قراءات رمضانية 10| الهمة العالية في اغتنام العشر الأواخر من رمضان

تتعدد الكتب والرسائل التي ألفت عن شهر رمضان المبارك بتعدد المجالات والتخصصات وزوايا النظر. وتحاول كلها البحث في كنه هذا الشهر الذي خصه الله بمزايا تفوق خصائص الشهور الأخرى، إذ فيه نزل القرآن، وخلاله تضاعف الحسنات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر.
ومن تلك المؤلفات كتاب “الهمة العالية في اغتنام العشر الأواخر من رمضان” للشيخ السيد طه، وهو داعية إسلامي وباحث تربوي، كتب ما يقارب 86 كتاب في مجالات متعددة منها الدين والأخلاق والأدب والفكر ومجالات أخرى.
إيقاد الهمة
يحث الكاتب المسلمين على إيقاد الهمة لاغتنام شهر رمضان خاصة العشر الأواخر المتضمنة لليلة القدر، وفي ذلك يقول: “هيا أيها المتسابقون فلنجتهد لنكون من المقبولين، ولنلحق بركب الصالحين فما بقى إلا القليل، والعبرة بالخواتيم”.
ويدعو طه إلى إدراك الخسارة الحقيقية والمتمثلة في خروج رمضان دون الفوز فيه، وفي هذا يقول: “الكارثة العظيمة أن يُحرم الإنسان الخير في رمضان، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أحاديث في بيان خسران من أدرك رمضان ولم يُغَفر له كثيرة”.
لذلك يشدد على أن يشمر المسلم على ساعد الجد في هذا الشهر، ويرفع من العمال والفضائل التي يقوم بها، و”حتى نكون من الفائزين برمضان علينا أن نُحي الهمة في العشر الأواخر من رمضان، من الاجتهاد في العبادة.
مزايا رمضان
أما الإدراك الأخر الذي يشدد عليه فهو إدراك فضل العشر الأواخر من رمضان، كيف يتأتى ذلك؟ يجيب الكاتب “لقد خص الله تعالى العشر الأواخر من رمضان بمزايا لا توجد في غيرها، من أعظمها ليلة القدر التي خصها الله تعالى بنزول القرآن الكريم”.
وقد خصها النبي صلى الله عليه وسلم بأعمال لم يكن يفعلها في غيرها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة العشر الأواخر من رمضان لما لهذه الأيام من مكانة عظيمة عند الله تعالى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر”.
ويحدد الكاتب أربعة أعمال كبرى من أجل الهمة العالية في اغتنام العشر الأواخر من رمضان، وهي: الاعتكاف في العشر الأواخر، وتحري ليلة القدر والتخلص من الأحقاد وطلب العفو من الله تعالى، وحب المكث في المسجد، وإحياء الليل.
التخلص من الأحقاد
ففي ما يتعلق بالاعتكاف في العشر الأواخر، فهو عند الكاتب لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وهو ثابت بالكتاب والسنة، و”المقصود بالاعتكاف انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله تعالى في مسجد لفضل ثواب الاعتكاف من الله تعالى، من مساجد الله طلبا وطلبا لإدراك ليلة القدر.
أما في ما يخص تحري ليلة القدر والتخلص من الأحقاد وطلب العفو من الله تعالى، فقد أورد الأحاديث عن توقيتها ضمن العشر الأواخر من رمضان، وتقريبا في الليالي الوترية، وتحديدا في ليلة السابعة والعشرين من رمضان.
ويورد الكاتب “قد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في ليلة القدر بالقيام والدعاء”، “لقول عائشة رضي الله عنها: “قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة: ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
سفارة الله
وفي باب حب المكث في المسجد، ومن جميل ما يذكر هناك أن “المسجد سفارة الله في الأرض فكما أن سفارة كل دولة تعتبر لها لسلطانها مع أنها مقامة على أرض دولة أخرى، فكذلك المسجد الذي يقع على الأرض لكنه بقعة انتزعت من السماء”.
أما ما يخص إحياء الليل، فيقول طه “لقد علم العارفون أن قيام الليل مدرسة المخلصين، ومضمار السابقين، وأن الله تعالى إنما يوزع عطاياه، ويقسم خزائن فضله في جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منها الغافلون والنيام، وما بلغ عبدٌ الدرجات الرفيعة، ولا نور الله قلبًا بحكمة إلا بخط من قيام الليل”.
ختاما، يقول “علينا أن نحرص أيها المسلمون أن ننتفع بالعشر الأواخر من رمضان لكي نكون من سكان القمم، فسكان القمم لايرضون لأنفسهم من كل شيء إلا أحسنه، ومن كل أمر إلا أتمه وأجمله، وقد قيل قديما: ‘قدر الرجل على قدر همته’.
موقع الإصلاح