لماذا صعّد الاحتلال “الإسرائيلي” من وتيرة استهداف الأونروا؟
تصاعدت خطوات استهداف الاحتلال “الإسرائيلي” لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” بعد العدوان على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، وكانت آخر تلك الخطوات مصادقة الكنيست بقراءة تمهيدية على مشروع قانون يمنع وكالة الأونروا من العمل في القدس والداخل المحتل.
و تعرضت مقرات الأونروا ومراكز النزوح التابعة لها في غزة، ومنها مركز الصناعة في خانيونس، للقصف من جيش الاحتلال، وتم تمدير 65 مدرسة تابعة لها بشكل كلي وجزئي، بينما عمدت 18 دولة والاتحاد الأوروبي إلى تجميد تمويل الوكالة بسبب مزاعم الاحتلال حول مشاركة عدد من موظفي الأونروا في عملية طوفان الأقصى.
وفي القدس المحتلة تم شن حملة محمومة ضدّ الوكالة بهدف إنهاء عملها وإخراجها من المدينة المحتلة، حيث طالب وزير البناء والإسكان في حكومة الاحتلال “سلطةَ أراضي إسرائيل” التابعة لمكتبه، بإنهاء جميع أنشطة التأجير أو الاتفاقيات القائمة مع وكالة الأونروا في القدس وفلسطين.
وأمر الوزير المتطرف الذي يترأس كتلة “يهودوت هتوراة”، بطرد الأونروا من الأراضي المؤجرة أو التي تستخدمها في فلسطين المحتلة، وأبرزها المقر الرئيس الواقع في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، كما قرر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش إلغاء الإعفاءات الضريبية لوكالة الأونروا.
وفي نفس السياق، نظم متطرفون، بقيادة نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أرييه كينج، وقفة أمام مقر وكالة الأونروا، في التلة الفرنسية بالقدس المحتلة، في 14 فبراير 2024، للمطالبة بطرد الوكالة من القدس، كما تظاهر مستوطنون أمام مقر الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة لنفس الطلب.
وطالب كينج وزير الخارجية في حكومة الاحتلال بعدم التجديد للأونروا، وقال إن “الكنيست” والحكومة يتشاركان في الموافقة على سماح للأونروا باستمرار عملها في القدس، ويمكن إلغاء الموافقة في حال قررا ذلك، مضيفا إنه لا فرق بين العرب في غزة والعرب في القدس، أو بين الأونروا في غزة والأونروا في القدس.
كما طالب مستوطنون بإغلاق المدارس التابعة للأونروا في القدس المحتلة بدعوى “التحريض على الإرهاب”. كما طالب المتطرف ماور تسيماخ، رئيس منظمة “ليخ ليروشلايم”، وزير التربية والتعليم في حكومة الاحتلال بإغلاق تلك المدارس، وتعيين مديرين موالين للاحتلال فيها، واصفا الإغلاق بالمهمة الوطنية.
وفي 14 يناير 2024، وجهت “دائرة أراضي إسرائيل” رسالة إلى الأونروا تطالبها إخلاء أحد عقاراتها في بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة، ودفع 17 مليون شيكل، بذريعة البناء من دون ترخيص.
وليس استهداف الأونروا بالأمر الجديد في سياق محاولات إنهاء القضية الفلسطينية، والقضاء على المقاومة وحاضنتها الشعبية من جهة، والقضاء على الأونروا وكل ما له صلة بها من جهة أخرى، بدليل استهداف الاحتلال بشكل متعمد لمراكز الأونروا ومدارسها في غزة، بالإضافة إلى تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الذي قال “إنّ الأونروا لا يمكن أن تعود للعمل في غزة، وعلى المجتمع الدولي إيجاد جهة أخرى تتولى العمل داخل القطاع.”
ويرتبط تصعيد استهداف الأونروا بجملة من الأسباب، أبرزها ما تمثله الأونروا من شاهد حيّ على نكبة شعب هجر من أرضه، ما يدفع الاحتلال إلى محاولة إنهاء هذا الشاهد الحي على المستوى الدولي والأممي.
أما السبب الثاني للاستهداف فيرتبط بما تملكه الأونروا من كنز معلوماتي، إذ لديها قاعدة بيانات حول اللاجئين الفلسطينيين، والاحتلال لا يريد لهذا التوثيق أن يستمر، وهو ما دعمته الولايات المتحدة بشكل صريح في ولاية دونالد ترامب، مع محاولة سنّ قانون لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني لتخفيض عدد اللاجئين من حوالي 7 ملايين لاجئ إلى بضعة آلاف، لتسهيل إقفال ملف اللجوء والعودة.
ويرتبط السبب الثالث، بالخدمات التي تقدمها الأونروا، وهي خدمات تشمل المجالات الصحية، والإغاثية والاجتماعية، والتعليمية، ما يجعل إنهاء خدماتها ضربا لأحد أهم عوامل صمود اللاجئ الفلسطيني في مناطق عمل الوكالة.
مؤسسة القدس الدولية (بتصرف)