مؤتمر دولي بأذريبجان يفضح تحيز الإسلاموفوبيا ويفكك صورها النمطية

التأم  بالعاصمة الأذربيجانية أمس الإثنين علماء وخبراء من المنظمات الدولية وشخصيات دينية وممثلون عن المنظمات غير الحكومية من نحو 40 بلدا من بينها المغرب، في فعاليات المؤتمر العلمي الدولي بعنوان “الإسلاموفوبيا: فضح التحيز وتفكيك الصور النمطية”.

ويهدف المؤتمر العلمي الدولي -المنظم بشكل مشترك بين مركز باكو الدولي للتعددية الثقافية ومركز تحليل العلاقات الدولية ومجموعة مبادرة باكو- إلى إنشاء منصة أكاديمية لمناقشة النزعات المثيرة للقلق التي تستهدف المسلمين والبلدان ذات الأغلبية المسلمة على المستويين الدولي والوطني.

ويناقش المؤتمر الذي حضره أكثر من مائة ضيف، عددا من المواضيع أبرزها: “الاتجاهات العالمية في الإسلاموفوبيا: التحديات والاستجابات”، “كراهية المسلمين في السياسة: الأطر القانونية، واستراتيجيات المناصرة”، و”الإسلاموفوبيا في سياقات مختلفة: منظورات إقليمية”، و”الإسلاموفوبيا في وسائل الإعلام والمنصات الرقمية: كيف يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي نشر وتعزيز التحيز ضد الإسلاموفوبيا”.

وتناول مواضيع أخرى من بينها: ”المرأة والهوية والصور النمطية: استكشاف تقاطع التحيزات الدينية والثقافية”، و”مأسسة التشريعات ضد المسلمين في أوروبا: الخطاب المعادي للمسلمين على خلفية تطرف الدعاية المعادية للإسلام”، و”الحفاظ على التراث الثقافي الإسلامي في العالم المتغير” و”دعوة الشباب إلى الإدماج: مكافحة التحيز وسوء الفهم”.

خطاب الإسلاموفوبيا يظهر في السياسات الرسمية والتشريع

وقال جواد الكردودي رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية في كلمة ألقاها في حلقة نقاش على هامش المؤتمر العلمي الدولي، إن المسلمين في العديد من البلدان أصبحوا هدفا للصور النمطية السلبية في الخطاب السياسي في السنوات الأخيرة.

وأضاف الكردودي “لا يقتصر هذا الخطاب القائم على الكراهية على العلاقات الفردية فحسب، بل يظهر في السياسات الرسمية أيضا ويؤدي هذا التوجّه للأسف إلى تشريع الإسلاموفوبيا واعتماد قرارات تمييزية بحق المسلمين.

ودعا رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية إلى ضرورة تعزيز الإطار القانوني في هذا السياق، مؤكدا أن توفّر الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أساسا قانونيا مهما للحد من الخطابات والسياسات الإسلاموفوبية، وينبغي تطبيق الآليات التي تجرّم خطاب الكراهية وتمنع التمييز بشكل أكثر فعالية في التشريعات الوطنية.

وشدد المتحدث على أنه من الواجب أن “تُرافق مكافحة الإسلاموفوبيا حملات مجتمعية قوية ذات تأثير واسع على المجتمع ويعد التعاون مع وسائل الإعلام، والتوعية القانونية، والحوار مع صانعي القرار من الركائز الأساسية في هذه المواجهة.

امتداد خطاب الإسلاموفوبيا إلى أوساط كانت بعيدة

وواصل المؤتمر الدولي صباح اليوم الثلاثاء 27 ماي 2025، بحلقات نقاش وجلسات عامة، وذكرت وكالة الأنباء الأذريبجانية “أذرتاج”، أن الجلسة العامة التي أدارها أليستير دافيسون، مستشار معهد قرطبة للسلام، ناقشت موضوع “مأسسة التشريعات الأوروبية المعادية للمسلمين: انتشار الخطاب المعادي للإسلام على خلفية التطرف”.

وأشار سعيد علاء، رئيس المسجد الكبير في ستراسبورغ، إلى أن الإسلاموفوبيا كانت حتى وقت قريب سمة مميزة للأحزاب اليمينية المتطرفة التي كانت معادية للمسلمين بشكل علني. لكن هذا الوضع شهد اليوم تغيرا عميقا، إذ أصاب مناطق لم تكن تتأثر في السابق بخطاب الكراهية.

