ملفّ الصحراء المغربية يدشّن مرحلة حاسمة

عرفت السنوات الأخيرة، تطورات لافتة في قضية الصحراء المغربية، أهمها الاعتراف الأمريكي ثم الفرنسي بسيادة المغرب على صحرائه. وبات مؤكدا أن القضية دخلت إلى مرحلة جديدة عنوانها “أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية”، كما أوضح جلالة الملك في خطابه الأخير أمام مجلسي البرلمان.

إن تخصيص ملك البلاد، خطابه الموجه لأعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من هذه الولاية التشريعية؛ كاملا لقضية الصحراء دون غيرها من القضايا؛ يؤكد الانتقال إلى مرحلة جديدة في مسار هذا الملف، حيث حثّ جلالته “الجميع” وليس البرلمان فقط، على “المزيد من التعبئة واليقظة” خلال هذه المرحلة، “لمواصلة تعزيز موقف بلادنا، والتعريف بعدالة قضيتنا، والتصدي لمناورات الخصوم”.

وممّا يفيد أيضا انتقال ملف قضية الصحراء إلى مرحلته الحاسمة، تأكيد جلالة الملك في خطابه على انتصار المغرب في هذه القضية خلال المراحل السابقة بقوله “واليوم ظهر الحق، والحمد لله؛ والحق يعلو ولا يعلى عليه، والقضايا العادلة تنتصر دائما”. وفي الوقت الذي وصف فيه ملك البلاد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا اللتين اعترفتا بسيادة المملكة على كامل تراب الصحراء بـ”الدول الوازنة، الدائمة العضوية في مجلس الأمن”، وصف الدول التي لم تعترف بعد بمغربية الصحراء ب “الدول القليلة” التي “ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ”.

وعلى الرغم من تحقيق الانتصار في المراحل السابقة، فإن المرحلة المقبلة تقتضي “تضافر جهود كل المؤسسات والهيآت الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، وتعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها”، كما أكد على ذلك جلالة الملك.

إنّ دعوة جلالة الملك “الجميع” للدفاع عن قضية الصحراء كل من موقعه يعد اعترافا ضمنيا، أنه لا يمكن للمغرب حسم هذا الملف لصالحه خلال المرحلة المقبلة دون “تظافر جهود الجميع”، وهو ما عبر عنه جلالته بصيغة أخرى حين قال “إن ما حققناه من مكاسب، على درب طي هذا الملف، وما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية اقتصادية واجتماعية، كان بفضل تضامن جميع المغاربة، وتضافر جهودهم، في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية والترابية”.

وللإشارة، فقد تجاوز عدد الدول الداعمة لمخطط الحكم الذاتي 110 دولة، كما قررت حوالي 30 دولة عربية وإفريقية ومن أمريكا وآسيا فتح تمثيليات دبلوماسية لها في مدينتي العيون والداخلة.

ويرتقب في القريب العاجل أن تنضم بريطانيا إلى قائمة الدول التي اعترفت بسيادة المغرب على كامل ترابه. وقد وجه خلال هذه السنة حوالي ثلاثين من البرلمانيين واللوردات البريطانيين رسالة إلى وزير الشؤون الخارجية ديفيد كاميرون؛ دعوا فيها في مبادرة ثنائية الحزبية الحكومة البريطانية إلى دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي.

وقال منتدى كامبريدج للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو مركز تفكير تابع لجامعة كامبريدج البريطانية في تقرير له خلال شهر أكتوبر الجاري، إن مخطط الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب لحل النزاع المفتعل حول وحدته الترابية يمثل “المقترح الأكثر مصداقية والأوسع قبولا” لحل هذا النزاع الإقليمي، واعتبر أن اعتراف المملكة المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه سيُعزز استثمارات المملكة المتحدة وشركائها في الأقاليم الجنوبية، مما سيسهم في إنشاء قطب اقتصادي وتجاري إقليمي، وبالتالي دعم التقدم الاقتصادي وتعزيز تكامل منطقة غرب إفريقيا.

يمكن القول ختاما، إن حسم هذا الملف لصالح المغرب بات مسألة وقت ليس إلا، ومهما ناور خصوم الوحدة الترابية من أجل عرقلة إنهاء هذا النزاع المفتعل فإنهم سيفشلون؛ لأن القضايا العادلة تنتصر دائما كما أشار إلى ذلك جلالة الملك، كما أن المنطقة المغاربية في حاجة اليوم إلى الوحدة والاستقرار أكثر من أي وقت مضى، ولا يمكن لهذه الوحدة أن تتحقق إلا بعد حسم ملف قضية الصحراء.

وحركة التوحيد والإصلاح، ما فتئت تؤكد على حاجة المنطقة المغاربية إلى الوحدة. فقد أكدت على سبيل المثال في البيان الختامي الصادر عن الجمع العام الوطني السابع الذي انعقد شهر أكتوبر 2022، على “حاجة المنطقة المغاربية إلى استعادة خطاب الوحدة والتعاون والتضامن ورفض التجزئة والنزاع والتوتر”.

كما عبرت الحركة بوضوح في البلاغ الصادر عن اللقاء السنوي المطول لمكتبها التنفيذي بضواحي مدينة تارودانت شهر يوليوز 2023 أن “كل المواقف والمساعي لتقويض وحدتنا استهداف للاستقرار بالمنطقة وخدمة مجانية للمشروع الصهيوني في منطقتنا المغاربية، وترسيخ لمنطق التجزئة الاستعماري ومعاكسة لإرادة الشعوب المغاربية”.

وفي بيان مجلس الشّورى المنعقد أخيرا يومي 19 و20 أكتوبر 2024 جددت الحركة الدعوة إلى تغليب لغة الحوار والتعاون وحسن الجوار، وتفويت الفرصة على مخططات استهداف المنطقة الرامية إلى التجزئة وزعزعة الاستقرار وجعلها مسرحا للصراع والفتنة بما يخدم المشروع الاستعماري الصهيوني.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى