قضية الروهينغيا أمام محكمة العدل الدولية
انطلقت يوم الخميس 12 دجنبر 2019 بمحكمة العدل الدولية في لاهاي أولى جلسات المحاكمة في ملف الإبادة الجماعية التي تعرض لها مسلمو الروهينغا من طرف جيش ميانمار، حيث تم ارتكاب جرائم ومذابح ضد قومية الروهينغا المسلمة، بما في ذلك القتل، والاغتصاب، وإحراق الممتلكات. بلغت هذه الانتهاكات ذروتها خلال حملة التطهير العرقي الوحشية التي بدأت في غشت سنة 2017، وأجبرت أكثر من 740 ألف من الروهينغا على الفرار إلى بنغلادش.حيث تم توثيق هذه الجرائم من قبل الأمم المتحدة، ووسائل الإعلام، ومنظمات حقوق الإنسان، بما فيها هيومن رايتس ووتش.
وتأتي هذه المحاكمة بناء على شكوى تقدمت بها غامبيا بدعم من 57 عضوا من “منظمة التعاون الإسلامي” – أمام محكمة العدل الدولية ضد ميانمار التي قام جيشها بعملية ممنهجة لإبادة الروهينغا في ولاية راخين وفي انتهاك صارخ لمختلف أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها طبقا للمادة 9 التي تسمح بعرض النزاعات بين الأطراف “المتصلة بمسؤولية دولة ما عن جرائم الإبادة الجماعية” والأفعال ذات الصلة على محكمة العدل الدولية من قبل أي طرف.
وقد طالبت غامبيا المحكمة بإصدار “أمر بتدابير مؤقتة ” لحماية حقوق الروهينغا بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ومنع تفاقم أو تمديد النزاع في انتظار حكم المحكمة النهائي”. ومن بين التدابير المؤقتة التي طالبت غامبيا المحكمة الأمر بها “كمسألة ملحة جدا” هي أن يفرض على ميانمار أن “تتخذ على الفور جميع التدابير اللازمة لمنع جميع أعمال الإبادة الجماعية؛ وعلى ميانمار أن تضمن أن الجيش لا يرتكب أية أفعال الإبادة الجماعية؛ وعلى ميانمار ألا تُدمر أي أحداث تتعلق بالطلب الأصلي أو منع الوصول إليها.
وتجدر الإشارة إلى أنه في سنة 2018 تم تشكيل بعثة لتقصي الحقائق تحليلا شاملا لوضع الروهينغا كجماعة محمية، وأفعال الإبادة الجماعية، ومؤشرات نية الإبادة الجماعية، وخلص إلى أن “تصرفات الذين كانوا دبروا الهجمات على الروهينغا تشكل فعليا لائحة مسبقة” حول كيفية تدمير جماعة مستهدفة كليا أو جزئيا. وخلصت بعثة تقصي الحقائق كذلك في سنة 2019 إلى أن “دولة ميانمار انتهكت التزامها بعدم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.
وتبقى هذه المحاكمة محطة مهمة للضغط من أجل إدانة الجرائم المرتكبة في حق مسلمي الروهينغا، ومحاكمة المسؤولين على الإبادة والمجازر التي ارتكبت في حق المدنيين، والمطالبة بتوفير حماية دولية للروهينغا ووقف معاناة الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ الذين يموتون يوميا جراء إجراءات التطهير العرقي والتصفية الجماعية لشعب أعزل. كما أن هذه المحاكمة تتطلب تفاعلا دوليا خاصة من الشعوب العربية والإسلامية للتعريف بقضية الروهينغا وتقديم المساعدات الإنسانية لهم والوقوف معهم في محنتهم ورفع المعاناة عنهم.
رشيد فلولي