشية الضرورية إلى السكان المدنيين .
واستعادت الوكالة بعد مموليها بعد فبراير 2024 كإيرلندا والسويد وكندا وإسبانيا والنرويج، وإيطاليا بعد جهود ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، لأن الوكالة تمثل “شريان الحياة الذي لا غنى عنه” في قطاع غزة بالحصوص، لكن ذلك لم يوقف مضايقات واعتداءات الكيان المحتل.
وفي شهر يونيو 2024 أعلنت “الأونروا” أن قطاع غزة يمثل أخطر الأماكن في العالم على عمال الإغاثة، حيث قضى 193 من موظفيها خلال العدوان على قطاع غزة، وهو أكبر عدد من القتلى في تاريخ الأمم المتحدة.
كما تعرضت مباني الوكالة في قطاع غزة لـ 453 استهدافا، منذ بداية العدوان على القطاع مما أثر على المباني والأشخاص الموجودين بداخلها، مشيرة إلى أن 524 شخصا قتلوا بينما كانوا يحتمون داخل منشآتها في القطاع، كما تعرض ثلثا مدارسها للقصف.
معاناة المنظمات الإغاثية في غزة
وتعمل داخل قطاع غزة المحاصر عشرات من المنظمات والمؤسسات الدولية على تحسين مستوى الأوضاع المعيشية لسكان القطاع، المحاصر منذ سنة 2007 . ومن أبرز هذه المنظمات الدولية: الصليب الأحمر الدولي، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وكل هذه الهيئات والمنظمات، نالت نصيبها من مضايقات وعدوان الاحتلال الذي منع في الفترة ما بين 1 يناير و12 فبراير وصول نصف البعثات التي خططت لها المنظمات الشريكة في مجال العمل الإنساني لتقديم المساعدات وإجراء التقييمات في المناطق الواقعة شمال وادي غزة.
ويعد برنامج الأغذية العالمي أحدث منظمة إنسانية اضطرت إلى وقف مساعداتها المنقذة للحياة في شمال غزة، قائلة إن الظروف لا تسمح بالتوزيع الآمن للغذاء.
وتتسبب الإجراءات الإدارية المطوّلة وغير المتوقعة لتسليم المساعدات إلى غزة بإعاقة الوصول إلى المعدات المنقذة للحياة والإمدادات لمرافق الرعاية الصحية. واستغرق دخول الإمدادات إلى غزة أحيان كثيرة أسابيع عديدة بسبب إجراءات التفتيش وتعنت قوات الاحتلال ومسؤوليه.
وإذا رفض الاحتلال السلطات أيا من المواد خلال عملية التفتيش، يتم إعادة الشحنة بأكملها إلى مصر. ومع عدم وجود قائمة رسمية للمواد المحظورة، مُنعت أطباء بلا حدود باستمرار من استيراد مولدات الطاقة وأجهزة تنقية المياه والألواح الشمسية والعديد من المعدات الطبية.