في ندوة للأمن الغذائي: المغاربة يرمون 30 مليون “خبزة” بالقمامة
كشف المهندس الزراعي عبد الغني عامر، عن تبذير المغاربة لحوالي 30 مليون قطعة خبز ترمى في القمامة بشكل يومي خلال سنة 2020، موضحا في ندوة نظمتها الجامعة المغربية للفلاحة حول “أي أمن غذائي في ظل التحولات المناخية بالمغرب..؟” أن هذا التبذير يمثل ربع احتياجات المملكة من مادة الخبز، مضيفا أن الكمية المبذرة تقدر بحوالي 27 مليون قنطار من الحبوب سنويا، مؤكدا أن هذا الوضع يستفيد منه الموردون والمخزنون وليس الفلاح المغربي.
ضعف الاكتفاء الذاتي
وسجل عامر عدم تحقيق المغرب للسيادة الغذائية وضعف تحقيق الاكتفاء الذاتي في مواد أساسية، موضحا أن السيادة الغذائية تتحقق، كما هو متعارف عليه عالميا، بالاكتفاء الذاتي في 7 مواد استهلاكية هي: الحبوب، السكر، الزيوت، الخضراوات/الفواكه، القطاني، الحليب، واللحوم)، مؤكدا أن المغرب يحقق اكتفاء نسبيا في الأربعة الأخيرة، بينما يفتقد إلى الاكتفاء في الذاتي في المواد الثلاثة (الحبوب والسكر والزيوت).
وشرح عامر في الندوة – التي شارك فيها خبراء وباحثين في القطاع الفلاحي يوم الثلاثاء 10 يناير 2023 بالمقر المركزي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بالرباط- أن ضعف الاكتفاء الذاتي بإيراد عدة إحصائيات وأرقام رسمية لسنة 2020، تؤكد أن المغرب ينتج من الحبوب 53 في المائة، والسكر 44 في المائة، والزيوت 1 في المائة فقط، بينما يحقق اكتفاء نسبيا ببلوغ معدل إنتاج للخضراوات/الفواكه يصل إلى 96 في المائة، والقطاني 97 في المائة، الحليب 94 في المائة، واللحوم 98 في المائة.
وشرح المهندس الفلاحي سياق ظهور مفاهيم الاكتفاء الذاتي والسيادة الغذائية والأمن الغذائي، مرجعا بروزها من جديد إلى طول سنوات الجفاف وجائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا، موضحا أن مفهوم الأمن الغذائي جاء ليحل مكان الاكتفاء الذاتي الذي طرحته الحركات التحررية، ويقتضي هذا الأخير بتوفير الغذاء للجميع بإنتاج محلي، بينما الأمن الغذائي يمكن تحقيقه بالاستيراد من الخارج.
“الفلاحة تمنحك الحرية”
ودعا المتحدث إلى زراعة مليون هكتار بالمواد المحققة للسيادة الغذائية، والاستثمار في زراعة الحبوب وقصب السكر والزيوت لكونها زراعات غير مستنزفة للمياه، مع إشراك المساجد والمدارس في البرامج التحسيسية والتوعية الغذائية الصحية، علاوة على إعلان حالة طوارئ غذائية، وقيادة حملة توعوية على مضار السكر، إضافة إلى توفر الإرادة السياسية في التخلي على زراعة مستنزفة للماء.
وطالب عامر بإطلاق برنامج استعجالي لتحقيق السيادة الغذائية، موضحا أن الفلاحة بالمغرب تستهلك 80 إلى 90 في المائة من الموارد المائية، و لها وزن كبير في الاقتصاد الوطني، بتشغيل 10 ملايين مغربي، والمساهمة في 13 إلى 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المغرب يصدر ما قيمته 22 مليار درهم بينما يستورد ما قيمته 28 مليار درهم، منتقدا التصدير إلى 9 أسواق عالمية فقط.
وأكد عامر أن 59 في المائة من استثمارات وزارة الفلاحة يذهب إلى الفلاحة، و14 في المائة من الاستثمارات العمومية تذهب إلى إنتاج منتوجات فلاحية للتصدير، مؤكدا أن المغرب يعد البلد العاشر في قائمة الدول العشر الأولى في العالم من حيث استهلاك السكر، مشدد على ضرورة تحجقيق السيادة الغذائية في وسط متقلب، مذكر بمقولة الفيلسوف جون جاك روسو “الفلاحة تمنحك الحرية”.
قطاع الحليب.. وضع “مقلق”
ووصف المهندس الفلاحي بوعبيد لبيدة وضعية قطاع الحليب بالمغرب بـ”المقلقة”، موضحا أن قطاع الحليب يعرف اليوم شبه انهيار، ملاحظا انتقال الاكتفاء الذاتي لمادة الحليب من 88 في المائة سنة 2008 إلى 96 في المائة سنة 2016، حيث عاش طفرة كبيرة بظهور الحليب المصنع، منبه إلى تسجيل تراجع ملموس يتجلى في توصل المحلبات والأسواق الممتازة بنصف كميات الحليب التي كانت يصله.
وأرجع المتحدث الوضعية التي يشهدها القطاع إلى وضعية القطيع الصحية ومشاكل الانتاج، والآثار الناجمة عن التهجين الصناعي، وضعف المؤهلات الإنتاجية للقطيع التي توفر 4200 لتر للبقرة، منتقدا غياب أرقام الوزارة التي توقفت عند سنة 2020، موضحا أن متوسط استهلاك الفرد المغربي للحليب يصل إلى 72 لتر للفرد سنويا، مقابل 85 لتر بتونس، و290 لتر بفرنسا.
وأورد لبيدة الأرقام المتعلقة بسنة 2020 وما قبلها، موضحا أنها تشير إلى توفر المغرب على 1.2 مليون بقرة حلوب، موزعة على 400 ألف مزرعة، مضيفا أن القطاع يوفر 460 ألف منصب شغل، ويبلغ رقم معاملاته 13 مليار درهم، مشيرا إلى أن 90 في المائة من المنتجين يتوفرون على أقل من 10 أبقار، وينتجون 70 في المائة من الحليب، وأن 58 في المائة من الكسابة يملكون ضيعات أقل من 5 هكتار، مؤكدا أن القطاع غير المهيكل يهيمن على 20 إلى 30 في المائة من السوق الوطنية للحليب.
موقع الإصلاح