كيف خسرنا معركة المسجد الأقصى؟ – ياسين عز الدين

كانت زيارة شارون للأقصى قبل 19 عامًا كفيلة بإشعال بركان غضب واندلاع انتفاضة الأقصى، لكن اقتحامات المستوطنين للأقصى خلال الأيام القليلة الماضية مرت بهدوء تام وتمكنوا من أداء صلواتهم دون أدنى إزعاج.

كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ وما هي الأخطاء التي وقعنا فيها؟ وما العمل؟

اعتبر أننا خسرنا المعركة التي خضناها منذ أكثر من عشرين عامًا عندما افتتح نتنياهو النفق أسفل الأقصى عام 1996م، حيث خضنا عشرات الجولات كسبنا بعضها (مثل هبة باب الأسباط) وخسرنا أكثرها بحيث وصلنا مرحلة يتحكم بها الاحتلال في كل شيء بالأقصى، حتى أن مجرد الصلاة تعرض صاحبها للاعتقال إن لم تعجب المستوطنين، وأي غرض يدخل الأقصى يجب أن يأخذ الإذن.

والخشية من تكرار ما حصل في المسجد الإبراهيمي المقسم حاليًا بين المسلمين واليهود، والذي يمنع فيه الأذان في أحيان كثيرة حتى لا يزعج المستوطنين، ويستخدمه المستوطنون ساحات للاحتفال والغناء والموسيقى والرقص.

حتى نوقف تدهور الوضع في المسجد الأقصى يجب تغيير أدوات النضال والمقاومة المحدودة التي قيدنا أنفسنا بها طوال السنوات الماضية.

حيث حارب أصحاب ثقافة “بدنا نعيش” كل نفس للمقاومة داخل الأقصى، ممثلين بالأوقاف الأردنية وعناصر أمن السلطة وبعض الناس المدجنين، كما أن فصائل المقاومة اكتفوا بالمراقبة عن بعد والتهوا في الصراعات الداخلية وأولويات أخرى مثل حصار غزة.

والنتيجة أن الاحتلال تحكم بقواعد اللعبة، وبعد أن كان الشبان يلقون الحجارة من داخل الأقصى تجاه ساحة البراق ليمنعوا تجمع المستوطنين، تم تحجيمهم تدريجيًا بتواطئ بين الاحتلال والأوقاف الأردنية وأمن السلطة، بل وصلت الأمور لشيطنتهم واتهامهم بالتخريب.

وبما أن الشباب المقدسي كانوا يتحملون وحدهم عبء الرباط والتصدي، استطاع الاحتلال الاستفراد بهم تدريجيًا.

ثم تراجعنا للمستوى التالي وهو الرباط من خلال قراءة القرآن وتنظيم الحافلات لزيارة الأقصى وزيادة أعداد المتواجدين في الأقصى، ومواجهة المستوطنين بالتكبير.

فأصبحت حافلات الأقصى تهمة وحوصرت ومنعت أغلب الرحلات، وكذلك منع التكبير في وجه المستوطنين، وفي كل مرة يتقدم الاحتلال خطوتين فنحتج ونعترض وربما تحصل مواجهات محدودة ثم ننسى ويمرر الاحتلال ما يشاء، والأنكى أن الأوقاف تضغط على المرابطين لتمرير أوامر الاحتلال كل مرة.

حتى وصلنا لمرحلة محاصرة النشطاء الذين يترددون بشكل دائم على الأقصى وأوامر الإبعاد بالجملة، وتجريم قراءة القرآن في ساحات الأقصى، وتجريم تصوير انتهاكات المستوطنين، ومنع قيام الليل والاعتكاف في رمضان (باستثناء العشر الأواخر)، والحبل على الجرار.

مع تراجع المقاومة الخشنة داخل الأقصى، وتراجع التفاعل الشعبي مع قضية الأقصى في الضفة الغربية، وعدم إعطاء الأقصى أولوية على أجندة الفصائل، أصبح الاحتلال مرتاحًا في تنفيذ كل ما يريد، لهذا وصفت الوضع بأنه خسارة لمعركة الأقصى.

المطلوب حتى نستدرك خسارتنا تغيير طريقة تعاملنا مع انتهاكات الاحتلال في الأقصى، وإعادة الاعتبار لوسائل المقاومة الخشنة، لا نستطيع منع الاحتلال من القيام بما يشاء لكن نستطيع رفع الثمن كما حصل أيام هبة باب الأسباط.

استطاعت هبتا باب الأسباط وباب الرحمة تسجيل انتصارات على الاحتلال لكنها لم تكن كافية والسبب هو عدم وجود حاضنة تنظيمية تحافظ على ديمومة المواجهة، وأيضًا لأن المواجهة أكبر من قدرة أهل القدس وحدهم وهنا مربط الفرس، نحن تركنا أهل القدس والداخل المحتل يدافعون عن الأقصى وحدهم وهم لا يملكون أي شيء في مواجهة أقوى جيوش العالم.

فأهم خطوة مطلوبة هي توسيع المواجهة مع الاحتلال في قضية الأقصى بالتحديد، بما فيه الدول العربية وأن تخرج فيها مسيرات ضاغطة على الأنظمة والحكومات لكي تفعل شيئًا لمسجد مقدس لدى كل المسلمين وليس أهل فلسطين فقط.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى