مصطفى الخلفي يرصد 5 تحولات دولية شكلت تحديات داخلية للمغرب

سجل مصطفى الخلفي باحث أكاديمي وجود خمس تحولات دولية كبرى أنتجت خمس تحديات على المستوى الوطني، موضحا أن المحيط الدولي في مرحلة تحول مستمر وهو ما يحمل مخاطر أكثر منها فرصا، وأن المغرب يعمل على التكيف المستمر مع تلك التحديات فيما يحفظ قراره ووحدته.

جاء ذلك خلال تأطيره اليوم السبت 9 غشت 2025 لمحور معرفي ضمن أشغال الدورة الثالثة من مبادرة تميز للشباب التي ينظمها قسم الطفولة والشباب بحركة التوحيد والإصلاح، ابتداء من يوم الجمعة 08 غشت 2025 وتستمر إلى غاية يوم الأربعاء 13 غشت 2025، بمركز التكوين في الرباط.

العوامل المؤثرة

وأكد الوزير السابق أن دراسة التحولات الدولية والوطنية يخضع لمنهجية علمية معتمدة في دراسة التحولات، على اعتبار أنه علم قائم الذات وهو أساسي في صناعة القرارات، مشيرا إلى أن الفرد يعمل على صناعة المرتبة به كفرد، فبالأحرى الدول.

وأوضح المتحدث أن من القواعد المتعارف عليها في هذا الحقل رسم السيناريوهات، وتحليل الاتجاهات العميقة، علاوة على دراسة وتحليل القوى المتحركة؛ أي دراسة في القوى التي تملك المشاريع المجتمعية في مقابل قوى مضادة، وهو ما يؤدي لفهم العوامل المؤثرة، دراسة مدى التحقق وفي أي اتجاه كان.

وذكر الخبير في القانون والسياسات العمومية من تلك المنهجيات تقنية “بيستل PESTEL” وهي أحرف بداية كلمات باللغة الإنجليزية (سياسة. الاقتصاد. اجتماعي. تكنولوجيا. بيئة. القوانين)، موضحا أن هذه التقنية تسعى إلى محاولة فهم القوى المؤثرة في 6 مجالات.

وأضاف أن عملية التشخيص تعتمد هنا على تحليل “سوات”، داعيا الشباب إلى الانفتاح على المراكز البحثية المختلفة؛ سواء العربية منها أو الغربية، موردا على سبيل المثال مركز “كارنيجي” والمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية.

وشدد الخلفي على أن عنصر المعرفة العلمية يؤدي إلى اتخاذ القرارات الصحيحة في صالح البشرية، موضحا أن هناك نحو 20 ألف مركز بحثي في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تعمل على إصدار تقارير بشأن رصد التحولات.

5 تحولات دولية

وعدد المحاضر التحولات الدولي الكبرى في أولا القضية الفلسطينية بعد عودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، موضحا أن المنطقة دخلت في تحولات منذ انطلاق طوفان الأقصى، وهو ما أنتج قراءتين لهذا الحدث.

ورأى أن القراءة الأولى تنبني على كون عملية طوفان الأقصى هزيمة، معلقا على هذه القراءة بكونها قراءة انهزامية، أما القراءة الثانية فهي ترى أن “طوفان الأقصى” بمثابة محطة من محطات مقاومة المشروع الصهيوني، وأن العملية إيجابية في الاتجاه العام.

وأوضح أن من المؤشرات الدالة على إيجابية العملية هي أن الطوفان أوقف قطار التطبيع الذي كان يسير بسرعة رهيبة، وأن القضية الفلسطينية رجعت إلى دائرة الاهتمام الدولي، وأن طوفان الأقصى جاء لفرملة تطور الصهيونية الجديدة، إضافة إلى صدور قرار محكمة العدل الدولية وإقامة مؤتمر حل الدولتين..

ونبه الخلفي إلى أن المشروع الصهيوني رديف الفوضى وتجزئة الدول والميوعة، وأن الكيان الصهيوني اليوم يسعى إلى فرض اتفاقات ما بعد التطبيع، حيث أصبحت الاتفاقات السابقة متجاوزة بفعل محدوديتها.

أما التحول الثاني، فهو تحول اقتصادي خاصة مع السياسات الأمريكية الجديدة التي برزت فيها النزعة الاقتصادية الحمائية، ومطالبة الولايات المتحدة الأمريكية من حلفائها في حلف الناتو رفع الإنفاق العسكري إلى نسبة 5٪ من الناتج الداخلي الخام.

