في ضيافة “ضفاف الفنجان”.. رئيس الحركة يستعرض مساره الدراسي والدعوي والمواقف من مدونة الأسرة
حلَّ الدكتور أوس رمال رئيس حركة التوحيد والإصلاح ضيفا على برنامج “ضفاف الفنجان” على قناة “صوت المغرب” على منصة “اليوتوب” يوم الجمعة الماضية، أداره الإعلامي يونس مسكين على مدار قرابة أربع ساعات.
المسار والاختيار
وتحدث رئيس الحركة في الحوار عن نشأته التي بدأت بحفظ القرآن الكريم وهو في سن الرابعة، وكبره في جو القرآن منذ طفولته، فيما كان بيتهم يحتضن جلسات لعلماء جامعة القرويين من أصدقاء والده. كما تحدث عن زيارة رموز وطنية حاملة للفكر الإسلامي العميق لبيتهم، ومن بينهم الدكتور المهدي بن عبود والدكتور المهدي المنجرة..
ودرس رمّال في مدينة فاس ثم انتقل إلى مراكش كطالب جامعي، حيث كانت الجامعات حبلى بالروافد اليسارية والشيوعية عامة، وحينها انضم إلى التنظيم القاعدي في الجامعة، ثم عاد إلى فاس ليكمل الدراسة، ويصبح أستاذا بعد تخرجه، ويتم تعيينه للتدريس في مدينة الناظور، وكان وقتها قد حسم اختياره الإيديولوجي وبدأ يلقي خطب الجمعة للطلبة في فاس.
وأوضح رمال أن حسم اختياره الفكري كان مرده إلى النشأة الأولى في البيت، والحنين للوالدين والعلماء الذين كانوا يأتون إليهم، كما كان ينتظر الفرصة لدراسة القرآن والسيرة والعلم الشرعي، إذ تمكن من التسجيل في شعبة الدراسات الإسلامية، وكان المطلب وقتها إخراج الشعبة من الإطار الضيق داخل جامعة القرويين.
وفي الثمانينات، انخرط في تنظيم الشبيبة الإسلامية إلى أن برز العمل الإسلامي من خلال الجماعة الإسلامية، فأصبح العمل معلنا حينها، وفي الناظور استطاع أن يؤسس مع آخرين العمل الإسلامي في المدينة، كما كان يحتضن أي تنظيم يأتي للمدينة ويشجعه.
وأشار إلى أن الجماعة كانت لها تصريحات في مواقف سياسية كثيرة جلبت لها مشاكل منها مصادرة المجلات، ورغم اشتغالهم بشكل قانوني وفق الدستور، إلا أنهم لم يكن يحصلون على وصولات التأسيس، وبالتالي لا يستطيعون توزيع منشورات أو تعليق ملصقات، مضيفا أن العمل الدعوي كان مركزا على الجلسات وفق برنامج تربوي يتكلف به الإخوة المربين الذين لديهم البعد التربوي.
الحركة والحزب
وتحدث رمال عن حيثيات تأسيس حزب العدالة والتنمية، فقد كانت كثرة الانشغالات في حركة الإصلاح والتجديد حينها، وضيق الوقت سببا في التفكير في فتح المجال للتخصصات، خاصة وأن العمل السياسي والنقابي هو عمل مستهلك يحتاج وقتا مما يعطل أعمال الحركة، فكان المخرج هو تأسيس الحزب، وتم تسميته حزب التجديد الوطني إلا أنه تم رفضه من السلطات، وبعد التواصل مع الدكتور عبد الكريم الخطيب تأسس الحزب واختير له اسم “العدالة والتنمية”.
وأكد رمال أن العمل السياسي يمكن أن يتم تسييره بالأخلاق ويسير بخطوات ثابتة ويعول عليه، وبدأ الحديث عن الوصل والفصل في العلاقة بين الحركة والحزب، مشيرا إلى أن الحركة لم تكن تتحكم في الحزب كما يحصل في دول المشرق، وأن مسطرة الترشح بقيت كالتي تتم في الحركة.