وبحسب قوله فإن الإسلاموفوبيا لم تعد تقتصر الآن على خطابات عدد من الشخصيات السياسية، بل انتشرت أيضا عبر وسائل إعلامية لها جمهور واسع. وتخصص هذه المنافذ الإعلامية مساحات واسعة لتداول الخطاب العدائي الموجه ضد المسلمين تحت ستار “حرية التعبير”.

الجهل بالإسلام يؤدي إلى التحيز ضد المسلمين

ونبه عبد المجيد نجار نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أنه رغم كل الجهود والنداءات الدولية وحملات التوعية إلا أن ظاهرة الإسلاموفوبيا تعمقت.

وأكد إلى النجار أن عواقب ذلك خطيرة للغاية ليس على المجتمعات الإسلامية فحسب، بل على العالم بشكل عام. والمشكلة الرئيسية هي الجهل المنتشر المتحيز ضد الإسلام. كما أن عدم وجود معرفة دقيقة وموضوعية عن الدين الإسلامي يخلق الخوف والكراهية بين الناس الذين لا يعرفونه. وتستغل بعض الدوائر هذه الفجوة عمدا لمحاولة خلق صورة سلبية عن الإسلام في المجتمع.

ومع ذلك، نوه النجار إلى ملاحظة وجود اتجاه مرضي في أوروبا، إذ يتزايد عدد المعتنقين للإسلام. وللأسف، يؤدي هذا إلى تزايد الخوف والعدوان في بعض الأوساط. ونتيجة لذلك، بدأت تنعكس التوجهات المعادية للإسلام في وسائل الإعلام والسياسة، وحتى التشريعات.

دعوة العلماء إلى تشريح شمولي لظاهرة الإسلاموفوبيا

وقال يحيى بالافيتشيني، نائب رئيس COREIS ورئيس EULEMA، إن ظاهرة الإسلاموفوبيا ليست مجرد تمييز ضد المعتقد الديني، بل هي مشكلة أعمق وأكثر منهجية.

وأشار يحيى بالافيتشيني إلى أن الإسلاموفوبيا تعمق الاستقطاب في المجتمع، وقال إنها تشكل عائقا أمام التعددية الثقافية وتنوع المعتقدات. كما أن تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الغربية اليوم لا يقتصر على الكراهية الشخصية أو الحوادث المعزولة. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن هناك محركا أيديولوجيا، أو بنية، تعمل هنا. وبعبارة أخرى، فإن الإسلاموفوبيا هي أداة في يد دوائر معينة، وهي أداة تخدم المصالح السياسية، وسياسات الهوية، ومفهوم التفوق الثقافي.

وأضاف بالافيتشيني “في بعض الأوساط الأكاديمية، تعتبر بعض المفاهيم ثقافة أوروبية بحتة، ويعتبر كل ما يخرج عن هذا الإطار مشبوها أو ناقصا أو خطيرا. وتُضفي هذه المقاربات شرعية على الآراء المعادية للإسلام.

وفي هذه المرحلة، أكد المتحدث بشكل خاص على دور العلماء. ليس فقط ضرورة دراستهم عواقب الإسلاموفوبيا، بل أيضا تاريخها وجذورها الفلسفية والأيديولوجية. وينبغي على علمائنا تخصيص مساحة أكبر لهذا الموضوع في أعمالهم، وإجراء البحوث، وتعزيز إنتاج المعرفة في هذا المجال. وتقديم المعلومات بطريقة سهلة وممتعة، ليس فقط للأكاديميين، بل للجمهور أيضا.

وكانت فعاليات المؤتمر العلمي الدولي في موضوع “الإسلاموفوبيا: فضح التحيز وتفكيك الصور النمطية”، قد افتتحت، أمس الإثنين، بكلمة ألقاها مساعد رئيس جمهورية أذربيجان رئيس دائرة شؤون السياسة الخارجية في إدارة الرئاسة حكمت حاجييف، تضمنت رسالة الرئيس إلهام علييف إلى المشاركين في المؤتمر.

يذكر أن المؤتمر ينظم بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لليوم الدولي للنضال، وتم بشراكة كل من: منتدى مجموعة العشرين للحوار بين الأديان، منظمة التعاون الإسلامي، منظمة الإيسيسكو، مركز الدوحة الدولي للحوار بين الأديان، اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، مجلس حكماء المسلمين، المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، جمعية قادة المسلمين الأوروبية والمنتدى الإسلامي العالمي.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى