كيف نجعل من رمضان فرصتنا للتغيير؟ – مليكة شهيبي
شهر رمضان من الشهور المباركة التي يقول عنها الله سبحانه وتعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)البقرة: 185 ويقول أيضا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 183
كيف نجعل إذن من هذا الشهر شهر هدى وتقوى؟
- فهناك أناس يخرجون من رمضان كما دخلوا، لا يغيرون إلا ساعات نومهم، ومواعيد أكلهم ونوعية مأكولاتهم.
- وهناك من يراه فرصة لإنقاص الوزن فيركز على عدد السعرات الحرارية و عدد الوجبات وكميتها.
- وهناك من يراه فرصة للتفنن في تزيين طاولة الإفطار من المأكولات والمشروبات والحلويات المعسلة ويتنافس في ذلك ويقضي أكثر من نصف اليوم في المطبخ خاصة النساء.
- وهناك من يراه فرصة للتوفير من المصاريف الشهرية بحذف وجبة من اليوم والاقتصار على وجبتين فقط أو وجبة واحدة.
- وهناك من يصومه ويقومه بطقوس فارغة دون روح: جلباب وتراويح وطقوس رمضانية بامتياز لكنها دون عمق.
فأيّاً كانت نيّة هؤلاء من هذا الشهر الفضيل، فالذي يجب أن نحرص عليه، هو مقصد تحصيل الهدى (هُدًى لِلنَّاسِ) ومقصد تحصيل التقوى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فرمضان فيه من مقومات تحصيل الهدى وتحقيق التقوى ما لا يتوفر في أي شهر آخر:
- ففيه تصفد الشياطين ومردة الجن.
- وفيه تفتح ابواب الجنان ولا يغلق منها باب.
- وفيه تغلق ابواب جهنم ولا يفتح منها باب.
- وفيه تكون النفوس متهيئة والأرواح متعطشة لتحقيق الوصل والوصال بخالقها
- وفيه ليلة خير من ألف شهر
- وفيه يعتق الله سبحانه وتعالى من النار كل ليلة من رغب في العتق، يكفي أن يقبل صادقا في إقباله
- وفيه تضاعف الحسنات وتقبل الدعوات وتغفر الذنوب والخطايا ما تقدم منها جميعها.
- والنفوس مجبولة في هذا الشهر على فعل الخيرات أكثر من أي شهر أخر.
- والبيئة مهيئة ومساعدة: فلا منكرات في الشوارع ولا حانات مفتوحة..
- والمسلمون يتشاركون جميعا في هذه العبادات صياما وقياما وإنفاقا.
فهو شهر مبارك لما فيه من فضائل، والكون كله يستجيب وليس هذا إلا لهذا الشهر: فقد قال فيه المصطفى: ” لقد جاءكم المطهر”:
- يطهرنا مما ران على هذا القلب من لَمَمِ الذنوب والخطايا.
- يطهر أرواحنا من درن الفتور لتُحْسن الاتصال والوصال بخالقها
- يطهر وأرواحنا من أمراض القلوب فتغدو صافية مثل صفاء منبعها.
- يطهر ابداننا من سموم الكلأ حتى تقوى على القيام والركوع والسجود لباريها
وكيف لا وهو الشهر الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادى مناد كل ليلة: يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة” أخرجه الترمذي والبيهقي وابن حبان والحاكم .
فرمضان فرصة للتغيير بامتياز:
- فرصة للانتقال من حالة الكسل والتوتر إلى حالة من الرضا والطمأنينة.
- فرصة للانتقال من حالة الغفلة عن الله إلى حالة عبادة الله بوعي وبحضور قلبي ووجداني.
- فرصة لجعل الصوم امتناعا عن كل شيء سوى الله.
- فرمضان فرصة، يمكنها أن تحدث انقلابا في كياننا، من خلال:
- إعادة النظر في علاقتنا بخالقنا جل وعلا وتصحيح هذه العلاقة.
- وإعادة النظر في أنفسنا وتجديد العلاقة معها.
- وإعادة النظر في علاقتنا بالآخر وتصحيح العلاقة معه.
والمؤمن المدرك لقيمة رمضان هو الذي يرى أنه فرصة لا تعوض لكي يتخلص من عادات وسلوكات يرفضها حد الألم؛ فيسرع في الاجتهاد في التخلص منها واستبدالها بخير منها، كل هذا لكي ينال رضا الله وعفوه ومغفرته ويُحَصِّل هُداه و تقواه، تلبية لنداء المولى عز وعلا: (وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)آل عمران:133