مجلة فرنسية: اليمين المتطرف يشعل حربا دينية وعرقية

قالت مجلة “بوليتيس” الفرنسية إن أيديولوجية “التسريع” تثبت نفسها كقوة محركة لإرهاب اليمين المتطرف، مدفوعة برؤية كارثية وعنصرية للعالم، تدعو إلى انهيار النظام لفرض مجتمع أبيض.
وأوضحت المجلة في تقرير بقلم الكاتبة جولييت هاينزليف، أن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب سلط الضوء على مفهوم “التسريع” لوصف أيديولوجية من يخططون لهجمات معادية للإسلام، وذلك أثناء محاكمة جماعة “عمل القوى العملياتية” “أفو” (Afo) اليمينية المتطرفة بتهمة تكوين “جمعية إجرامية إرهابية”.
وبدأت يوم الثلاثاء 10 يونيو الجاري محاكمة 16 عضوا من قوات “أفو” أمام محكمة باريس الجنائية، تشمل خططهم قتل 200 إمام، ومهاجمة مساجد، وتسميم طعام حلال. وتشكل هذه المدرسة الفكرية -وفقا لتقرير يوروبول لعام 2024- “التهديد الأكثر خطورة” بين إرهاب اليمين المتطرف.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الحركة ليست مقتصرة على أقصى اليمين، بل هي مستمدة جزئيا من الماركسية، وتتمثل إستراتيجيتها في تسريع الرأسمالية لتدميرها تحت وطأة تناقضاتها، ويفتخر اليمين المتطرف بموقفه الدفاعي، لأن التغيير الجذري الذي يروج له، يأتي ردا على هجوم الفيضانات الديموغرافية القادمة من أفريقيا، مما يشكل “إبادة جماعية للبيض”، حسب رأيهم.
وينبثق هذا الخطاب -حسب الكاتبة- من رؤية مستقبلية كارثية، مدفوعة بعقيدة باطنية تقدس العرق، وتعود إلى سبعينيات القرن الماضي في إيطاليا، “سنوات الرصاص”، وهي فترة توتر سياسي حاد اتسمت بالصراعات المسلحة وأعمال الإرهاب.
وازدهرت هذه الحركة اليمينية المتطرفة بسبب كتابين أميركيين، أولهما رواية “مذكرات تيرنر” لأندرو ماكدونالد، وهي تصف انقلاب قاده البيض في الولايات المتحدة على السود واليهود الذين يفترض أنهم سيطروا على الدولة الأميركية، وثانيهما بيان “الحصار” الذي كتبه النازي الجديد الأميركي جيمس ماسون عام 1993، داعيا إلى العنف العنصري ضد “النظام” لإرساء قومية عرقية مستوحاة من الرايخ الثالث.
وتكمن قوة هذه الجماعات في انتشارها الرقمي، إذ يقول المؤرخ نيكولا ليبورغ “بين عامي 2011 و2017، شكلت حركة المسيرة الحديدية منصة عابرة للحدود الوطنية للقوميين البيض من مختلف البلدان، وجمعت أكثر من 1600 مستخدم”، كما أسهمت تليغرام وديسكورد في اتساع نطاق الحركة جغرافيا.
ويرى ستيفان فرانسوا أن “الإنترنت يجعل المجتمعات شديدة الانسيابية، ويسمح بانتشار الأيديولوجيات المتطرفة على نطاق واسع، بحيث تنشر مجموعة نظرية على الإنترنت، ويمكن لمختلف الأشخاص الوصول إلى المنشور”، خاصة أن هؤلاء المسرعين لا قادة لهم، بل هم ذئاب منفردة متفرقة تعمل في خلايا صغيرة.
وقد سرعت الهجمات الإسلامية هذا التوجه في فرنسا، حيث نشر الإرهابي برينتون تارانت، المسؤول عن مقتل 51 شخصا في كرايستشيرش بنيوزيلندا، بيانا تسارعيا بعنوان “الاستبدال العظيم”، وفي الشهر التالي، أطلق جون إيرنست النار على شخص في كنيس يهودي في كاليفورنيا بعد نشره “رسالة مفتوحة” على المنصة نفسها.
وتبع ذلك في العام نفسه باتريك كروسيوس، الذي قتل 22 شخصا في سوبر ماركت في تكساس، وترك بيانا بعنوان “حقيقة مزعجة”، يشير إلى نص برينتون تارانت قائلا “لم يكن المجتمع الإسباني هدفي حتى قرأت كتاب الاستبدال العظيم”.
ومع ذلك، يعتقد ستيفان فرانسوا أن هذا التوجه نادر في فرنسا مقارنة بالولايات المتحدة، ومع ذلك، يحذر نيكولا ليبورغ قائلا “إذا كان إنكار وجود إرهاب اليمين المتطرف تقليدا فرنسيا، فإن حالة التسارعية أسوأ، لأنها تتجاهل ببساطة”.