كيف تنظر حركة التوحيد والإصلاح إلى المجال الفني؟
اختارت حركة التوحيد والإصلاح أن تتخذ من الفن أحد مجالات عملها، لكن يثور التساؤل حول الداعي لاختيار هذا المجال خصوصا وأنها تصنف على أنها حركة دعوية، وتقدم ورقة “الرؤية الفنية” الأجوبة عن رؤية الحركة لمنطلقات هذا العمل وأهدافه وأولوياته ووسائل العمل فيه.
وتبرز “الورقة الفنية” بعد مقدمة تعريفية في فقرة أولى “أهمية الفنون في العقيدة والحضارة الإسلاميين” والذي ينطلق من البعد المركزي للإنسان الذي يتطلب حاجات ذوقية وفنية وجمالية، وتعضد على ذلك بمجموعة من الشواهد من خلال “عناية القرآن بالمدخل الجمالي في بناء شخصية الإنسان” و”عناية السنة النبوية بالتربية الجمالية” وكون أن “الحسن والجمال ثلث الشريعة الإسلامية”، بالإضافة إلى “عناية الحضارة الإسلامية بالبعد الجمالي”.
كما تتناول الفقرة الثانية من الرؤية “واقع الممارسة الفنية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة” من خلال البون الشاسع بين الصورة المضيئة للفن والقيم الجمالية في التصور الإسلامي والحضارة الإسلامية، وبين واقع الفنون وطريقة ممارستها اليوم والقيم التي تروج لها. ومن نتائج ذلك احتكرت الفن مدارس واتجاهات استخدمته أداة هدم للأخلاق والقيم.
وترى الرؤية الفنية للحركة أن فتح الباب لتحريم مجموعة من الفنون من بعض العلماء هو ارتباط ممارستها ببعض الممارسات غير الشرعية، والخلط بين الشعائر التعبدية وبعض التعبيرات الفنية الشيء الذي اعتبره مجموعة من العلماء شكلا من أشكال الابتداع وتحريف العبادة.
وفي المقابل ترى الرؤية أن المبالغة في اللجوء إلى فقه سد الذرائع عزز نفسية التقليد وضعف الاجتهاد والتحوط المفرط مما هو جديد وحالة اللبس التي حصلت في مجموعة من الفنون الجديدة المرتكزة على بعض القيم الغربية كتعرية الجسد وجلب الإثارة، ثم توظيف سياسي للفن لخدمة أجندة دول استعمارية سابقة، ونتيجة كل هذا وغيره هو ابتعاد كثير من المتدينين اليوم عن الفن، وابتعاد كثير من الفنانين عن الدين، وتشجيع نوع من الفن يصور المغرب بصورة معينة تحت الطلب من خلال مجموعة من الأعمال الفنية التي تعرض على المهرجانات الدولية والأوسكارات.
وفي الفقرة الثالثة من الكتاب تتطرق الرؤية الفنية إلى “موقع المسألة الفنية في سلم أولويات الحركة الإسلامية” حيث لم تخفي الحركة أنها أيضا تأثرت بهذه الملابسات التاريخية التي ذكرت قبلا ويتجسد في ضعف اهتمام الحركة بهذا المجال والإقبال عليه، وتشير من خلال هذه الرؤية قيامها بمجموعة من المراجعات في هذا الإطار حيث وضعت مجموعة من “الأهداف للعمل الفني عند حركة التوحيد والإصلاح” وأبرزها الإسهام من خلال الأعمال الفنية في تعميق الإيمان من خلال المدخل الجمالي والوجداني والإسهام في تعزيز الوظيفة التربوية والثقافية للفن وتخليصه من الابتذال وتصحيح النظرة إلى الفن بكل تمظهراته لدى المجتمع وتخليصه من الصور السلبية التي لحقت به في التاريخ الإسلامي ثم تحقيق التواصل مع المجتمع من خلال أعمال فنية..
وتكمن مجالات العمل الفني من خلال الورقة في مجال الإنتاج الفني ومجال التكوين الفني ومجال النقد الفني، أما من حيث المجالات الفنية ذات الأولوية عند الحركة فهناك مجال الكتابة القصصية والمسرحية والشعرية ومجال أدب الطفولة ومجال الأغنية والإنشاد ومجال الرسم والخط ومجال التمثيل ومجال النقد الأدبي والمسرحي والسينمائي ومجال الفنون الرياضية.
وحددت الحركة في مجال الفن آليات ووسائل للعمل أهمها المسابقات الفنية والاحتفال بالمناسبات الإسلامية والمهرجانات الفنية والندوات والأيام الدراسية الخاصة بالنقد الفني.