مؤرخ يهودي: استمرار الصراع مع الفلسطينيين جعل “إسرائيل” مكانا غير آمن لليهود
يرى المؤرخ اليهودي آفي شلايم أن “إسرائيل” لم تعد مكانا آمنا، لافتا إلى أن نظرة اليهود للعيش فيها تغيرت سلبيا جراء استمرار الصراع مع الفلسطينيين.
وقال آفى شلايم ( يهودي عربي ولد في العراق لأسرة يهودية) منذ “عام 1967 كان العرض أمام إسرائيل الأرض مقابل السلام، وكانت ترفض كل مرة – لاسيما خطة حل الدولتين- ولذلك استمر الصراع”، مضيفا أن استمرار الصراع جعل “إسرائيل” مكانا “غير آمن” لليهود و”ليس جذابا”.
وأوضح الأكاديمي المناهض للصهيونية حين حلّ ضيفًا على برنامج “المقابلة” بقناة الجزيرة، أن قناعاته تغيرت وبات يؤمن بأن “إسرائيل” بعد عام 1967 أصبحت قوة استعمارية وحشية، وأن مهمة جيشها هي حماية أمن الاحتلال، وهي تمارس نظام الفصل العنصري نتيجة الاحتلال.
وأشار آفي – الذي هاجر إلى فلسطين عقب احتلالها عام 1948- إلى أن تحول مشاعر اليهود حول العالم إزاء “إسرائيل” أمر ملفت للغاية؛ ففي أمريكا توجد منظمة “جي ستريت” أسسها اليهود الليبراليون توجه نقدًا لاذعًا لإسرائيل وسياساتها، ويعلن أعضاؤها أن إسرائيل لا تمثلهم ويدعمون فكرة حل الدولتين.
وتابع شلايم، أن هناك منظمة ثانية في الولايات المتحدة تسمى “أيباك” تدعم الصهيونية وتقف خلف “إسرائيل” وسياساتها العنصرية، ولكنها لا تمثل سوى 30% من اليهود في أمريكا، بينما تمثل “جي ستريت” 70% منهم.
وفي سياق حديثه عن اليهود الذين عاشوا في دول عربية في فترات تاريخية سابقة، تطرق شلايم إلى تجربة عائلته التي هاجرت من العراق في مطلع الخمسينيات للعيش في “إسرائيل” وكان في سن الـ5 أعوام.
وقال إن عائلته وجدت صعوبة في الاندماج، وعانى هو شخصيا من عقدة النقص وأقلقته مسألة الهوية، قائلا إن “إسرائيل” صُنعت من قبل اليهود الأوروبيين واليهود الأشكناز الذين طالما نظروا لليهود العرب نظرة ازدراء كونهم يأتون من ثقافة بدائية.
وأضاف شلايم ” وصف عربي يهودي يعتبر مشكلة حقيقية في إسرائيل ويعتبر تعبير متناقض، فإما أن تكون يهوديا أو عربيا”، نافيا أن يكون اليهود قد تعرضوا للنفي والتهجير من المجتمعات العربية، مؤكدا أنهم عاشوا هناك بانسجام مع العرب.
وأوضح المؤرخ اليهودي، أن ما يقارب من 850 ألف يهودي غادروا البلدان العربية بعد عام 1948، لكنهم لم يكونوا لاجئين ولم يتعرضوا للنفي والتهجير كما جرى للفلسطينيين الذين كانوا لاجئين بعد أن طردتهم إسرائيل من وطنهم، مؤكدا أن الفلسطينيين هم ضحايا الصراع لذلك أتعاطف مع الشعب الفلسطيني.
وأشار شلايم إلى أن معاداة السامية ظاهرة أوروبية بحتة ولا تجد لها موضع قدم في العالم العربي، بخلاف ما تروج له الرواية الرسمية الصهيونية من أن معاداة السامية كانت متأصلة في العالم العربي، وأن الإسلام دعا إليها وسببّها.
وتابع، “معاداة السامية استوردت من أوروبا حيث لم يكن في العالم العربي موادًا فيها معاداة للسامية باللغة العربية فكان لزامًا ترجمة مواد أوروبية فيها معاداة للسامية باللغة العربية”.
واستطرد آلإي “كانت هناك حركة صهيونية في العراق لكنها لم تكن تحظى إلا بعضوية أعداد قليلة، فالمجتمع اليهودي في مجمله لم يكن صهيونيا”، وبيَّن أن “الصهيونية ظاهرة أوروبية وترتبط بالأشكناز ولا ترتبط بنا تماما”.
واعتبر شلايم أن المجتمع اليهودي في العراق تم اقتلاعه من الجذور، وأن الهجرة الجماعية التي حدثت كانت نتيجة أسباب عدة أبرزها انتشار القومية العربية والشعور المتنامي بالعداء لليهود بعد حرب عام 1948، والسبب الآخر المهم كان نتيجة الضغط الذي مارسته الحركة الصهيونية على يهود العراق كي ينتقلوا إلى إسرائيل.
ولفت إلى أن الحركة الصهيونية كانت ظاهرة في غاية القسوة، قامت بعملية التطهير العرقي للفلسطينيين ثم الإتيان باليهود ليحلوا محل الفلسطينيين الذين طردتهم من وطنهم.
وذكر شلايم أن الصهيونية طالما كانت أيديولوجية تقسيمٍ، وهو مايرفضه تماما، مشيرا إلى أن “إسرائيل” بعد حرب 1948 كانت تلهث وراء الطاقة البشرية، ولذلك كانت أولويتها استقدام اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل.
وكالة صفا الفلسطينية