مقرئو رمضان.. قناديل إيمانية تضيء مساجد المغرب

خصصت وكالة “الأناضول” تقريرا لتسليط الضوء على مساجد المملكة القلب النابض في الليالي الرمضانية.
فمع حلول شهر رمضان من كل عام، تشهد المساجد في المغرب اهتماما متزايدا باستقطاب مقرئين شباب من مختلف مناطق المملكة، لضمان تلاوات عذبة خلال صلاة التراويح.
يأتي هذا الاهتمام في إطار الحفاظ على تقاليد دعم المقرئين الشباب، وتوفير أجواء إيمانية تُعمِّق التجربة الروحية للمصلين.
وحسب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، يصل عدد المساجد في البلاد إلى 51 ألف مسجد، 72 بالمائة منها تقع في المناطق القروية.
وإضافة إلى الأئمة الرسميين التابعين لوزارة الأوقاف، يسعى القائمون على هذه المساجد خلال رمضان إلى التعاقد مع مقرئين شباب من مناطق تشتهر بمعاهد وكتاتيب تحفيظ القرآن.
أجواء إيمانية
في هذا السياق، يقول الباحث المغربي في الشأن الديني محمد بولوز إن المقرئين الشباب يضفون أجواءً إيمانية على المساجد خلال رمضان، مما يجعل التجربة الدينية أكثر عمقا وتأثيرا على المصلين.
وفي حديثه للأناضول، أوضح بولوز أن هؤلاء المقرئين يساهمون خلال شهر رمضان في تعزيز الأجواء الإيمانية للمصلين عبر تجديد الطاقة الروحية، وجذب الشباب إلى المساجد، وإضفاء التنوع على أساليب التلاوة، فضلا عن تعزيز التواصل بين الأجيال.
تقدير كبير
ونظرا لدورهم الفاعل، يحظى هؤلاء المقرئون بتقدير كبير، حيث تُبذل جهود للحفاظ على دورهم في إثراء الحياة الروحية، خاصة خلال الشهر الفضيل. وضمن هذا التقدير، وفق بولوز، يتم توفير السكن والرعاية لهم، لا سيما في المناطق التقليدية والريفية.
وأضاف بولوز أن هؤلاء المقرئين يتلقون كذلك دعما ماليا وعينيا من تبرعات المصلين، سواء عبر الصدقات أو زكاة الفطر، حيث يتم تنظيم حملات جمع التبرعات مرتين أو ثلاثا خلال الشهر، خاصة في ليلة منتصف رمضان وليلة القدر.
كما يحظى المقرئون بتقدير اجتماعي واسع، حيث يُنظر إليهم كشخصيات مؤثرة في الحياة الدينية، وغالبا ما تتم دعوتهم للمشاركة في المناسبات الدينية والاجتماعية، إلى جانب تكريم المتميزين منهم في بعض المناطق.
تحديات للمقرئين
رغم هذا الاهتمام، أشار بولوز إلى وجود بعض التحديات التي قد تؤثر على استمرار هذا التقليد، أبرزها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
فعلى الصعيد الاجتماعي، اعتبر الباحث أن التحولات الحضرية في المغرب وزيادة الانشغالات اليومية قد تؤدي إلى تراجع اهتمام بعض الأفراد بالأنشطة الدينية التقليدية، مما قد يؤثر على مستوى الدعم المقدم للمقرئين.
كما أن انتشار التعليم الحديث، وفق بولوز، أدى إلى تراجع دور الكتاتيب القرآنية في بعض المناطق، والتي تعد مصدر الرزق الأساسي لهؤلاء المقرئين.
وفي مارس 2024، كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق أن عدد الكتاتيب القرآنية في البلاد بلغ 12 ألفا و290 كتابا، 68 بالمائة منها في القرى، ويشرف عليها 14 ألفا و193محفظا، 61 بالمائة منهم من أئمة المساجد.
إضافة إلى ذلك، تواجه بعض المساجد، لا سيما في المناطق الفقيرة، صعوبات مالية في تأمين الدعم الكافي للمقرئين، حيث تعتمد على التبرعات التي قد تتفاوت من منطقة إلى أخرى.
وعلى الصعيد التكنولوجي، اعتبر بولوز أن انتشار القنوات الدينية والتطبيقات الإلكترونية لتلاوة القرآن قد يسهم في تقليل الاهتمام بالمقرئين المحليين.
واستدرك قائلا: “ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يفضلون الاستماع إلى التلاوة الحية في المساجد”. وأكد أن هناك جهودا متواصلة للحفاظ على دور المقرئين في إثراء الحياة الروحية بالمغرب، خاصة خلال شهر رمضان.