“طوفان الأقصى” يدخل الكيان الصهيوني في مآزق متعددة
وجد كيان الاحتلال “الإسرائيلي” نفسه أمام مآزق كبيرة عقب عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023. وعاش الكيان أزمات متعددة؛ سياسية، واجتماعية، ونفسية، واقتصادية وغيرها.
وتسببت كل هذه الأزمات في اتساع الشرخ داخل الكيان، وطفت الاختلافات على السطح في مناسبة متعددة أبرزها محطة المصادقة على تجنيد الحريديم ومناقشة اتفاقيات الهدنة وكيفية التعامل مع مقاضات الدول لدولة الاحتلال.
تكتم في الخسائر
وتكبّد الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة في الأرواح والأموال والمعدات جرّاء ضربات المقاومة، فقد استطاعت المقاومة الفلسطينية تدمير فرقة غزة خلال عملية “طوفان الأقصى”، واعترف الاحتلال بمقتل 302 جنديين، بينما سقط 346 في بداية الاجتياح البري لقطاع غزة، علاوة على آلاف الجرحى.
لكن العدو الصهيوني يتكتّم بصُورةٍ كبيرةٍ على خسائره، وفي إحدى الحالات أعلنت القناة الـ12 الإسرائيلية سقوط 12 ألف مصاب في صفوف جيش الاحتلال، كما تحدثت “الجزيرة” عن بلوغ عدد المصابين بأمراض نفسية تجاوزا 300 ألف مريض إضافي يحتاجون إلى العلاج على يد متخصصين مدربين.
وعلى مستوى العتاد، قدرت تحليلات خبراء ومتابعين للشأن الفلسطيني تدمير المقاومة الفلسطينية كليا أو جزئيا ثلث الآليات الصهيونية المندفعة نحو قطاع غزة، وتحدثت المقاومة عن تدمير أزيد من 1000 آلية من آليات الاحتلال “الإسرائيلي” من دبابات وجرافات وناقلات جند.
هجرة عكسية
وأسفرت عملية “طوفان الأقصى” عن موجة من الهجرة العكسية إلى الخارج، حيث كشفت معطيات إحصائية أن مليون “إسرائيلي” غادروا دولة الاحتلال ولم يعودوا، منذ بداية حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر الماضي، بينما تم نقل عشرات الآلاف من الشمال نحو الوسط والجنوب جراء ضربات حزب الله.
ونقل المركز الفلسطيني للإعلام بيانات نشرتها صحيفة “يديعوت أحرنوت”، تشير إلى أن عدد الصهاينة الذين غادروا منذ أكتوبر 2023 بلغ نحو مليون شخص، معلقا على هذا الاتجاه بكونه يتناقض بشكل صارخ مع الادعاءات التي يسوقها أنصار الصهيونية الذين يزعمون أن “إسرائيل” هي الملاذ النهائي لليهود في جميع أنحاء العالم.
عجز اقتصادي
وعلى المستوى الاقتصادي، بلغ حجم الإنفاق على الحرب في غزة أزيد من 100 مليار شيكل ( أزيد من 30 مليار دولار)، بينما سجّلت دولة الاحتلال عجزًا في الميزانية قدره 12.1 مليار شيكل (3.24 مليارات دولار) في غشت الماضي، وفق وزارة المالية الإسرائيلية.
وخفضت وكالة فيتش خلال الشهر الماضي التصنيف الائتماني لإسرائيل درجة واحدة، من “إيه +” (A+) إلى “إيه” (A)، في وقت بلغ فيه معدل التضخم السنوي إلى 3.2% وهو أعلى من هدف بنك “إسرائيل” البالغ 3%، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وتوقعت وكالة فيتش بلوغ عجز الموازنة في العام الحالي نحو 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بالعجز المستهدف من وزارة المالية البالغ 6.6%، موضحة أن توقعاتها للعجز خلال العام المقبل “سيبلغ 4.6%.. لكنه قد يكون أعلى إذا استمرت الحرب في 2025 وامتدت إلى مناطق أخرى بالمنطقة”.
احتجاجات ضخمة
وفي خضم كل هذه التداعيات، تصاعدت احتجاجات المطالبين بالإفراج عن الأسرى الموجودين في قطاع غزة، وقد بلغت أوجها مع الإضراب العام الذي انخرطت فيه نقابة العمال العامة (الهستدروت) مطالبة بإبرام صفقة تبادل مع المقاومة في قطاع غزة.
وشمل الإضراب المرافق التجارية والاقتصادية والصحية والتعليمية والمواصلات العامة والوزارات الحكومية ومطار بن غوريون، إلى جانب مظاهرات ضخمة، وتدخلت محكمة العمل لإيقاف الاحتجاج، كما أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عن الاقتطاع من أجور المضربين.
أزمات سياسية
وعاش الاحتلال على مدار سنة أزمات سياسية منها تداعيات ملفات الفساد المتعلقة بنتنياهو، وصراعه المستميت على السلطة، كما تصاعدت حدة الانقسامات داخل حكومة الاحتلال، وبلغت أوجها مع إعلان الوزيران في مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، انسحابهما من حكومة الطوارئ.
ومع دخول عدوان الاحتلال على قطاع غزة عامه الثاني، لازال الكيان الصهيوني يجر وراءه عدة انعكاسات منها مشكلة النظام القضائي، وتجنيد الحريديم، بينما يخوض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صراعات خفية بشأن مستقبله السياسي، وسط استمرار تراجع شعبيته وانهيار القوة الانتخابية لحزب الليكود.