ورأى أن أمريكا التي كانت تدفع فاتورة الصراع وحدها مع روسيا والصين في كسر معادلة الأقطاب العالمية وتكريس العودة إلى القطبية الواحدة، جعل ترامب يواجه الحلفاء الأوروبيين من أجل اقتسام تكلفة تلك المواجهة، لذلك فهناك تحولات اقتصادية عميقة جارية في هذا الشأن.

ويتجسد التحول الثالث عند الخلفي في المسألة التكنولوجية التي يشكل الذكاء الاصطناعي عنوانها الأبرز، في ظل توفر البيانات، التأثير عبر الشبكات الاجتماعية، التحليل والدراسة بسرعة أكبر، التخزين السحابي.. موضحا أن هذا التحول جعل البشرية تنتقل من طور إلى طور بتأثيرات اقتصادية واجتماعية وعسكرية..

وتوقف الباحث عند تحول رابع عنوانه سياسة الأسرة الجديدة، في ظل “بكين +30″، مشيرا العنوان المتداول اليوم وهو تثمين العمل المنزلي ما هو إلا من توصيات بكين+30، منتقدا تشديد إجراءات الزواج عمليا في مقابل تشجيع العلاقات خارج مؤسسة الزواج، ورفع الحظر على الاجهاض، والتفكير في خفض سن ممارسة العلاقات الجنسية.

وأكد أن رؤيتين تتنازع هذا المجال الأولى ترى أن الأسرة أساسية في المجتمع، بينما الثانية ترى الأسرة قيد وعقبة أمام التحرر.

واستعرض الخلفي التحول الأخير في تشجيع سياسة التفكك والتجزئة والفوضى، مشيرا إلى أن المغرب يوجه هذا النهج في قضية الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن إفريقيا شمالها حبلى بتلك المشاريع منها الجزائر في منطقة القبائل والجنوب، ومشروع تجزئة في مالي، ومشروع تجزئة في جنوب ليبيا، ومشروع تجزئة في غرب السودان بعد فصل جنوبه..، مشيرا إلى أن نفقات التسلح ارتفعت في ظل تلك المشاريع. وأن في كل تحول يكون هناك صراع بين إرادتين. 

وخلص الخلفي إلى أن المغرب في حالة تكيف مع التحولات الدولية بما يحفظ وحدته الوطنية واستمراره وحفظ القرار الوطني.

5 تحديات داخلية

ونبه الخلفي إلى 5 تحديات داخلية تواجه المغرب منها تحدي التطبيع وما بعده، والتحدي الاقتصادي بفعل البطالة التي بلغت 13٪؛ أي أكثر من مليون شخص، وبلوغها في صفوف حاملي الشهادات 20٪، علاوة على تحدي الصحة والتعليم.

وأشار الخلفي إلى أن بعض الدول تضغط على النماذج الصاعدة، ممثلا بالمغرب الذي كان في السابق بالمرتبة الثاني في أفريقيا من حيث جلب الاستثمارات الأجنبية ليتراجع في 2024 إلى الرتبة 13 في إفريقيا، عبر القائمة الرمادية. واتفاقية الكاط، قائلا إن “أصبحنا نؤدي الفاتورة الاقتصادية للتحولات الاقتصادية العالمية”.

وتوقف الخلفي عند الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي كشف عن معطيات أظهرت تحولات عميقة ومؤشرات اجتماعية خطيرة منها أن 3.9٪ من الأسر المغربية تعيش وضعية هشاشة اقتصادية واجتماعية أي نصف عدد الأسر في المغرب علاوة على تراجع معدل الخصوبة وتأخر سن الزواج، وارتفاع الطلاق الذي تضاعف في 10 سنوات حيث انتقل من 60 ألف إلى 130 ألف حالة. 

وأشاد المتحدث بما تحقق في أمور مهمة على مستوى قضية الصحراء منها اعتراف دول كبرى بمغربية الصحراء والعودة للاتحاد الأفريقي وإفشال مساعي الجبهة الانفصالية، مشددا على ضرورة إشاعة ثقافة الوحدة، على اعتبار أنها قضية تربوية وثقافية قبل أن تكون سياسية، وهي من قضايا الحركة الإسلامية.

وختم الخلفي مداخلته بدعوة الشباب إلى أخذ زمام المبادرة وعدم انتظار أحد للقيام بذلك عوضا عنهم، رغم جسامة المسؤولية كبيرة، مشجعا الشباب على استثمار مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي على اعتبار أنه يشكل فرصة جديدة.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى