قصف الوفد المفاوض بقطر.. إرهاب “دولة” و دعوات وتحركات للجم نتنياهو

لازالت تداعيات قصف الاحتلال الإسرائيلي للوفد الفلسطيني المفاوض في قطر تلقي بظلالها على الساحة الدولية، ففي الوقت الذي يهدد فيه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وقادة الاحتلال بإعادة استهداف الوفد في قطر وتركيا، بدأت قطر تصعد من تصريحاتها تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

واعتبر الكاتب البريطاني ورئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي”، ديفيد هيرست، أن العدوان الإسرائيلي على الدوحة مثّل لحظة كاشفة، أكد أن الاعتراف بـ”إسرائيل” أو توقيع اتفاقيات تطبيع معها لا يحقق سلاما، بل يمنحها  شعورا بالتفوق يمكنها من قصف عاصمة خليجية دون اعتبار للسيادة. 

وأضاف أن العملية التي فشلت في تحقيق هدفها بقتل وفد التفاوض التابع لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، نجحت في توجيه رسالة تهديد إلى قطر وتركيا ودول المنطقة بأن الجيش الإسرائيلي قادر على الوصول إلى أي مكان.

وفي سياق التصريحات الصهيونية الجديدة ضد قطر أدانت الإمارات تصريحات نتنياهو العدوانية بحق قطر، مؤكدة أن أي اعتداء على دولة خليجية يمثل اعتداء على منظومة الأمن الخليجي المشترك، وتنقل هارتس عن مصادر خليجية أن الإمارات أدركت متأخرة أن وجهة نتنياهو ليس السلام والاستقرار الإقليميين.

وضع خطير

وتوالت التصريحات المنددة باستباحة الدول العربية، إذ جدد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج التعبير عن تضامن المملكة المغربية التام مع قطر في كل ما يمس سيادتها، منددا بالاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التفاوضي بالدوحة.

وحذر خلال مؤتمر صحفي على هامش ندوة رفيعة المستوى اليوم بالرباط حول مستقبل العلاقات الأورومتوسطية من خروج الأمور عن السيطرة، لأن “ما تقوم به “إسرائيل” يعطي انطباعا أنه ليس هناك قوة رادعة لما يجري بالمنطقة”، داعيا مجلس الأمن والأعضاء الدائمين إلى التحرك للتعامل مع هذا الوضع الخطير جدا الذي سيقود المنطقة إلى وضع لا يمكن السيطرة عليه. 

وشدد بوريطة على أن المغرب يؤيد عقد قمة استثنائية عربية إسلامية لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية غير المقبولة على الدول العربية وآخرها على قطر.

وتمتد موجة الإدانة إلى روسيا التي استغل وزير خارجيتها سيرغي لافروف الاجتماع الوزراي الثامن لوزراء خارجية روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي المنعقد اليوم الخميس في مدينة سوتشي ليؤكد أن “التوترات العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط تصاعدت بشكل حاد عقب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة القطرية الدوحة في التاسع من سبتمبر”.

ويؤكد لافروف أن التصرفات “الإسرائيلية” الأخيرة تُظهر نية واضحة لتقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مشددا على أن اجتماعنا اليوم ينعقد في ظل تصعيد خطير، بعد الضربات الصاروخية والجوية الإسرائيلية على الدوحة”.

كما وصل إلى الدوحة رئيس وزراء باكستان، محمد شهباز شريف، اليوم الخميس، في زيارة “أخوية” للتضامن مع قطر ضد الهجوم الإسرائيلي عليها الثلاثاء. وجاء حسب وكالة الأنباء القطرية غداة توافد قادة بالمنطقة لدعم قطر في أعقاب الهجوم “الإسرائيلي” على العاصمة الدوحة.

تشييع الشهداء

وعلى المستوى الميداني، شيعت قطر بعد صلاة عصر اليوم الخميس في العاصمة الدوحة شهداء الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف مباني سكنية في الدوحة الثلاثاء الماضي، وذلك بمشاركة أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ويتعلق الأمر بالشهداء: هُمام نجل كبير مفاوضي الحركة خليل الحيّة، ومدير مكتبه جهاد لبّاد، إضافة إلى مرافقيه أحمد مملوك وعبد الله عبد الواحد ومؤمن حسّون، إلى جانب العريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من منتسبي قوة الأمن الداخلي القطري.

