فلولي يكتب: الصحراء المغربية في مواقف حركة التوحيد والإصلاح
يشكل ملف استكمال الوحدة الترابيةاليوم الموضوع الأكثر أهمية في السياسة الخارجية المغربية، وتعتبر قضية الصحراء المغربيةالقضية الوطنية الأولى لجميع المغاربة. فالصحراء هي مجال طبيعي واستراتيجي يعبر بعمق عن حقيقة وجود الدولة المغربية، حيث كانت هذه المنطقة ومازالت تؤثر بقوة في تشكيل الخريطة التاريخية والحضارية للمغرب.
وبالنظر لهذه الأبعاد الوطنية والتاريخية والحضارية لملف الصحراء المغربية، كانت حركة التوحيد والإصلاح تتابع باستمرار تطوراتها، وتتفاعل مع مستجداتها بالمواقف الواضحة وتنظيم للفعاليات والحضور اللازم مشاركة في المسيرات والوقفات التي كانت تنظم لدعمها ومناصرتها.
ووعيا منها بما ينتظر بلدنا من تحديات واستحقاقات، لم تدخر الحركة جهدا ولم تفوت أي فرصة تتاح للمساهمة في دعم جهود الحفاظ على الوحدة الترابية، بتأكيدها المستمر على المدخل الشرعي والبعد الفكري الذي ينبغي أن يضطلع به العلماء والمفكرون والدعاة في تكامل مع بقية المداخل والأدوار ضمن حالة من التعبئة الجماعية لدحض دواعي الانفصال وتفنيد مسوغات التجزئة والانقسام.
وتعتبر الحركة مشروع الحكم الذاتي الموسع إطارا متقدما لحل هذا النزاع المفتعل الذي يستنزف قدرات المنطقة، ويوفر الفرص لأعداء وحدتها من تيارات التنصير والتطبيع والتغريب وتجار الحروب للتدخل في المنطقة وابتزازها واختراق بنيتها ومكوناتها، وتدعو كافة أبناء المنطقة إلى دعم هذا الحل والاشتغال على ما يخدم ثقافة الوحدة وينمي قيمها وأخلاقها ضدا على قيم التقسيم والتجزئة مصداقا لقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) آل عمران 103.
من هذا المنطلق أصدرت الحركة مذكرة أعدها الدكتور أحمد الريسوني تحت عنوان ” مغربية الصحراء أسس شرعية وواقعية” عملت على توزيعها محليا ودوليا، وأصدرت كتابا عن الصحراء المغربية لكل من الدكتور أحمد الريسوني والأستاذ محمد يتيم والأستاذ المقرئ الإدريسي أبوزيد، تم تقديمه في إطار ندوة بمناسبة إحدى دورات المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء.
وفي هذا الإطار نذكر أن قضية الصحراء المغربية كانتأمرا ثابتا وتأخذ حيزا معتبرا من مساحة الكلمات التي كان يلقيها رؤساء الحركة في الجلسات الافتتاحية للجموع العامة الوطنية وفي البيانات الصادرة عن هذه الجموع، إضافة إلى تفاعل أعضاء الحركة المتواجدين في مختلف فروعها الوطنية، وبشكل أكبر بفروعها بالأقاليم الجنوبية مع مستجدات قضيتنا الوطنية.
كان موقف الحركة دائما حاضرا في أهم المحطات والاستحقاقات التنظيمية الداخلية وعلى رأسها الجموع العامة الوطنية حيث تضمنت البلاغات والبيانات الصادرة عن الجموع العامة الوطنية مواقف واضحة حول قضية الصحراء المغربية منذ أول جمع عام سنة 1998 حيث عبرت الحركة في البيان الصادر عن الجمع العام الوطني الأول( سنة 1998) من خلال تأكيد الجمع العام على :
“دقة المرحلة التي تمر منها قضية وحدتنا الترابية، وينظر إلى الانفصال باعتباره مسلكا متعارضا مع مبدأ الوحدة الإسلامية ويصب في مخططات أعداء الأمة الهادفة إلى تفتيتها وشغلها عن قضاياها الكبرى، وجعلها مرتهنة للابتزاز الدائم، في الوقت الذي تتوجه فيه دول أوروبا وأمريكا إلى بناء تكتلات قوية، فإنه يطالب بالعمل على توفير كل الشروط وتفعيل دور القوى الشعبية من أجل التصدي للمؤامرات التي تستهدف تكريس التجزئة، وبناء كيانات وهمية ضعيفة وتابعة، وعرقلة خطوات المغرب الهادفة إلى استكمال وحدته الترابية، وتأكيد سيادته على الصحراء المسترجعة. كما يعلن استعداد أعضاء الحركة ومتعاطفيها للدفاع عنها، ويدعو إلى تعبئة كل الجهود من أجل إنهاء الوجود الاستعماري في سبتة ومليلية والجزر المغربية المحتلة”.
