غـــــــــــــــزة التي عرت المنتظم الدولي

مما يميز الغرب وبنته البارة الويلات المتحدة إدعاء الحقوق وهي الأكثر انتهاكا لها وزعم تبني الحريات وهي الأكثر تقييدا لها، حينما يتعلق الأمر بفصيلة أخرى من البشرية وهي المسلمون.

وباستقراء فصول التاريخ وتحليل المفكرين نجد أن الخطاب الغربي حينما يركز على مجموعة من القيم أثناء مواجهة الآخر فاعلم أن ذلك ذر للرماد في العيون وأن القيم الكونية التي يتحدث عنها من قبيل المساواة واحترام حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية كل ذلك يسقط في امتحان تنزيلها واقعا ملموسا حين يكون المستفيد عربيا أو مسلما أو مستضعفا من غير صنف “السوبرمان” الدائر حول المركزية الغربية.

ومن الفضائح التي باتت تزكم الأنوف وضع أساتذة القانون وحقوق الإنسان والعلاقات الدولية الذين يحسون بالحرج ويشعرون بالخجل حتى لم تعد هذه المواد ذات تاثير أو جذب للطلبة كي يجعلوها من تخصصاتهم.

وكمثال على ذلك ما حكاه لي أحد أقاربي في الديار الفرنسية احتفالا بمناسبة عيد الأضحى المبارك الأخير.

حيث تتم عملية ذبح الأضاحي خفية مخافة متابعة الجزار بجريرة انتهاك حقوق الحيوان !!.

وهذه مصيبة الغرب. فكم من الشعارات ترفع وكم من الادعاءات يتم إطلاقها لكن حينما تحاكمها في واقع الناس تجدها سرابا يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا…

وإذا حكمنا المنطق والأحكام الشرعية والمواثيق الإنسانية من أولى بالرعاية الحيوان أو الإنسان؟

ما يقع في غزة خاصة وفلسطين عامة وباقي مناطق العالم من ظلم للمسلمين وتطهير عرقي وإبادة جماعية من قبل أعداء الإنسانية الصهاينة المجرمين على مرأى ومسمع من العالم أجمع تنقله القنوات جميعا ولم يعد سرا حتى في أدغال إفريقيا أو مجاهل الثلث الخالي، والجاني طليق يسخر من قرارات محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدوليتين، بل المتتبع يلاحظ أن جرائم العدو تزداد كلما صدر حكم أو خرجت توصية وكأنها إشارة ضوء أخضر للمزيد من الاعتداء والإفساد !!.

فهل نقارن ذبح خروف في إطار شريعة تضمن الحقوق والمواثيق احترامها ضمن معتقدات الشعوب وخصوصياتها الدينية، مع آلاف الأطفال ضمنهم الكثير من الرضع الذين قتلوا بقنابل الصهاينة بتوكيل ونيابة عن الغرب فتركتهم أشلاء ممزقة تلتهم بعضها الكلاب في الشوارع والطرقات؟ !!.

هل التضحية بخروف في إطار الخصوصية الدينية للشعوب والأفراد أفظع وأشد من هدم البيوت على أصحابها وتجويع شعب محتل لعقود من الزمن ومحاصر حصارا قارب العقدين من الزمن؟

وفرنسا هذه التي ترهب المسلمين وتعاقبهم على تطبيق شعيرة من شعائر دينهم تساهم بدعم الكيان الصهيوني للقيام بهذه الجرائم وتجد له المبررات لتسويغها.

أنظمة منافقة لا تستحيي وتطل بوجهها الكالح في المنابر الدولية مدعية الطهرانية واحترام حقوق الحيوان والإنسان !!

ولكن هذا الغرب الحاقد المنطلق من مرجعية صليبية منسجم مع نفسه في محاربة الإسلام والمسلمين والحل الناجع هو مساءلة الذات حتى لا نبرأها ونجعلها ضحية دائما. فأمة المسلمين وخاصة حكامها يتفرجون لا يملكون من أمرهم شيئا، بل ومتواطئون مع العدو ويتمنون دحر المقاومة معتقدين أن هزيمتها فيها خير لاستمرارهم في كراسيهم الذليلة الحقيرة !!

ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهود

إنهم كالأيتام في مأدبة اللئام.

معبر رفح المنفذ الوحيد لإنقاذ غزة ليس حارسه العدو الصهيوني بل حارسته أرض الكنانة مصر.التي قيل عنها أنها أم الدنيا وهي تتنكر لابنتها فلسطين بل غزة الصغيرة جغرافيا الكبيرة برجالها ونسائها وسائر مكوناتها الأبطال، التي أذلت الجيش الذي لا يقهر المدجج بترسانة ضخمة متطورة بآخر ما جادت به التكنولوجيا والرصد، والمدعمة من الغرب عموما.

غزة خذلها القريب قبل البعيد وخذلها المسلم قبل غيره. أوتيت من قبل الذات الذليلة المنبطحة والتي يمكن تشبيهها بالحمل مع الضبع في غابة هي المنتظم الدولي !!.

عبد الواحد رزاقي

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى