مدونة الأسرة.. “التوحيد والإصلاح” تنبه إلى خطورة توجهات تهدد بناء الأسرة واستقرارها 

أثارت مقترحات تعديلات مدونة الأسرة التي أعلنت عنها الحكومة في 24 دجنبر الماضي نقاشا وسجالا واسعين بين مختلف التيارات التي تمثل النسيج المغربي. ومن أبرز هذه النقاشات كانت حول تدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية وحقّ الاحتفاظ ببيت الزّوجية بعد وفاة الزّوج.

وتحفظت حركة التوحيد والإصلاح من خلال مذكرة تفصيلية أصدرتها على سبع مقترحات تعديل من ضمنها المقترحين المذكورين. وضمت التحفظات أيضأ قضية تعدد الزوجات، والولاية القانونية على الأطفال، وقضايا الحضانة، وزواج المغاربة المقيمين بالخارج، واستحقاق المتعة لطالبة التطليق للشقاق، إضافة إلى بعض المصطلحات الواردة في المدوّنة.

ووافق المجلس العلمي الأعلى بالاستجابة إلى اعتبار العمل المنزلي مساهمة في ثروة الزوج ومرتبة ديون الزوجين المتعلقة بالأموال المكتسبة، فيما اقترح استعمال مصطلح “إيقاف السكنى” بدل العمرى الإجبارية فيما يخص السكنى للزوج الباقي حيا.

وتطرقت التوجهات الجديدة المعلن عنها لمراجعة مدونة الأسرة إلى تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية.

وأكدت الحركة في مذكرتها على حقوق طرفي الزواج فيما اكتسباه من أموال مكتسبة خلال فترة الزواج، وهو ما أطرته المادة 49 من مدونة الأسرة الحالية بوضوح كاف، وتؤكده نصوص الشرع من كتاب وسنة، معبرة عن رفضها لهذا المقتضى.

ونبهت حركة التوحيد والإصلاح إلى خطورة هذه التوجهات المطلقة ومآلاتها غير الواضحة على بناء الأسرة واستقرارها، حيث تثير المخاوف لدى المقبلين على الزواج، والمشاكل التي تنشئها لدى المتزوجين والورثة وعموم أفراد الأسرة.

وأشارت إلى أنه باعتماد تثمين العمل المنزلي من شأنه أن يجعل من الأسرة بمثابة”شركة تعاقدية”تسودها قيم المكايسة والمشاحة بدل قيم الفضل والعدل والرحمة والمكارمة.

واعتبرت أن مفهوم العمل المنزلي يظل مفهوما فضفاضا وهلاميا وملتبسا، من حيث تعريفه وتحديد مشتملاته وكيفية إثباته وتقويمه. وهو ما سيفضي إلى خلق نزاعات وتوترات داخل الأسر هي في غنى عنها، كما أن المعني به ليس فقط الزوجة، بل قد يمتد للزوج والأبناء والأم والأخوات وغيرهم ممن يحتمل مشاركتهم في أعباء البيت والأسرة.

واقترحت الحركة جعل المساهمة في الأموال المكتسبة أثناء الزواج محددة في أعمال الكد والسعاية المعرفة بوضوح لدى الفقهاء، مع اعتماد المرونة في وسائل إثباتها وذلك ضمانا لحقوق المرأة التي قد تقوم بهذه الأعمال ويتم هضم حقوقها بسبب تضييق وسائل الإثبات.

بخصوص “حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون”، الذي نص فيه المجلس العلمي الأعلى على “إيقاف السكنى” بدل العمرى الإجبارية، أكدت الحركة على موقفها الذي أبدته في المسألة في مذكرتها بخصوص مراجعة مدونة الأسرة.

ونبهت إلى ضرورة التقيد بالشرع الحنيف في توزيع الإرث وفقا للحقوق المكفولة من لدن الحكيم العليم سبحانه وتعالى، مؤكدة في الآن ذاته على أن تقدير إيقاف السكنى أو تأجيل اقتسام السكن الرئيسي لابد وأن يكون في إطار السلطة التقديرية للقضاء، مع تأطير هذه السلطة التقديرية بمقتضيات قانونية تحفظ الإبقاء على الطابع الاستثنائي لها، وتراعي قيمة السكن ووضعية باقي الورثة الاجتماعية لاسيما في حالة وجود الأم أو البنات من زوجة أخرى أو الأخوات.

يذكر أن الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد انتهاء عملها داخل الأجل المحدد لها، رفعت إلى الملك، تقريرا عن أشغالها، في جزأين، الأول يهم “مقترحات تتعلق بمدونة الأسرة”، والثاني خاص “بمقترحات ذات صبغة عامة”، لا ترتبط مباشرة بنص المدونة، لكن يتوقف عليها حسن تطبيقها، وصلت إلى 139 مقترح تعديل، شَملت الكُتب السبعة للمدونة.

وأصدر أمير المؤمنين الملك محمد السادس، رئيس المجلس العلمي الأعلى على إثرها يوم الجمعة 28 يونيو 2024  توجيهاته السامية للمجلس قصد دراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، ورفع فتوى بشأنها للنظر السامي لجلالته.

وقدم أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في جلسة عمل بالقصر الملكي بالدار البيضاء بتاريخ 24 دجنبر 2024 المعطيات المتعلقة بالرأي الشرعي الذي رفعه المجلس العلمي الأعلى لأمير المؤمنين في الموضوع. 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى