مساندة للمقاومة الفلسطينية.. باحثون يستحضرون في ندوة علمية تاريخ المقاومة المسلحة المغربية

ناقش باحثون ومتخصصون موضوع ”المقاومة المسلحة المغربية إسناد تاريخي للمقاومة الفلسطينية” مساء أمس السبت في ندوة علمية نظمتها مؤسسة محيط بشراكة مع مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط.

وأكد الدكتور الحسين الموس مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث في كلمة افتتاحية على أن الندوة هي تجل من تجليات الإسناد المعرفي للمقاومة الفلسطينية ولإخواننا في غزة في ظل المخططات الشيطانية التي يحيكها العدو الصهيوني بمباركة أمريكية، مشددا على أن هذا الإسناد هو جزء من نصرة القضية.

واعتبر أن هذا الإسناد المعرفي من خلال هذه الندوة يهدف إلى بيان نموذج المقاومة المغربية، التي انطلقت غداة بدء الحماية سنة 1912 والتي تعرضت للتشكيك وحملات التشويه، لكن العلماء والمجاهدين انبروا لتلك الشبهات وحاولوا أن يردوا على تلك المكائد ثم كان بعد ذلك النصر والاستقلال وهو نفس الأمر الذي يحدث اليوم في قضية الأمة الإسلامية القضية الفلسطينية.

وفي كلمة باسم الجهتين المنظمتين، قال الدكتور مصطفى قرطاح إن الندوة العلمية جاءت في سياق القيام بالواجب الشرعي والأخلاقي والإنساني في نصرة المقاومة الفلسطينية وإسنادها علميا.

وأضاف أن مؤسسة محيط ومركز المقاصد اتخذا من تاريخ المقاومة المسلحة المغربية ورجالاتها، وجهود علماء المغرب في دفع الشبهات والمطاعن عنها، مدخلا لاستثارة ذاكرة المغاربة وتنشيطها رجاء تحصين وعيهم بحقيقة المعركة وأدواتها وآلياتها، وفضح استراتيجيات العدو ومخططاته، فوقع الاختيار على هذا الموضوع: “المقاومة المسلحة المغربية إسناد تاريخي للمقاومة الفلسطينية”.

وأوضح قرطاح أنه تم اختيار محاور الندوة العلمية لتغطي مناطق المغرب كلها، وانتخب لمعالجته باحثون متخصصون في التاريخ.

وتناول الدكتور محمد امراني علوي في مداخلته الأولى موضوع “المقاومة المغربية للاستعمار الفرنسي بمنطقة الجنوب الشرقي للمغرب (تافيلالت الكبرى): قادتها وفتاوى العلماء في دعمها ودر الشبهات حولها”.

وذكر أن المعارك التي عرفها المغرب بما فيها منطقة تافيلالت باعتبارها المنطقة الأولى التي واجهت الاستعمار سنة 1908 وآخر منطقة ستستسلم سنة 1933 جل الفقهاء والعلماء كانت لهم أدوار كبيرة في مجموعة من المعارك، سواء في مرحلة الحماية أو ما بعد الحماية.

واعتبر امراني أن العلماء والفقهاء لهم مساهمة كبيرة في قوة هذه المقاومة رغم التفوق العسكري الفرنسي على مستوى القوة والعتاد، لكن قوة المقاومة كانت بسبب قوة الإيمان وحضور البعد الديني في تجميع المقاومة في اتفاقها على مواجهة المحتل رغم كل الاختلافات.

وتطرقت الدكتورة رحيمة تويراس في مداخلتها لموضوع المقاومة المغربية للاستعمار الفرنسي بمنطقة الأطلس وملحمة موحى أو حمو الزياني: فتاوى العلماء في دعمها ورد الشبهات حولها.

ونبهت تويراس إلى أن بعض الباحثين حاولوا إفراغ المقاومة خاصة المقاومة الأمازيغية من روحها الدينية ويقولون مثلا أن موحى الزياني لم يكن رجلا متدينا، ولم يكن هناك علماء، رغم أن المنطقة كانت معروفة سابقا بالزوايا والعلماء ورغم تراجع دور الزوايا حضر بقوة التدين الفطري وروح الدين.