وتحدث رمال عن الوحدة، وأوضح أنه من الصعب أن تقوم بعمل وحدة لتنظيمات مختلفة، إلا أن الأمر تم بعد وضع ثلاث خيارات وهي: المرجعية العليا للكتاب والسنة، القرارات تؤخذ بالشورى الملزمة، والثالثة المسؤولية بالانتخاب.
استقلالية القرار والتوجهات
وأضاف أن الحزب كان من المتوقع أن يكبر ويقود، مشيرا إلى أن العلاقة مع الحركة لم تتأثر، فعندما يأخذ الحزب قرارا وينضجه في بيئته يتم مناقشته داخل الحركة التي بدورها لديها تصورها الخاص ببعض القضايا كتقنين القنب الهندي والتعريب، مع العلم أن الحزب ما كان له أن يسير في اتجاه أي شيء يضر بالمغاربة والبلد والدين، وأضاف أنه رغم أن العمل السياسي فيه ضغوطات وتوجيهات واتفاقيات ومعاهدات بحيث لا تجد الكثير من الاختيارات، منوها بأن للحركة اختياراتها بغض النظر عما يقرره الحزب، وقضايا الحزب لم تكن في أجندة الحركة، ولم تكن هناك وصاية للحركة على الحزب أو العكس.
وبخصوص القانون الإطار التعليم، أوضح رمال أن عدد كبير من أعضاء الحركة هم رجال ونساء التعليم، وفي بلد كانت فيه معركة التعريب والمغربة والتي لم تكتمل في الجامعة، مشيرا إلى أن الطالب يواجه الدراسة بالفرنسية، وهنا يتم طرح موضوع الهوية، مشددا على رفض الحركة أن يتم فرض لغة على بلد ليس لغته، خاصة وأن اللغة العربية غنية وليست قاصر في التعليم في المواد العلمية، والدليل تمت مناقشات موفقة للدكتوراة في الطب بالعربية، كما تم تقديم ماسترات وتخصصات باللغة العربية.
وبخصوص القنب الهندي أوضح رمال أن التخوف داخل الحركة كان يتعلق بإمكانية استعماله بشكل غير قانوني، متسائلا عن الضمانات المقدمة لأجل ذلك؟ مضيفا أنه من الممكن أن يكون منفذا لترويجه بشكل يضر بالمجتمع، خاصة وأن المخدرات أصبحت تنخر المؤسسات التعليمية في بلادنا، وهذا ما يحتاج لشروط الرقابة والتتبع لإنتاجه، مع ضرورة الجرأة في إيجاد البدائل، ومنها تنمية المناطق التي يزرع فيها.
وفيما يتعلق بالتطبيع، أكد رمال أن الحركة أصدرت بيانا مفصلا عبرت فيه عن الرفض والتحذير من الهرولة نحو التطبيع، والتأكيد على رفض فتح مكتب الاتصال بالعاصمة، وتم الاتفاق أن نتحمل مسؤوليتنا كحركة باعتباره خطأ احمر، مشيرا إلى أن الحركة عبرت عن رفضها وسخطها بخصوص توقيع الاتفاق الثلاثي، وأنها لا زالت ترفع شعار “لا للتطبيع”، مؤكدا أن الصحراء مغربية “ومستعدون للدفاع عنها وأنها غير قابلة للمقايضة”.
وبخصوص ورش تعديل مدونة الأسرة، أكد رمال أن الحركة تقوم بعملها بمنطقها، وأنها لا ترد على أي كلام بشأنها، واستهجن مطالبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي اقترح تغيير تعريف الأسرة في الدستور، في الوقت الذي تتم فيه الصياغة القانونية للنصوص والتي لا تحتمل أي التباس.
