فيروس كورونا.. والأساس الوقائي (3)
إن المتأمل في الإجراءات والتدابير التي تُنادي بها البشرية اليوم، تجد لها أصل وسبقٌ في دين الإسلام، من طهارة وتنظيف، وتنزّهٍ عن النجاسات وعدم تلويث..إلى ما سُمي بالحجر الصحي ومنع الاختلاط مخافة انتشار العدوى..
فليس غريبا أن تتحدث بعض الصحف الغربية عن سبق دين الإسلام ورسوله الخاتم إلى الدعوة للأخذ بهذه التدابير الوقائية من الأوبئة والأمراض المعدية؛ بل العجيب أن تجد مسلمين مُبتعدين عن الاعتناء بأمور الزينة والجمال “والله جميل يحب الجمال”، جمال الروح والجوهر، وجمال الجسد والمظهر، فتجد بعضهم أغبرا أشعتا، كريه المنظرة، مُتبذلا لا ذوق له، أما إذا نظرت إلى محيطه وبيئته، تجد تخريبا وتلويثا واعتداء على الخُضرة وأماكن التنزه، مع أن دينه الإسلام دعا إلى إماطة الأذى عن الطريق، وجعله قُربة وصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان” متفق عليه.
كما حث على الغرس والتثمير وابتغاء النفع للنفس والغير، ” ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة” رواه البخاري ومسلم، وذلك بنفس إيجابي حتى يرث الله الأرض ومن عليها: ” إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل” رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
ولنا في تشريع الوضوء حكمة بالغة ” أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟”، قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: “فذلك مثل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهن الخطايا”؛ متفق عليه.
فمقصد التخلص من الأوساخ الظاهرة واضح من دون إغفال لأوساخ الباطن من غفلة وحقد وكراهية..كل ذلك ليبقى المسلم محفوظا مُصانا من كل أذى وضرر.
وحتى إذا وقع الأذى وجّه الإسلام إلى عدم الاختلاط بالناس بقصد نقل العدوى إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ” رواه البخاري (9345)، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ فِرّ من المجذوم فرارك من الأسد” رواه البخاري (5771) ومسلم (2221).
فإذن ما يتخذه العالم اليوم من إجراءات وتدابير وقائية هي من صميم ديننا وليست بِدْعا منه، وحينما يُنادى في الناس بلزوم بيوتهم، فالمسلمون هم أولى الناس بتفهم ذلك، والوعي بأهدافه الوقائية.
الدكتور رشيد لخضر
إقرأ أيضا:
فيروس كورونا …والأساس العقدي (1)
فيروس كورونا.. والأساس الأخلاقي (2)