مرصد يدق ناقوس خطر التدهور البيئي ويدعو لتجاوز المقاربات التقليدية

دق تقرير حديث ناقوس الخطر بشأن الفجوة بين الطموحات البيئية، التي ترفعها السياسات العمومية وواقع التنزيل على الأرض. وأكد الحاجة لتجاوز المقاربات التقليدية، والانفتاح على آليات مبتكرة تشرك الجماعات الترابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني في حماية الثروات الطبيعية.
جاء ذلك في التقرير الوطني الرابع الصادر عن المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، بشراكة مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، حول حالة البيئة في المغرب.
ونبه التقرير إلى أن المغرب على الرغم مما راكمه من مكتسبات تشريعية ومؤسساتية، ما يزال عرضة لضغوط متزايدة على موارده الطبيعية، بفعل التغيرات المناخية المتسارعة، والتوسع الحضري غير المنضبط، إلى جانب الاستغلال المكثف للتربة والمياه.
وسلط التقرير الضوء على التحديات البيئية الكبرى التي تواجه المغرب وموقعه الجغرافي الحساس، وأكد التقرير أن المغرب يوجد أمام مفترق طرق حاسم: إما تبني نموذج تنموي يراعي التوازن البيئي، أو الاستمرار في نسق يعمّق هشاشته البيئية.
واستعرض التقرير عددا من التحديات التي تطوّق المنظومة الإيكولوجية الوطنية؛ والتداعيات المتسارعة للتغير المناخي، والتوسع الحضري غير المتحكم فيه، والضغط المتزايد على الموارد الطبيعية.
ويتموضع المغرب على ضوء التقرير، عند نقطة التقاء ثلاث منظومات مناخية كبرى، ما يجعله عرضة لتحولات مناخية معقّدة، ويضاعف الحاجة إلى هندسة سياسات بيئية أكثر طموحا.
وتطرق المرصد في تقريره إلى أرقام ومؤشرات دقيقة تعكس حجم التدهور البيئي في بعض الجهات، لا سيما على مستوى جودة الهواء وتدهور التربة وندرة الموارد المائية.
وأشار التقرير إلى أن بعض المناطق أصبحت تسجّل مؤشرات إنذارية مقلقة، بسبب ارتفاع مستويات التلوث وتقلص المساحات الغابوية وتزايد الضغوط البشرية، مما يهدد التوازنات الإيكولوجية القائمة وينذر بتداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة إن لم تتخذ التدابير اللازمة.
وسجل التقرير أن منظومة المراقبة البيئية الجهوية لا تزال تواجه اختلالات بنيوية تضعف نجاعتها، خاصة على مستوى التغطية الترابية وتبادل المعطيات الأساسية؛ إذ تعاني شبكات الرصد الجهوي من فجوة واضحة في التنسيق، ما يعيق الرصد المنتظم لمؤشرات البيئة ويحدّ من قدرة الفاعلين على اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة.
ولا تزال تعاني النظم الجهوية لتبادل المعطيات البيئية (SIREDD) من قصور تقني ومؤسساتي، بسبب غياب توحيد رقمي حقيقي بين مختلف الأجهزة الإدارية، وتفاوت مستويات الرقمنة بين الجهات. وضعٌ يُبرز الحاجة إلى إصلاح شامل للمنظومة الرقمية البيئية، يراعي الخصوصيات الجهوية ويؤسس لقاعدة بيانات موحّدة وفعّالة.
ويعد التدهور المتسارع لجودة الهواء، أحد أبرز التحديات التي تواجه المنظومة البيئية اليوم خاصة في كبريات المدن، إلى جانب ارتفاع وتيرة الإجهاد المائي وتدهور الأراضي الزراعية بفعل الاستغلال المفرط والتغيرات المناخية.
وأكد التقرير أن هذه المؤشرات تهدد التوازن البيئي وتنعكس سلبا على صحة الساكنة وجودة الحياة، ما يستوجب اعتماد خطط استعجالية وتفعيل أنظمة إنذار مبكر، تواكب التحولات المناخية وتضمن تدبيرا مستداما للموارد الطبيعية.
وكشفت بيانات التقرير عن ارتفاع ملحوظ في تركيزات الجسيمات الدقيقة (PM2.5) داخل الحواضر، إلى جانب تفاقم المصدر الصناعي والانبعاثات المرورية التي تثقل كاهل المناطق الحضرية الكبرى.
كما نبه التقرير إلى أن هذا الوضع لا يقتصر على التأثيرات الصحية المباشرة، بل يمتدّ ليشمل تدهور قدرة الفضاءات الحضرية على استيعاب جولات التنمية، مما يستدعي اعتماد حلول استعجالية وحوكمة بيئية محلية مستجيبة.









