فرص دعوية في رمضان – رشيد لخضر
يعد رمضان موسما دعويا لا يمكن لداعية إلى الله تعالى ألا يغتنم فرصه وهي كثيرة ومتنوعة، وخاصة إذا استحضرنا أجواء رمضان الربانية، وإقبال الناس على الدين، وتهيئهم الوجداني للانتفاع بما يفيدهم ويصلح أحوالهم، فهو فرصة لإرشاد الحيارى والغافلين، وتتبيث التائبين والعائدين إلى طريق الحق، وفرصة أيضا لترشيد تدين الناس وتصحيح مفاهيمهم المغلوطة، وإعادة النظر في عوائدهم وكثير من أقوالهم وأفعالهم بما يتفق مع الفهم السليم للإسلام الصحيح.
ومن الطرق الدعوية التي ينبغي استثمارها في رمضان:
أولا: الدعوة الفردية
على الداعية أن يغتنم فرصة رمضان في الإكثار من ربط علاقات فردية بالناس، ويغتنم فرصة إقبالهم على المساجد أو التقاؤهم في أماكن عامة قصد فتح الحوار والتواصل بهدوء ولين يفضي إلى ترسيخ وتتبيث عدة مفاهيم، والفرد يكون لوحده أحوج ما يكون لمثل هذه الجلسات الفردية التي يكشف فيها عن أخطائه، وبالتالي تكون النتيجة هي النصح والتوجيه، وذلك أكثر تأثيرا ونفعا.
ثانيا: الدعوة في الأسرة
ينبغي استثمار اجتماع الأسرة على مائدة الإفطار والسحور للنصح والتوجيه، وإعطاء القدوة الحسنة في الاجتهاد على الطاعة، كما يستحسن الحرص على مصاحبة الأبناء إلى المساجد، وترغيبهم في الصيام مع مراعاة قدراتهم وطاقاتهم.
ثالثا: الدعوة في الأقارب
رمضان مناسبة لتوثيق الصلة مع الأقارب، وذلك بزيارتهم أو دعوتهم لإفطار رمضاني، ومثل هذه اللقاءات توفر للداعية الوقت الكافي للحديث لعدد مهم من أفراد العائلة، بالإضافة إلى ما تحققه من زيادة ألفة ومحبة، وتوطيد لأواصر المودة، ولا يخفى أن صلة الأرحام تعد مدخلا مهما من مداخل الدعوة إلى الله تعالى في صفوف ذوي الرحم سواء أكان ذلك بالحال أم بالمقال، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى حينما أمر بتبليغ الدعوة في أهله وعشيرته، قال سبحانه: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) {الشعراء: 214{.
رابعا: الدعوة العامة
يلاحظ في رمضان إقبال عدد مهم من الناس على الأنشطة العامة، من محاضرات وندوات ومواعظ في المساجد…، وهنا ينبغي حسن اختيار الموضوع المناسب، مع استعمال الأسلوب السهل الواضح الذي يجذب الناس ويؤثر فيهم، وذلك كله بمنهج الاختصار والتشويق بدل الإطالة وحدوث الملل.
خامسا: إقامة المعارض والخيمات الدعوية
في رمضان يقبل عدد معتبر من الناس على الكتاب الإسلامي، فلا بأس من تنظيم معارض وخيمات ذات بعد دعوي واضح، وذلك من خلال الانتقاء الجيد للكتاب، والحرص على حسن عرضه، واختيار الوقت والمكان المناسبين، ولا ننسى ما تتيحه هذه المعارض من تواصل ونقاشات تستثمر في الدعوة إلى الله تعالى.
سادسا: توزيع الأقراص المدمجة والمطويات
قد يكون القرص المدمج أكثر تأثيرا من غيره من الطرق الدعوية الأخرى، فلابد أن تكون هذه الوسيلة حاضرة في ذهن الداعية في هذا الشهر الكريم، ويعمل عليها لمن لم يتيسر له الحضور للدروس والندوات..كما أن المطوية المختصرة، ذات الموضوع الجذاب، وصاحبة الشكل الأخاذ، قد تصلح لكثير من الناس، وتكون فرصة لهم للاطلاع والفهم والاستفادة لمن لا يقدر على مطالعة الكتب ذات الحجم الكبير.
سابعا: الدعوة بالوسائل الإعلامية الحديثة
إن استعمال الانترنيت أو مواقع التواصل الاجتماعي في الدعوة إلى الله تعالى له دور مهم في إيصال الخير إلى عدد لا يستهان به من الناس، وخصوصا إذا عرفنا أن نسبا كبيرة جدا أصبحت تقبل على هذه الوسائل الإعلامية الحديثة، فلا مناص للداعية من استثمار هذه الطرق في رمضان وغيره من أجل سد الفراغ في هذا الباب، وكم من شباب يريدون داعية وعالما يصحح لهم أفكارهم، ويوجههم إلى الحق والصواب، وهي وسائل أصبحت سهلة ميسرة، وبأقل تكلفة يمكنها أن تسهم في دعوة الناس إلى دينهم، بل لها من الفرص ما لا يتاح لغيرها، وخصوصا انتشارها في وقت وجيز وعلى أوسع نطاق، مما يتيح تعميم فوائد الدعوة على العالم بأسره.
إن استعدادات الناس لرمضان تختلف وتتنوع، ولكن استعداد الداعية إلى الله تعالى يكون بمدى استحضاره لكل الفرص التي يتيحها الشهر الفضيل، وذلك من أجل اغتنامها واستثمارها بما يحقق النفع للناس، ويروي ظمأهم بكل الوسائل والطرائق الدعوية الممكنة والمتاحة.