الأسرة.. مواقف وتحفظات
وأشار أن المذكرة التفصيلية للحركة، اقترحت أن لا يغلق باب الاستثناء فيما يتعلق بسن الزواج، فالحركة مع تحديد سن 18 فما فوق مع التوثيق، إلا أن هذا الاستثناء ما زالت الحاجة إليه في المجتمع، خاصة في البادية حينما تدرس الفتاة في المدرسة ولا تتمكن من إكمال دراستها، ولا تتوفر لها منحة لتسجل في الداخلية، وبالتالي لا يضر أن تتزوج إذا قرر القاضي أنها قادرة على تحمل المسؤولية، مضيفا أن الحركة قدمت مذكرة كاملة ومستفيضة للبرنامج التنموي الجديد عرضت فيه مقترحات على المؤسسات الرسمية من أجل خلق فرص للفتيات في البادية من أجل التعلم والمشاريع المحلية مما يوفر لها الاستقرار والدخل المادي إلى أن تبلغ سن الزواج.
وفيما يتعلق بقضية الأموال المكتسبة اعتبر رمال أنه من العيب أن يتم تقييم عمل المرأة في بيتها بالمال وتصبح أجيرة في بيتها، ويحاسبها زوجها على عملها اليومي وكأنها خادمة عنده، وهو ما اعتبره تسميما للعلاقة الزوجية، مشيرا إلى أن المرأة العاملة تقوم أيضا بالعمل المنزلي بعد عودتها للبيت كما أن الرجل يحتاج لتعويض لأنه يساهم بدور في أمور في بيته، معتبرا أن الزواج دين لا يجب أن يتدخل فيه القانون.
وأوضح أن الحركة وضعت معيارا لكل المقترحات، فكل مقترح وتعديل يشجع على تأسيس أسرة أو يضمن استمراريتها أو يمكنها من أسباب الفاعلية في إصلاح المجتمع فنحن معه، فنسبة العنوسة والعزوبة عالية في المجتمع وهو الذي يجب أن يكون فيه نصوص، وبالتالي فإن ما يتعلق بالأموال المكتسبة سينفر غير المتزوجين من الزواج، والأسرة المتزوجة سيحدث فيها شنآن، خاصة وأن مؤسسة الأسرة محاربة من الكونجرس والأمم المتحدة، والتي تعمل على تكريس العلاقات المثلية، لأن الأسرة هي الملاذ الوحيد الذي يحمي الناس من الاستهلاك ومن أمور كثيرة أخرى.
أما الولاية القانونية، فترى الحركة يقول رمال، أن تبقى عند الأب ويجب أن تبنى بالمكارمة وليس فقط بالقانون، فبعد الطلاق يجب أن يتم الانفصال بإحسان ويبقى التواصل بين الطرفين لمصلحة الأطفال والأسرة، وتحل الأمور بالتفاهم والتراضي.
وفيما يخص احتفاظ الزوجة ببيت الزوجية، يرى رمال أن هذه الأمور لا يحلها القانون، وأنها تغير في منظومة الإرث، دون إيجاد البدائل، في ظل غياب صندوق للطفل المشرد أو الأرملة، قائلا لهذا إذا وقع التفاهم داخل العائلة فهذا جيد، وإن لم يكن هناك تفاهم ننتقل المشكل للسلطة التقديرية للقضاء”.
وختم بالحديث عن البصمة الوراثية، حيث أكد رمال أن المصلحة والاستمرارية للأسرة، وإعطاء النسب شيء كبير في الإسلام، ففي حالة وجود طفل من علاقة خارج إطار الزواج لا يعطى النسب ولو ثبتت بالبصمة الوراثية، فعلى الأب أن يتكفل به حتى يكبر لأنه لا ذنب للولد وله حقوق، مشيرا إلى أن هذا الخيار من الخيارات الصعبة للحركة، وهو من أجل ضمان استقرار الأسرة الأولى، مع ضرورة إيجاد حلول أخرى مناسبة.