وأشارت المتحدثة إلى أن المقاومين كانوا يستخدمون سكاكين عادية في مقاومتهم ضد المستعمر الذي يستخدم أسلحة وذخائر لكن الروح كانت عالية جدا، بحيث استطاعت جميع القبائل الأمازيغية إلحاق هزائم بالمستعمر.

واستحضرت تويراس إسناد المرأة المغربية الأمازيغية للمقاومة ومساهمتها في مقاومة المحتل بمختلف الأشكال بما فيها الشعر، وقاومت المحتل وواكبت هذه المقاومة وأبلت البلاء الحسن.

وتدخل الدكتور أحمد بوخبزة في موضوع “المقاومة المغربية للاستعمار الإسباني بالريف ومناطق جبالة: قادتها وفتاوى العلماء في دعمها ورد الشبهات حولها”، تناول فيها مناقب المجاهدين بشمال المغرب وأبرزهم المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي والشريف الريسوني.

وتطرق إلى مهارة المجاهد الخطابي الحربية واعتماده على الشورى واستنهاضه المغاربة ودعوته لجهاد الاستعمار واستعانته بمجموعة من العلماء، ودعوة القبائل للاتحاد ونسيان الأحقاد ومعاهدة الله على الجهاد.

كما استحضر بوخبزة استعمالهم ورقة الأسرى للتفاوض مع الاستعمار للحصول على تمويل للمقاومة وإطلاق الأسرى المغاربة وتنمية العتاد والغنائم في كل معركة ينتصرون فيها على العدو وتهريب الأسلحة، ووجود تعاون بين المقاومين في الشمال الغربي والشمال الشرقي.

واستعرض الدكتور محمد سالم أنجيه في مداخلته “جهود العلماء في إسناد مقاومة الاستعمار في الجنوب المغربي ورد شبهات المثبطين”. أشار فيها إلى دور العلماء في التصدي لعدد من الشبهات من بينها إضفاء الشرعية الدينية على المقاومة والقيام بدور أساسي في تحرير القبائل والتعبير عن المشاركة في الجهاد والتصدي لشبهات المتطفلين الذين زعموا أن المقاومة الاستعمار نوع من الخروج على ولي الأمر وكانوا يقصدون في ذلك الوقت زعماء والقبائل وأمراء الإمارات الجهوية التي كانت في الشرق الموريتاني الحالي. 

وأضاف أن بعض العلماء لم يكتفوا فقط بالتحريض بل شاركوا في المعارك وقاتلوا المستعمر مثل الشيخ ماء العينين الذي جمع بين الجهاد العلمي والسياسي والعسكري الذي عاصر خمسة سلاطين مغاربة وكان له تقدير ومقام من لدينهم تقديرا العلم والعلماء.

وبيّن أنجيه أن العلماء في الجنوب واجهوا دعايات الاستعمار للاستسلام والقدر المحتوم بأن الجهاد في الإسلام فريضة، وجابهوا مقولة أن فرنسا وإسبانيا حاميتان للإسلام لأن ذلك كان مناقضا على مستوى الواقع، وبالتالي تأسيس فكر شرعي مضاد المستعمر.

وتأتي الندوة في إطار ما تواجهه المقاومة الفلسطينية من تحديات، وتتعرض لحملات تشويهٍ وتجريمٍ من قِبل القوى المتحالفة مع الاحتلال الصهيوني، يشاركهم فيها بعض أبناء الأمة الإسلامية، وبعض المغاربة خاصة، عمدا أو جهلا، ممن يلمزونها بالتهور وتحميلها المسؤولية فيما ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جريمة الإبادة الصهيونية، ويُهَوِّنُونَ من شأن إنجازاتها السياسية والعسكرية.

ويرى المنظمون للندوة أن من واجبهم العلمي والبياني إسناد ظهر المقاومة الفلسطينية علميا وشرعيا، وأن يَذُبَّوا عن عرضها ويَحْموا حِمَاهَا من تلك الشبه والطعون، لتذكير المغاربة بالملاحم البطولية التي قادها سلفهم المقاومون، على الرغم من قلة عددهم وضعف عتادهم، عسى أن تستعيد الأذهان والضمائر ما تحمّله الشعب المغربي بصبر واحتساب من جرائم الاستعمارين الفرنسي والإسباني، مشكلا بذلك حاضنة شعبية قوية لرجال المقاومة المسلحة ومباركا لأعمالها.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى