لحسين الموس: التيسير كلية كبيرة في قواعد الشرع ولا ينبغي التساهل مع “المفطرات المعنوية”
أكد الدكتور لحسين الموس نائب مدير مركز المقاصد للدراسات والأبحاث أن التيسير كلية كبيرة في قواعد الشرع، وأن التشدد والتعسير ينافي مقاصد الشرع، داعيا إلى الأخذ بالعزيمة في قضايا تتعلق بحقوق الغير وأخلاق التراحم.
وشدد الموس في محاضرته حول “أحكام الصيام بين التيسير والتشدد” نظمها قسم الدعوة والعمل الثقافي بعد ظهر يوم السبت 25 مارس 2023 بالمقر المركزي لحركة التوحيد والإصلاح بالرباط على أن الحامل يجب أن تفطر سواء خافت على نفسها أو على حملها، متأسفا من تشديد أصحاب الأمراض المزمنة على الصيام رغم تحقق الضرر عليهم، قائلا “من يحقن الأنسولين يجب عليه أن يفطر”.
ولاحظ الموس في المحاضرة التي نُظمت بالتنسيق مع الفرع الإقليمي للحركة بالرباط، أن المغاربة يتساهلون مع “المفطرات المعنوية”، بينما يتشددون مع “المفطرات المادية”. ونبه إلى مفارقة مجتمعية صارخة تكمن في تشدد الناس في مسألة صيام رمضان رغم مرضهم أو وجود أعذار لهم، مقابل عدم تحرجهم في اقتراف أمور تتعلق بالسب والشتم أو شهادة الزور أمام المحاكم أو أكل أموال الناس بالباطل أو الغيبة والنميمة، موضحا أن المفطرات المادية تكون ظاهرة في الدنيا بينما المفطرات المعنوية لا تبرز إلا في الأخرة.
وعدد عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، تجليات التيسير في تشريع صيام شهر رمضان في التيسير في نصوص تشريعه، وذلك عبر بيان أن الأمة الإسلامية ليست بدعا في فريضة الصوم، علاوة على حصر الصوم في أيام معدودات، وتشريع الصوم بالتدرج في أحكامه.
وأوضح أن من التجليات الأخرى التيسير في مدة الإمساك، وتحديد مجموعة من الأعذار للتخفيف عن المرضى وغيرهم، قائلا “الأصل عندما يكون الشخص مريضا هو الإفطار”، منتقدا ذهاب المرضى إلى الطبيب من أجل الحصول على إذن بالصوم.
وأضاف الموس أن من مظاهر التيسير في أحكام الصيام؛ اشتراط القدرة والاستطاعية وليس فقط البلوغ، ورؤية الهلال، والنهي عن الوصال بالإضافة إلى الأمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور، والسماح بالمعاشرة الزوجية ليلا، وإجازة إمكانية أن يصبح الصائم جنبا، إلى جانب الرخصة في القبلة والمباشرة من غير جماع لصائم.
وذكر المحاضر أن من جوانب التيسير الأخرى التيسير في أحكام الصوم للمسافر، موضحا أن هذا الأخير أمير نفسه في الفطر، مشددا على أنه لا يعيب الصائم على المطر ولا المطر على الصائم، علاوة على التيسير في كفارة من أفطر في رمضان بعذر أو بغير عذر، بالتخيير إما بصوم شهرين أو إطعام المساكين، والتيسير في رخص ما يصل الجوف من غير قصد أو مما لا يتغذى به، من جواز الاكتحال والعطر وقطرة العين والإبرة والبخاخ والحقنة، مع المنع من الحجامة والتبرع بالدم أثناء الصوم كي لا يأديا إلى مضاعفات.
وحدد المتحدث المفطرات المعنوية في نهي الصائم عن الرفث ورد الإساءة، والسباب والغضب والغيبة والنميمة، ونهيه عن قول الزور وشهادة الزور، علاوة على نهي الصائم عن الوقوع في الأعراض، ونهيه عن أكل أموال الناس بالباطل، ونهى الصائم في القطيعة، والنهي الصائم عن التفريط في التراحم، منبها إلى أن النميمة تهدم العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع.
ودعا المحاضر الأزواج والأبناء إلى تقاسم أعباء المنزل، موضحا أن من العيب على الأباء والأولاد التفرغ لمشاهدة التلفاز وعدم مساعدة الأمهات والزوجات في المطبخ، مطالبا الأباء بالتيسير على أبنائهم خلال تعليمهم للأحكام عبر اللين وليس بالعنف، وكذا تنظيم الوقت، منتقدا حالة التبذير في رمضان، بالإشارة إلى أن المغاربة يبذرون 80 في المائة من الطعام في رمضان، مرجعا جزءا كبيرا من الاختلالات السابقة إلى العادات والتقاليد والجهل.
وخلص الدكتور الموس إلى أن الشريعة الإسلامية مبنية على التيسير وعدم التعسير وعلى رفع الحرج، قائلا إن الهدى النبوي قائم على التيسير، مشيرا إلى أن مجموعة من العلماء قد عملوا على التقعيد لتلك المسألة، ذاكرا منهم أحمد الريسوني والطاهر بن عاشور، مستدركا أن التيسير لا يعني غياب المشقة المقدور عليها، منتقدا اقترن الصوم عند البعض بقلة المردودية.
موقع الإصلاح