فلولي يحكي تفاصيل تسع ساعات من جلسة محاكمة المناضل أحمد ويحمان بالرشيدية
انتهت أطوار محاكمة المناضل الكبير أحمد ويحمان في مرحلتها الابتدائية محاكمة أبانت عن حجم التقدير والحب الذي يكنه الناس لويحمان في المغرب وخارجه في ربوع الوطن العربي وأوروبا وأمريكا وآسيا، كما أن حضور مختلف الطيف المدني والحقوقي والنسائي والشبابي والسياسي والنقابي من كل التيارات الوطنية والديمقراطية والاسلامية لجلسات المحاكمة، والذي غصت بهم جنبات المحكمة الابتدائية بالراشيدية.
باسم حركة التوحيد والاصلاح والمبادرة المغربية للدعم والنصرة حضرتُ الجلسة المنعقدة بتاريخ 7نونبر 2019 والتي انطلقت على الساعة الواحدة بعد الزوال وانتهت مع العاشرة ليلا؛ يمكن أن نقف على عدد من الملاحظات نجملها فيما يلي :
المحاكمة كانت إدانة للتطبيع والمطبعين وتحذير من خطر التطبيع لما يشكله من تهديد للأمن وتدمير للنسيج المحاكمة عرفت مهازل وتهافت التهم الموجهة المناضل ويحمان، بالمقابل قدمت هيأة الدفاع عنه والمكونة من نخبة من الأساتذة المناضلين من أجل نصرة الحق والدفاع عن القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين.
المحاكمة محطة أريد لها أن تكون محاكمة وإدانة للمناضل ويحمان فتحولت لمحاكمة ضد من سخروا للعبة أكبر منهم ولفائدة جهات لم تكن لها الجرأة لتظهر في الصورة فانقلب السحر على الساحر.
بهذا الخصوص انطلقت الجلسة على وقع مهزلة وفي الحقيقة فضيحة بكل المقاييس أخبر ممثل الحق العام بأن الشهود الذين أوردهم المشتكي(القايد) في تقريره أنهم لن يحضروا بسبب كونهم في إجازة إدارية بأمر من رئيسهم المباشر الذي تقدم بشهادة طبية مدة العجز فيها تصل إلى 24 يوما، وفي هذا إهانة للمحكمة والقضاء والنيابة العامة التي تكلفت خلال الجلسة الماضية بإجراءات تبليغهم للحضور؛ فالقايد العاجز عن العمل مدة 24 يوما يزاول مهامه ويعطي الأوامر ويرفض الحضور، ويمنع 3 من المقدمين الذين أورد أسماءهم في تقريره وأنهم مستعدين للشهادة وإعطاهم إجازة خلال ذكرى المسيرة الخضراء حيث التعبئة وعدم الترخيص بالتغيب خاصة لجهاز من أخطر الأجهزة التي تتوفر عليها السلطات المحلية، وفي هذا استخفاف بالقضاء وهيئة الحكم وعدم احترام للقوانين ويحتاج إلى إعمال المقتضيات القانونية ذات الصلة.
ومن المهازل أيضا التي جاءت على لسان ممثل الحق العام هو أنه أشاد بهيأة دفاع الاخ ويحمان ولكنه مع كامل الأسف اعتبر حضور نخبة من الأساتذة المحامين دليل إدانة المناضل ويحمان؛ وهذا من الغرائب التي تحتاج إلى مساءلة لممثل الحق العام وتجاوز اختصاصاته وضرب للحق في الدفاع ومحاولة التأثير على هيئة الحكم.
وعلى مستوى آخر كانت المرافعات التي تقدم بها ثمانية من هيأة الدفاع، على رأسهم النقيب بن عمر والأستاذ خالد السفياني، نموذجا في المرافعة الرصينة بما اشتملت عليه من تنوع في المقاربة سواء من الناحية القانونية أو الحقوقية او استيعاب القضية من كل جوانبها.
هذه المرافعات المتميزة استطاعت إظهار العيوب الشكلية والإجرائية في القضية وتسليط الضوء على عدد من الخروقات القانونية والتعسف الذي تعرض له الاخ ويحمان بدءا بالاعتداء عليه في معرض التمور مرورا بخرق القانون من طرف رجال السلطة المحلية والشطط في استعمال السلطة المخولة لهم وأيضا عدم تمتيع ويحمان من حقه في العلاج والتطبيب ومتابعته في حالة اعتقال رغم توفر كل الضمانات.
ولكن يبقى أهم ما استطاعت هيأة الدفاع تحقيقه هو إقناع هيئة الحكم بتغيير موضوع المتابعة واللجوء لإعادة التكييف من تهمة الاعتداء على موظف عمومي أثناء قيامه بعمله الى الضرب والجرح ذلك أن الحجج القانونية التي عرضها الدفاع بينت أن القائد المشتكي خالف كل القوانين والإجراءات التنظيمية بشكل فج، وقام بالاعتداء عليه وسبب له كسرا في إصبعه دون الحديث عن الكلام النابي وغير اللائق وهو ما أدى إلى استفزازه وإرغامه على الدفاع عن نفسه في إطار القانون كما بسطه السادة المحامون في مرافعاتهم خلال الجلسة.
ومن بين القضايا التي كانت محور المرافعات حتى من طرف دفاع المشتكي ما تعلق بموضوع التطبيع ومناهضته والتحذير من مخاطره على المغرب، ومن المهازل بهذا الخصوص ما صرح به محامي المشتكي بأن رواق شركة نيتافيم الذي كان بمعرض التمور بارفود هو في ملكية يهودي مغربي يريد من خلال شركته تقديم خدمة تقنية الفلاحة بالمغرب، وبهذا يؤكد تواجد الشركة الصهيونية وأن الاخ ويحمان كان محقا من خلاله المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ونشطاء BDS حينما توجهوا للاحتجاج على تواجد الشركة، وأن تصرفهم كان صائبا وأن القايد المشتكي بسلوكه الأرعن لم يكن يدافع عن القانون بل يظهر أنه كان يحمي شركة صهيونية وتموقع موضوعيا في صف الدفاع عن التطبيع.
على مستوى آخر ركزت مرافعات الدفاع عن مشروعية الاحتجاج الذي قام به ويحمان ومن معه من المناضلين، وقدموا معطيات موثقة حول شركة نيتافيم وارتباطها بجيش الحرب الصهيوني كما عرضوا معطيات حول ما تسببته الشركة في مصر من إصابة الآلاف بالسرطان بسبب البذور التي أنتجتها الشركة وتم استعمالها في مصر كما قدموا لهيئة الحكم معطيات تهم ملفات أخرى تستهدف الامن والاستقرار بالمغرب وهو ما دفعهم للاستغراب واستنكار محاكمة ويحمان، بل وجب تكريمه كرجل وطني يقود جبهة مناهضي التطبيع بالمغرب وخارج البلاد.
وفي الاخير يبقى الحكم الذي صدر في حق المناضل ويحمان ذو طبيعة سياسية حاول إرضاء جهة ما ومحاسبته على شيء لم يفعله، ومع ذلك فهو عنوان شرف وكرامة لهذا الرجل الذي يسترخص كل شيء لديه في سبيل خدمة القدس وفلسطين ومناهضة التطبيع مهما كلفه من ثمن وهي المعركة الحقيقية التي ستبقى مستمرة الى أن يتحقق النصر وتحرير المسجد الأقصى المبارك.
بقلم: ذ. رشيد فلولي