واستمر هذا النهج في جعل قضية الصحراء المغربية غير قابلة للمساومة من خلال تأكيد الجمع العام الوطني السادس (2018) على أنه:
“بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة، يثمن الجمع العام جهود التنمية في أقاليمنا الجنوبية لما لها من دور في العناية بالإنسان وفي صيانة الاستقرار. كما يعتبر مقترح الحكم الذاتي وتنزيل الجهوية المتقدمة حلا جديا وواقعيا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ويؤكد انخراط الحركة القوي في الإجماع الوطني حول قضية وحدتنا الترابية ويدعو إلى مواصلة تعبئة جميع الجهود والطاقات من أجل تأكيد سيادتنا غير القابلة للمساومة على الصحراء.
يدعو الجمع العام مؤسسات الحركة وأعضاءها إلى مضاعفة جهودهم في التعريف بالقضية الوطنية ومعطياتها وحقائقها التاريخية، وفق مقاربة تتناسب مع اهتمامات الحركة ووظائفها الأساسية وتستحضر في ذلك الأبعاد العقدية والشرعية والدعوية والتربوية”
وفي نفس هذا المسار والتوجه وبالتزامن مع التطورات الأخيرة لقضيتنا الوطنية أصدرت الحركة بتاريخ 24/10/2020 بعد لقائها العادي بلاغا توقف فيه عند:
“التطورات التي عرفتها مؤخّرا قضيتنا الوطنية بفعل استفزازات انفصاليي البوليساريو بالمنطقة العازلة في الكركرات؛ وذلك بالتزامن مع انطلاق أشغال اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المنعقدة لمدارسة قضية الصحراء المغربية. وبهذه المناسبة يؤكّد المكتب التنفيذي انخراط الحركة في الجهود الوطنية دفاعا عن قضية الوحدة الترابية ويجدد دعوته لتعبئة كافة الطاقات من أجل مواجهة النزعات الانفصالية وتأكيد السيادة الوطنية على الصحراء المغربية غير القابلة للمساومة.”
وبعد اعتماد مجلس المن للقرار رقم 2548في 30 أكتوبر 2020 بشأن قضية الصحراء المغربية حيث أكد على التزام مجلس الأمن من أجل “حل سياسي واقعي، براغماتي ومستدام يقوم على التوافق”. مما يشكل إنجازا مهما للدبلوماسية المغربية ، تم تثمين المقترح المغربي وتقدير الموقف المغربي، وهو ما أشار إليه البلاغ الأخير الصادر عن الدورة العادية لمجلس شورى الحركة المنعقد يومي السبت والأحد 7-8 نونبر 2020، والذي توقف عند هذه التطورات التي عرفتها قضية الصحراء المغربية مشيرا إلى :
“تثمين الحركية الديبلوماسية لبلدنا في الصحراء المغربية، والانخراط في الجهود الوطنية دفاعا عن قضية الوحدة الترابية، والتعبئة الشاملة لمواجهة النزعات الانفصالية، وتأكيد السيادة الوطنية على الصحراء المغربية غير القابلة للمساومة”
وهكذا يتضح أن ملف وحدتنا الترابية يشكل أحد الأولويات المهمة في عمل الحركة ويحظى باهتمام دائم في مواقف حركة التوحيد والإصلاح، وذلك انسجاما مع طبيعة عملنا كحركة دعوية وفاعل مدني إصلاحي جعلت من مقاصدها مناصرة القضايا الإنسانية العادلة وعلى رأسها القضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية.