قراءات رمضانية 16| ليلة القدر

تتعدد الكتب والرسائل التي ألفت عن شهر رمضان المبارك بتعدد المجالات والتخصصات وزوايا النظر. وتحاول كلها البحث في كنه هذا الشهر الكريم، الذي خصه الله بمزايا تفوق خصائص الشهور الأخرى، إذ فيه نزل القرآن، وخلاله تضاعف الحسنات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر.

وكتاب “ليلة القدر” للدكتور عبد الباري محمد داود، من ضمن تلك الكتب، وقد عرف الكاتب بإغناء المكتبة العربية بمؤلفات منها: “أويس القرني سيد التابعين وعلم الأصفياء”، و”الصحة النفسية للطفل”، و”اللسان ميزان بين الصمت والكلام”.

يعد كتاب ليلة القدر للكاتب عبد الباري محمد داود من الكتب التي تركز على هذه الليلة المباركة في شهر رمضان، وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم. ويتناول الكاتب في مؤلفه فضل ليلة القدر وقيامها لما لها من أهمية وخصوصية عند المسلمين.

استمرارية ليلة القدر

وبدأ الكاتب حديثه بإيراد عن مسألة استمرار ليلة القدر إلى زمننا المعاصر، قائلا “اختلفوا هل ليلة القدر باقية إلى زماننا هذا أم كانت في زمن النبي؟ خاصة على قولين أصحهما إنها باقية إلى زماننا هذا وإنها في شهر رمضان”.

وتوقف عند الاختلاف حول تحديد وقتها، قائلا “اختلفوا أي الليالي أخص بها على ستة أقوال:

أحدها: إن الأخص بها أول ليلة من شهر رمضان.

الثاني: هي ليلة الحادي والعشرين.

الثالث: هي ليلة الثالث والعشرين.

الرابع: هي ليلة الخامس والعشرين.

الخامس هي: ليلة السابع والعشرين.

السادس: هي ليلة التاسع والعشرين.

وقيل: إنها تنتقل في أفراد العشرة الأواخر من شهر رمضان”.

إحدى ليالي رمضان

وعنده “تدل آيات القرآن الصريحة على أن ليلة القدر إحدى ليالي رمضان، لأن الله تعالى بدأ فيها نزول القرآن ومعلوم أنه ابتداء نزوله في رمضان فيتعين أن يكون ليلة القدر إحدى لياليه والمتصفح لكتاب الله عز وجل لا يجد في القرآن نص بتعيينها، وما ورد في تعيينها من الروايات في الأحاديث مختلف اختلافا كثيرا”.

ويشير إلى وجود حكمة خلف الاختلال بشأنها، قائلا “لعل الله تعالى أبهمها لحكمة جليلة، لينشط الناس في عبادته والتقرب إليه كل ليالي الشهر، رجاء أن يصادفوها ولا يتكاسلوا في طاعة الله إذ علموها على التعيين، وهذا هو الرأي الذي نعتمد عليه”.

عظمة الخالق

وتوقف الكاتب عند قوله تعالى: “إِنَّا أَنزَلْنَنهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”: ليستخرج منها ثلاثة أوجه: أولاً: أنه أتى بالضمير الدال على الذات المقدسة بصيغة الجمع فقال “إنا” ولم يقل إني، وقال “أنزلناه” ولم يقل أنزلته. ومعلوم لكل ذي عقل وروح، أن ذلك للتعظيم لا للتعدد ولا يُنزل العظيم إلا العظيم.

ثانياً: أنه عبر عن المنزل بالضمير في مكان الإظهار إشارة إلى أنه غني عن البيان لشهرته وفضله وشرفه. ثالثاً: أنه أنزل في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ولم يختر لإنزاله تلك الليلة، إلا لعظم قدره وسموه).

واختلف العلماء في ليلة القدر هل هي ليلة واحدة في الدهر كله أم هي متكررة في كل سنة، والحق أنها ليلة مخصوصة شرفها الله بنزول القرآن فيها كما شرف بعض الأمكنة وبعض الليالي.

اتصال الأرض بالسماء

وأرشد الكاتب إلى أمر المصطفى بإحياء هذه الليلة بالذكر والطاعة وتلاوة القرآن ومدارسته شكراً لله تعالى على نعمته، ووعد من يقيمها بغفران ذنوبه، ذلك أن شهر رمضان إنما فضل على سائر الشهور لأنه ضم في نظم أيامه هذه الليلة المباركة الجديرة بالتقديس والابتهاج وأخلد الذكريات.

ويرى أن من أخص العبادات فيها الصوم لتناسبه مع ذكرى ليلة القدر التي كانت صلة بين الأرض والسماء بنزول سفير الوحي جبريل عليه السلام على النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه معلناً إليه معنى النبوة والرسالة، ومفرغاً في صدره آية الفتح المبين وفاتحة الغيث العظيم.

حكمة جليلة

ويخلص الكاتب إلى عدة نتائج منها أن آيات القرآن الصريحة تدل على أن ليلة القدر إحدى ليالي رمضان، لأن الله تعالى بدء فيها نزول القرآن ومعلوم أنه ابتداء نزوله في رمضان فيتعين أن يكون ليلة القدر إحدى لياليه ومن المعلوم حقيقة أنه لا يوجد في القرآن نصاً بتعيينها.

ويلفت الكاتب إلى أن ما ورد في تعيينها من الروايات في الأحاديث مختلف اختلافاً كثيراً، ولعل الله تعالى أبهمها لحكمة جليلة، لينشط الناس في عبادته والتقرب إليه كل ليالي الشهر، رجاء أن يصادفوها ولا يتكاسلوا في طاعة الله إذا علموها على التعيين، وهذا هو الرأي الذي نعتمد عليه.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى