قراءات رمضانية 8| أربعون درسا لمن أدرك رمضان

تتعدد الكتب والرسائل التي ألفت عن شهر رمضان المبارك بتعدد المجالات والتخصصات وزوايا النظر. وتحاول كلها البحث في كنه هذا الشهر الكريم، الذي خصه الله بمزايا تفوق خصائص الشهور الأخرى، إذ فيه نزل القرآن، وخلاله تضاعف الحسنات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر.
وكتاب “أربعون درسا لمن أدرك رمضان” للداعية عبد الملك بن محمد القاسم، من ضمن تلك الكتب، وصاحبه له العديد من المؤلفات، ولعل من أبرزها: “الزمن القادم” و”موقف عزة” و”هناك حيث يطفأ نور الإيمان” و”سنبلة قلم” و”الروضة الغنّاء في سيرة خاتم الأنبياء” و”غراس السنابل”.
واحة إيمانية
وقد بسط القاسم في كتابه هذا 40 درسا لهذا الشهر الكريم، “لتكون واحة إيمانية ينهل من معينها في مسجده وبيته”، كما يقول. وانتقى أمورا مقصودة وفي المقابل أعرضت عن كثير من أحكام الصيام لشيوعها وكثرة ما كتب عنها.
يقول “ليس الأساس هو زيادة معلومات الناس الفقهية والتعبدية، بل الهدف دعوة الناس إلى تطبيق ما يعلمون، وتحريك هممهم وعواطفهم وعقولهم وقلوبهم نحو ذلك، وقد زاد عدد الدروس عن أيام الشهر المبارك ليكون فيها تنوع في المواضيع، وسهولة عند الاختيار”.
من أدركه رمضان
تحت هذا العنوان، حدد الكاتب 8 وقفات لهذا الشهر وهي: تذكر أصل الخلق وأسباب الوجود، واغتنام الحياة، والإخلاص والنية، والتعود على ذكر الله، وقراءة القرآن يوميا، واستثمار رمضان للدعوة إلى الله، والحذر من مجالس الفارغين، والاهتمام بالمنزل بمن فيه.
وفي خلاصته يقول “إن أفزعتك دورة الأيام وأهمك أمر الآخرة، وأردت أن تعمل فلا تقصر فاقصد باب التوبة واطرق جادة العودة وقل: لعله آخر رمضان في حياتي، ولعلي لا أعيش سوى هذا العام، ولا تستكثر عليك هذا التصور. فاحزم أمرك وسر إلى الآخرة، فوالله إنك في حاجة إلى الحسنة الواحدة”.
كيف نعيش رمضان
حرص القاسم في هذا الباب على سرد أهم خصال هذا الشهر الفضيل، التي تقود إلى أن يكون الإنسان من عتقاء شهر رمضان، وهي: الصوم، والقيام، والصدقة عبر إطعام الطعام وتفطير الصائمين، والاجتهاد في قراءة القرآن، والجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس، والاعتكاف، والعمرة.
فعنده أن شهرا بهذه الخصائص والخصال حري بالناس استقباله بالتوبة النصوح والعزيمة الصادقة لاغتنام فرصه، وعمارة الأوقات بالعمل الصالح، كل ذلك من أجل الظفر بخيرات رمضان التي لا توجد في غيره من الأشهر.
حسن الخلق
ويربط بين رمضان وبين حسن الخلق المأمور به في كل أحوال المسلم، قائلا: “فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تنال الدرجات، وتُرفع المقامات، وقد خص الله جل وعلا نبيه محمداً بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب، فقال جل وعلا: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ”.
ويعتبرها مناسبة كريمة من أجل التحلي بالصفات الحسنة، والحذر من الحقد والكراهية وعدم العدل والغيبة والنميمة وكل الآفات السيئة، بغاية تحقيق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع الحسنة السيئة تمحوها، وخالق الناس بخلق حسن”.
إحياء السنن
توقف مطولا عند سُنن قل العمل بها ومنها: تخفيف إفطار الصائم عند المغرب، وصلاة الاستخارة، وسجود الشكر، والتأمين خلف الإمام ورفع الصوت بها، والسواك، ورفع الصوت بالذكر الوارد بعد الصلاة، والسلام على جميع المسلمين، والمضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة..
ويخلص إلى أن موت السنن واندثارها وجهل الناس بها وعدم تطبيقها، علامة على ظهور البدع وفشوها، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: «ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا سنة، حتى تحيا البدع وتموت السُنن».
وفي التفاتة إلى الأجراء والموظفين؛ ينبه إلى ضرورة إحقاق الحقوق والواجبات ومنها الراتب الشهري في وقته المحدد، قائلا: “فلْيَخفِ الله المماطلون وليتقوا عذابه، وليعلموا أن دعوة المظلوم لا ترد حتى وإن كانت من كافر. موردا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة”.
تنبيهات عامة للصائمين
ولا يفوت الكاتب الفرصة دون التنبيه إلى مجموعة من الأشياء التي على الصائم تجنبها مثل: أخذ الرشوة وإعطاؤها، أكل الربا، وأذية الجار، والمماطلة في أداء الحقوق، وشرب الدخان، وشهادة الزور، وكذا عدم إعطاء الأجراء مستحقاتهم، وغيرها.
ويلفت إلى أن “في شهر رمضان فرصة مناسبة لمراجعة النفس ومحاسبتها وملاحظة تقصيرها فإن في ذلك خيراً كثيراً.. ويورد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني”.
موقع الإصلاح