وفي هذا الشأن، استنكرت دولة قطر بأشد العبارات التصريحات المتهورة التي أدلى بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن استضافة دولة قطر مكتب حركة حماس، وما تضمنته من محاولة مستنكرة لتبرير الهجوم الإسرائيلي الجبان الذي استهدف الأراضي القطرية.

وقال رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يجب أن يقدم للمحاكمة كونه مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية، في إشارة إلى المذكرة التي أصدرتها المحكمة ضد نتنياهو وغالانت.

إرهاب دولة

ووصف الهجوم على الدوحة، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” بأنه “إرهاب دولة”، وتابع: “لا أجد كلمات أعبر بها عن غضبنا من هذا الفعل، لقد تعرضنا للخيانة”، موضحا أنه هناك قمة عربية إسلامية ستعقد في الدوحة لإقرار مسار “رد جماعي” ضد الاحتلال، آملا أن يكون “مؤثرا لردع إسرائيل” عن اعتداءاتها.

وأضاف أن مشددا على أن نتنياهو “يقود الشرق الأوسط إلى الفوضى”.  مردفا: “اليوم منطقة الخليج برمتها في خطر”، مشيرا إلى أن أفراد الأمن القطريين الذين أصيبوا في عدوان الاحتلال الإسرائيلي في حالة حرجة. 

وقد أعلنت قطر أنها ستشيّع في العاصمة الدوحة الخميس، شهداء قصف الاحتلال الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف مسؤولين من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” في الدوحة في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

رد جماعي

وتأتي فكرة الرد الجماعي من منطلقين: الأول وهو فكري يمكن حديث قادة الاحتلال الإسرائيلي عن العمل من أجل إنشاء إسرائيل الكبرى (فلسطين ولبنان وسوريا والعراق والأردن والكويت وتركيا ومصر)؛ والثاني عملي يتجسد في استهداف ضربات الاحتلال الإسرائيلي على 5 دول عربية في يومين.

ويزيد من حدة التصعيد دعوة مئير بن شبات، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إلى استهداف قادة المستوى السياسي لـ”حماس” خارج قطاع غزة، مشددا في مقاله المنشور على موقع معهد “مسغاف” للأمن القومي والاستراتيجية، على استهداف هؤلاء القادة في دول مضيفة لهم مثل قطر وتركيا.

كما تجد الفكرة دعما في ظل دعوات الشعوب للتعبير عن نبض الأمة، وتوالت الإدانات العربية والدولية للعدوان الإسرائيلي، الذي امتد من الدول العربية إلى الاسلامية ليصل إلى دول غربية ومنظمات أممية وإقليمية.

توجه  للأمم المتحدة ومجلس الأمن

وتتحرك قطر على عدة أصعدة لمواجته ما سمته بـ”إرهاب دولة”، فباعتبارها عضوا في منظمة الأمم المتحدة، وجهت رسالة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإسرائيلي “الجبان” والذي استهدف مقرات سكنية يقيم فيها عدد من أعضاء المكتب السياسي لحركة “حماس” في العاصمة الدوحة.

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا)، قامت بتوجيه الرسالة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوبة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن الدوحة طالبت بتعميم الرسالة على أعضاء مجلس الأمن وإصدارها كوثيقة رسمية من وثائق المجلس.

وباعتبارها عضوا في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ترنو إلى رد جماعي ردع ومؤثر، قررت قطر استضافة قمة عربية إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين لبحث الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدفها يوم الثلاثاء الماضي.

وعلى المستوى الأممي، استغلت كل من فرنسا وبريطانيا دعوة الجزائر، العضو المؤقت في مجلس الأمن، للانعقاد كي توزع مشروع بيان صحفي على أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن الهجوم الإسرائيلي على قطر، تفاعلا مع إدانات أممية وعالمية واسعة للهجوم، أو استباقا لمشاريع قد تطالب بإدانة الاحتلال.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى