بعد تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات.. مخاوف كبيرة لدى مسلمي فرنسا
كشفت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي تصدرها اليمين المتطرف عن انقسام كبير في الشارع الفرنسي، فقد عمت الفرحة معقل اليمين المتطرف في هينان بومونت، في الوقت الذي سادت فيه المخاوف في مناطق أخرى مثل مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في البلاد وموطن الهجرة، حيث يخشى عدد كبير من السكان من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.
وتسببت أصداء تصدر اليمين المتطرف لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، انقساما في الشارع، خصوصا أنه قد ينتج عنها تشكيل أول حكومة يمينية متطرفة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يمثل تغييرا جذريا محتملا في قلب الاتحاد الأوروبي.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد فاجأ البلاد عندما دعا إلى انتخابات مبكرة بعد أن سحق حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان ائتلاف تيار الوسط المنتمي إليه ماكرون في الانتخابات الأوروبية هذا الشهر. وظل حزب لوبان المشكك في الاتحاد الأوروبي والمناهض للهجرة منبوذا لفترة طويلة، لكنه الآن أقرب إلى السلطة من أي وقت مضى.
ومنح استطلاعان للرأي أجراهما معهدا أيفوب وأودوكسا وصدرت نتائجهما الجمعة، اليمين المتطرف ما بين 35 و36,5% من الأصوات. وقالت وكالة الأنباء الفرنسية مساء يوم الأحد إن التقديرات تفيد بأن اليمين المتطرف تصدر بفارق كبير الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية فيما حل معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون ثالثا.
ووفق نتائج الانتخابات التشريعية الأولية فقد تحصل التجمع الوطني اليمني الذي حل في المقدمة، على 33% من نسبة الأصوات. وحلت “الجبهة الشعبية اليسارية” في المرتبة الثانية بنسبة 28.5%. أما “حزب النهضة” (حزب ماكرون) الذي حل في المرتبة الثالثة فقد تحصل على 22% من الأصوات.
لوموند: مسلمو فرنسا بين القلق والاستسلام أمام التجمع الوطني
وتسود مخاوف كبيرة من المهاجرين في فرنسا بعد تقدم اليمين المتطرف، وقالت صحيفة لوموند الفرنسية إن المسلمين في فرنسا أعربوا عن أسفهم من تغلغل أفكار اليمين المتطرف في البلد، وعبروا عن خشيتهم من تفاقم وضعهم، وعن قلقهم بشأن مستقبل التعايش إذا وصل المتطرفون إلى السلطة.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم غايتان سوبرتينو- أن خليل مرون، إمام مسجد إيفري كوركورون، وهو أحد أكبر المساجد في فرنسا، أبدى قلقه في خطبة صلاة الجمعة، بشأن مستقبل قيم التعايش والإنسانية وحذر جمهوره قائلا “إن الامتناع عن التصويت هو أسوأ عدو لفرنسا. إذا لم تصوت، فلن تتمكن من القول بعد ذلك: لم أتمكن من فعل أي شيء”.
وأكد خليل مرون، وهو مغربي الأصل قدم إلى فرنسا عام 1972، أنه يريد “وأد الامتناع عن التصويت في مهده”، مشيرا إلى أنه “أصبح فرنسيا قبل ولادة رئيس حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا”، بدون أن يهاجم الحزب اليميني لوحده، لأن “هناك أيضا أقلية عنيفة في أقصى اليسار”.
وقال الإمام إن خشيته من وصول المتطرفين إلى السلطة، ليس فقط لأجل المسلمين، بل لأجل فرنسا نفسها، خاصة أن الإشارة بأصابع الاتهام إلى الإسلام والإدلاء بخطاب معاد للسامية يبدو في نظر البعض أنه السبيل الوحيد للوصول إلى السلطة، متسائلا عن قدرة هؤلاء المتطرفين على الدفاع عن الفرنسيين وعن مدى مهاراتهم الاقتصادية وعن مشروعهم الاجتماعي.
ولاحظ الكاتب أن معظم الخارجين من الصلاة لم يبدوا استعدادا للاستجابة لنداء الإمام، مرددين عبارات مثل “السياسة لا تهمني” و”على أي حال كلهم متشابهون، المال هو الذي يحكم”، و”بارديلا أو غيره، سنرى ماذا يغير ذلك”، بل إن بعضهم يرفضون التحدث علنا، رغم الانتصار المحتمل لليمين المتطرف الذي هدد منذ فترة طويلة بالتدخل في حياة المسلمين، باسم “الحرب ضد الإسلام الراديكالي”.
ومع ذلك، ينبغي أن يتوقع المسلمون إجراءات ملموسة -حسب الكاتب- لأن حزب مارين لوبان وجوردان بارديلا، اقترح في مناسبات مختلفة في الماضي، إجراءات مثل حظر الذبح وبيع المنتجات الحلال والوعظ باللغة العربية -لغة القرآن- في المساجد، والحجاب في الأماكن العامة، ومع أن برنامج حزب التجمع الوطني لم يضمن شيئا من ذلك، فإن قادته يريدون نقاشها بعد الانتخابات الرئاسية.