عبد الله الجباري يكتب عن إخراج زكاة الفطر بالقيمة وبالطعام
تحتد في العشر الأواخر من رمضان كل سنة معركة إخراج زكاة الفطر. وما أن يقترب العيد حتى ينادي أطراف النزال: الآن حمي الوطيس. فيشتد النقاش في قضية فرعية، ويتذرع كل فريق بالأدلة ويعضدها أحيانا بفحش الكلام وسيء الأقوال.
زكاة الفطر طهرة للصائم. هكذا في الأصل. لكنها تحولت إلى وسيلة لتلويث لسان الصائم. وتسويد قلبه ضد مخالفه.
مهلا مهلا.
لكن. لنضع الميزان…
زكاة الفطر بالطعام فيها مصالح ومفاسد. وزكاة الفطر بالنقود فيها مصالح للمعطي والآخذ على السواء.
ما هي مفاسد إخراجها طعاما؟
أولا… يتناول الفقير زكاته مختلطة الأنواع باختلاف ما يخرجه المزكون.. فيحصل القمح الصلب والقمح الرطب حبوبا. ويتسلم القمحين دقيقا. كما يتسلم الدقيق الأبيض بنوعيه.
إذن… يتسلم ستة أنواع على الأقل. وعليه أن يحمل ستة أكياس لوضع كل نوع في محله. وإذا خلطهم في كيس واحد كان الفساد محضا. وإذا وزعهم كان في الجمع مشقة ملحوظة. والشارع لا يحب الفساد. والشرع لا يجلب المشاق.
أما إخراجها نقودا. فسهل ميسر. وإن تنوعت العملة بين الدولار والأورو والدرهم. فكيس واحد يكفي.
ثانيا… تعمد مجموعة من مسلمي مدينة أوربية قبل سنتين أو ثلاث إخراجها طعاما وفاقا للسنة. فتكدست أنواع الزكوات في ركن من المسجد. واحتلت حيزا منه. وبقيت أياما بعد العيد هناك. وحين يحاول القائمون على المسجد ترغيب ضعفاء الحال على أخذها. يجيبون بقولهم: السكر والدقيق والزيت تقدمها لنا الدولة مساعدات مجانية. ولا نحتاجها منكم. نحن في حاجة إلى نقود إن كان بإمكانكم ذلك.
وهكذا… تبقى المواد المطعومة مرمية في ممارسة إفسادية مغلفة بغطاء شرعي. أما النقود، فتذهب إلى الجيوب وتغني أصحابها للتو. ولا تُحْدث فسادا في المسجد.
والشرع جاء لجلب المصلحة ودرء المفسدة.
بقلم عبد اله الجباري
ملحوظة: مقالات رأي المنشورة بالموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الجهة الناشرة