قراءات رمضانية 7 | رسالة رمضان للشيخ أبو بكر الجزائري

تتعدد الكتب والرسائل التي ألفت عن شهر رمضان المبارك بتعدد المجالات والتخصصات وزوايا النظر. وتحاول كلها البحث في كنه هذا الشهر الكريم، الذي خصه الله بمزايا تفوق خصائص الشهور الأخرى، إذ فيه نزل القرآن، وخلاله تضاعف الحسنات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر.
وكتاب “رسالة رمضان” للشيخ أبو بكر الجزائري (توفي 15 غشت 2018)، من ضمن تلك الكتب، وهو شيخ حصل على إجازة من رئاسة القضاء بمكة المكرمة للتدريس في المسجد النبوي، لتصبح له بعد ذلك حلقة يدرس فيها تفسير القرآن الكريم والحديث الشريف، فألف أكثر من 35 مولفات في مجالات مختلفة.
أصل “رسالة رمضان”
يعرف الكاتب القراء بداية على أن “رسالة رمضان هذه هي عبارة عن دراسة عامة شاملة لركن عظيم من أركان الإسلام: صوم رمضان المعظم، دراسة علمية تتبع جزئيات هذه العبادة وكلياتها، فلا تغفل ناحية من نواحيها الحكمية والعلمية. بل تتناولها بأسلوب سهل، وعبارة مبسطة واضحة تدركها العقول على تفاوتها”.
وقد عمل على أن تكون رسالة رمضان هذه من أحسن ما وضع في هذا الباب. وقال “كما فصلت فيها الأحكام تفصيلا يسهل فهمها، ويرغب في حفظها مراعياً في تلك الأحكام روح الإصلاح وسر العبادة، فذكرت لذلك عقب كل حكم دليله، وعقب كل مسألة حكمتها أو علتها، كشفا عن أسرار العبادة..”.
التشريع وسعادة الإنسان
وعنده أن “سعادة الإنسان متوقفة تماما على صلاح جثمانه وروحه، وأن صلاح الجسد والروح متوقف كذلك على تشريع حكيم ذي قوانين محكمة، ووظائف دقيقة، ووجود هذا التشريع في صورته الكاملة، يتوقف إلى أبعد حد على مدى علم وخبرة الواضع له”.
وتبعا لذلك يرى أن “بقدر معرفة الواضع لأحوال وشؤون الموضوع لهم ظاهرا وباطنا، وفي كل ظروفهم وأطوار حياتهم يكون التشريع صالحا مؤديا للثمرة المرجوة من إصلاح روح الإنسان وجسمه اللذين تتوقف سعادته الكاملة على صلاحهما”.
ويخلص إلى أن الخالق سبحانه هوالوحيد الذي له قدرة الإطلاع على أحوال العباد، بحيث يختص بالتشريع، وعليه تتوقف سعادة المخلوقات على تشريعه الحكيم، لذلك فإنه يستقبح البدعة، ويرى أن جرم من يستعيض عن التشريع الحكيم بالقوانين الوضعية كبير.
ماهية الصوم
يبدء الشيخ هذا المحور تعريف رمضان، فهو في اللغة: الإمساك مطلقا، وفي الشرع: الإمساك بنية التعبد عن الأكل والشرب وغشيان النساء وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وعنده أن تاريخ الصوم قديم، وعند المسلمين شرع في الاثنين من السنة الثانية للهجرة.
أما فوائده؛ فهي عنده متنوعة منها الفوائد الروحية المتمثلة في الصبر وضبط النفس وغيرهما، أما الاجتماعية فتتجلى في الاتحاد والنظام، والعدل والمساواة، والحصانة من الشر والفساد، أما الفوائد الصحية فيدلل عليها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم “صوموا تصحوا”، وما تبث في مجال الطب.
أقسام الصيام
ويجلي المؤلف بعض فضائل الصيام، قائلا إن “الصوم عبادة روحية كتبها الله عليينا وعلى من قبلنا”. ثم يقسم أنواع الصيام إلى ثلاثة أقسام أولها: الصيام الفرض المتمثل في رمضان، ثانيها: الصيام الواجب المتجسد في النذر، وأخيرا: صيام التطوع كصيام عاشورا..
ولا ينسى الكاتب أن ينبه إلى وجود صيام مكروه مثل صيام يوم عرفة للحاج، وإلى وجود صيام حرام كصيام يوم العيد وصيام الوصال..
صيام رمضان
ويجزل الكاتب الحديث عن صيام رمضان لما خصه الله تعالى به من فضائل مثل نزول القرآن فيه، وفضل الصدقة، وفضل قيام الليل، واختصاصه بصلاة التراويح، وافكثار من تلاوة القرآن، وتضمن هذا الشهر لليلة القدر، زيادة على الاعتكاف فيه، والاعتمار، وإقامة صلاة العيد، وإخراج زكاة الفطر.
موقع الإصلاح