طوفان الأقصى.. مكاسب استراتيجية يصعب تخطيها
تناول الفلسطينيون عددا من المكاسب الاستراتيجية لعملية “طوفان الأقصى” التي لن تتغير ولن تؤثر فيها التفاصيل اللاحقة بغض النظر عن المسارات المستقبلية والمآلات النهائية للمواجهة الحالية.
واعتبر الباحث والطبيب الفلسطيني سعيد الحاج في مقالة له على “الجزيرة نت” أن أول مكسب استراتيجي هو كسر هيبة دولة الاحتلال ومؤسساتها العسكرية والأمنية بشكل غير مسبوق وكسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر والجندي المدجج بالسلاح المتفوق على الآخرين. إن مباغتة كتائب القسام وتفوقها الملحوظ وإنجازاتها البادية ولا سيما العدد الكبير من القتلى والأسرى “الإسرائيليين” ومشاهد المواجهات المباشرة بين المقاومين والجنود قد أنتجت صورة من الصعب ترميمها بالنسبة لدولة الاحتلال في السنوات القليلة القادمة.
وأوضح في مقاله بعنوان “طوفان الأقصى.. مكاسب إستراتيجية لن تغيرها التفاصيل” أن هذه الصورة المتضعضعة لقوات الاحتلال سيكون لها أثرها الكبير على معنويات كل من المقاومة الفلسطينية وجمهورها من جهة وجيش الاحتلال وجبهته الداخلية من جهة ثانية بشكلين متعاكسين بطبيعة الحال. فضلا عن أن كسر صورة “إسرائيل” كقوة عسكرية وأمنية كبيرة في المنطقة قد يكون له أثره السلبي على مسار تطبيع علاقاتها مع عدد من الدول العربية والإسلامية، خصوصا إذا ما أقدمت على عمل عسكري في غزة تسبب بخسائر بشرية كبيرة.
وأشار الكاتب الفلسطيني أن المكسب الاستراتيجي الثاني لعملية “طوفان الأقصي” فيرتبط بمصير مستوطنات غلاف غزة على المدى البعيد. ذلك أن ما شهدته هذه المستوطنات من مواجهات وخبره المستوطنون بشكل فردي ومباشر من ضعف وفشل لأجهزتهم في حمايتهم سيدفعهم للزهد في العودة لها حتى ولو انتهى الحدث الأمني وبعد انتهاء المعركة الحالية. إن أحد النتائج المتوقعة لمعركة طوفان الأقصى ألا تعود تلك المستوطنات لحالتها السابقة وربما تفكيكها عمليا وإن لم يحصل ذلك على شكل إعلان رسمي وتنفيذ مباشر من الدولة، وهو ما يشبه من زاوية ما تفكيك المستوطنات داخل القطاع بعد الانسحاب منه.
أما البديل لذلك فهو العمل على استبقاء عدد من المستوطنين فيها مع تخصيص مصادر كبيرة وبالتالي مرهقة عسكريا وأمنيا واقتصاديا لمحاولة طمأنتهم وإبقائهم فيها.
فيما يتعلق المكسب الاستراتيجي الثالث لهذه المعركة بملف الأسرى. فقد عرضت المقاومة الفلسطينية مرارا عقد صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال عبر وسطاء دون أن تجد تجاوبا. الآن، وفي يد المقاومة الفلسطينية عشرات الأسرى لم يعد ممكناُ لأي حكومة “إسرائيلية” تجنب عقد الصفقة وبما يرضي المقاومة الفلسطينية وبـ”تنازلات” صعبة على الاحتلال، إذ إنه لن يكون بمقدورها تجنب الضغوط الداخلية عليها لاسترداد هذا العدد الكبير من الأسرى.
وخلص الحاج إلى أن معركة طوفان الأقصى قد أظهرت عزما وتصميما وتخطيطا وتنفيذا فاق كل التوقعات من جانب المقاومة الفلسطينية، أظهر أنها كانت في حالة إعداد منذ مدة طويلة، وقد استطاعت الأخيرة تحقيق منجزات لن يمكن لأي حكومة “إسرائيلية” حالية أو قادمة تجنب التعامل مع تبعاتها.
وأضافت وكالة “صفا” الفلسطينية مكاسبا أخرى من بينها رفع معنويات المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وجمهورها لمهاجمة الاحتلال، ووقف مسار تطبيع دول عربية وإسلامية مع الكيان المحتل، وعدم عودة مستوطنات غلاف غزة لشكلها الحالي، وعقد صفقة تبادل ترضي المقاومة وب”تنازلات صعبة على الاحتلال.
ومن بين المكاسب الاستراتيجية أيضا، تحقيق منجزات لن يمكن لأي حكومة للاحتلال حالية أو قادمة تجنب التعامل مع تبعاتها وضرر سياسي بالغ المستوى للكيان المحتل متمثل في احتمالات إسقاط الحكومة وإنهاء المسيرة السياسية للقيادات.
وبغض النظر عن مآلات هذه المواجهة وكيف ومتى ستنتهي، وبغض النظر عما يمكن أن تسببه للمستوى السياسي في دولة الاحتلال بما في ذلك احتمالات إسقاط الحكومة وإنهاء المسيرة السياسية لبعض القيادات وفي مقدمتهم نتنياهو، إلا أنها في الساعات الأولى فقط حققت مكتسبات ذات طابع إستراتيجي لن يكون من السهل تخطيها أو عكسها مهما كانت تفاصيل المستقبل القريب.
مواقع إعلامية