مقترحات لخدمة العلماء الربانيين – عبد الحق لمهى
أورد العلاَّمة فريد الأنصاري -رحمه الله، مجموعة من الرسائل المستفادة من سورة الحجرات، ومن تلكم الرسالات /الهدايات المنهاجية قوله: ”في أن الأدب مع أهل الفضل من العلماء الأتقياء والمربين الحكماء الذين وقفوا حياتهم لخدمة الدين تعليما ودعوة ـ يقتضي التوقير والاحترام. سواء في مخاطبتهم أو في طرق أبوابهم ومراعاة أوقاتهم؛ لما في ذلك من مصلحة عامة للمسلمين. كما أن خدمة العالم الرباني الذي وهب أوقاته لله هي من خدمة الدين؛ لأنه لم يعد مجرد شخص جزئي من المسلمين، بل صار شخصا معنويا تجتمع فيه كثير من مصالح الأمة، فالخادم له إنما هو خادم للأمة”
في هذه الأسطر القليلة، أقف على واحدة من المعاني السالفة الذكر وهي: في فضيلة خدمة العالم الرباني الذي وهب أوقاته، فالخادم له إنما هو خادم للأمة.
والناظر في مجموعة من الجهود المشكورة التي يسهر عليها فضلاء وفضليات من أبناء هذه الأمة تجاه هذا الصنف من العلماء الربانيين، يبين له مستوى خدمة العلماء الربانيين، ومن ثم خدمة الأمة بأكملها.
من الصور المعبرة عن العناية بالعلماء أحياء وأمواتا، ما يلي:
– المؤتمرات والندوات العلمية والملتقيات والمهرجانات التي تنظم هناك وهناك بغاية مدارسة تراث وفكر وتجربة العلماء عرضا وتحليلا ومناقشة وتعريفا بذلك التراث المهم الذي أنتجه وخلفه هذا العالم أو ذاك. ومن صور ذلك تنظيم ندوة علمية احتفاء بعالم من العلماء إما بحضوره شخصيا، أو حضوره عن بعد مواكبة لأشغال الندوة.
ـ الإستكتابات العلمية البحثية المتعددة الذي تعلن وتنجز من قبل مؤسسات علمية أو غيرها الغرض منها إحياء وخدمة العلماء وتعريفا بما أبدعوه من الأفكار والمشاريع العلمية والثقافية والفكرية والإصلاحية في مختلف العلوم (شرعية، إنسانية، مادية،…) بدون استثناء ما دامت غاية هذه العلوم خدمة الدين والتعريف به ونشره.
ـ إنشاء وتأسيس مؤسسات علمية وفكرية تحمل اسم عالم من العلماء الغرض من وراءها خدمة هذا العالم، فمنها من تقرر برامج تعليمية تربوية لفائدة الإنسان سعيا منها لاستمرار فكرة ومشروع العالِمِ الرباني.
ـ الفضاءات العمومية والشوارع: يلاحظ في البلدان مبادرات حميدة تروم الاحتفاء بأهل العلم، ومن ذلك ما يحصل من تسمية بعض الفضاءات العمومية مثل دور الثقافة والشباب والمركبات الثقافية وغيرها مما يدخل ضمن الفضاءات العمومية، كما توجد شوارع في مدن مختلفة في بلدان مختلفة تحمل أسماء علماء ربانيين نذروا حياتهم لخدمة الدين في مختلف مجالات العلم والمعرفة، ولا شك أن هذه الوسيلة تؤدي دورا هاما في جعل أسماء العلماء حاضرة في ذاكرة التاريخ، حتى لا تنسى الأجيال المتعاقبة علماءها الأفاضل وما قدموه للإسلام وللبشرية من خدمة نافعة.
ـ فضاءات التواصل الاجتماعي: لا يخفى على صاحب عقل ما لهذه الفضاءات من الأهمية في حياة الإنسان في عصرنا هذا، إذ أسهمت بشكل كبير في تحقيق أكبر قدر من توسيع دائرة التواصل بين الناس، وفي هذا الصدد ظهرت هناك مبادرات وظفت هذه الوسائل التواصلية الجديدة ومنها (الواتساب)، حيث جعلوا منها وسيلة للتعريف بالأعلام ونشر علمهم وتراثهم المفيد، فعملوا على إبداع أنشطة لتحقيق غاية خدمة العلماء.
ـ القراءات في الكتب: مما يدخل ضمن خدمة العلماء للدين تلك الكتب التي أنتجوها، ولخدمة هؤلاء العلماء والعناية بتراثهم يحرض كثير من الباحثين خاصة على القيام بقراءات في تلك الكتب وتقديمها للقراء عن طريق وسائل مختلفة: المجلات الورقية، المجلات الالكترونية، … وغيرها. ذلك أن هذه القراءات تسهم في تقريب الناس والقراء خاصة من تجربة وتراث أهل العلم.
ـ تنظيم معارض الكتب: المعارض وسيلة مهمة لترويج الكتب بين القراء، فمن شأن تنظيم معرض خاص بكتب عالم من العلماء، أو المشاركة برواق خاص بهذه العلم ضمن معرض من المعارض التي تقام هنا وهناك، من شأن كل ذلك خدمة العلماء الربانيين والتحقق بما جاء من الهدى المنهاجي في سورة الحجرات مما ذكر سالفا في مقدمة هذا المقال.
ـ طبع الكتب: سبق الحديث على أن من تراث العلماء تلك الكتب التي كتبوها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن من العلماء من لم يكتب له طبع كتبه في زمن من الأزمنة وحالت ظروف دون اشتغالهم على هذا الأمر، ومنه يكون القيام بجهود طبع تلك الكتب والعناية بتتبع نشرها وتوزيعها والتعريف بها على أوسع نطاق.
ـ إنجاز أعمال فنية سينمائية تعريفية بهؤلاء الأعلام الربانيين، ومعلوم الدور الذي تلعبه الأعمال في تشكيل الوعي والتعريف بالشخصيات والاعلام.
كل ما ذكر في هذه المقالة السريعة، مجرد مقترحات عملية للوصول إلى غاية خدمة العلماء الربانيين.