طوفان الأقصى فضح المرجعية الأممية وأنهى حلم الكيان الغاصب لفلسطين
تحل اليوم 07 أكتوبر 2024 الذكرى الأولى لملحمة “طوفان الأقصى”؛ التي واجهها الاحتلال الإسرائيلي بجرائم لم تتوقّف إلى يومنا هذا، حيث ارتكب إبادة جماعية لأهل قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 42 ألف شهيد، أغلبهم أطفال ونساء وعجزة، وخلّف دمارا شاملا في القطاع. ووسّع الاحتلال دائرة جرائمه -بدعم غربي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها- لتطال الضفة الغربية والقدس ولبنان، بعدما عجز المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية الأممية عن إيقاف تغول كيان الاحتلال على المنطقة بكاملها.
وبهذا اتضحت الصورة لكثير مِمَّن غلَّف الوهمُ نظرتَهم وقراءتهم لما يجري، وزالت الغشاوة عن أعينهم -أو هكذا يفترض- وظهر جليا أن جرائم الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني، لم تكن مجرد ردّة فعل على عملية طوفان الأقصى، بل إن الكيان كان بصدد وضع اللمسات الأخيرة على استراتيجية تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها بدعم وضغط غربي، وضعف وتخاذل من الأنظمة العربية والإسلامية.
إنّ حكومة الكيان الإسرائيلي الحالية أكثر تطرفا وصهيونية من سابقاتها؛ لا تؤمن بحل الدولتين ولا بحق الفلسطينيين في أي شيء، وتخطط لترحيلهم وتهجيرهم على دفعات خارج وطنهم إلى مصر والأردن كمرحلة أولية، وما عدا هذا فهو مجرد هراء وضحك على الذقون، وأبرز مؤشر على ذلك تصويت برلمان الكيان (الكنيسيت) بالإجماع قبل شهرين على رفض حل الدولتين، والاعتداءات التي طالت القدس والمسجد الأقصى خلال هذه السنة بزعامة وزير في الحكومة المدعو ابن غفير، وحديثهم اليوم على احتلال لبنان، وغيرها من المؤشرات التي لا تخطئها عين المراقب والمتابع.
ومما شجع الكيان على المضي في مخططه؛ الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي من عدد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تبيع للعالم العربي والإسلامي الكلام الدبلوماسي، وتقدم للكيان الدعم المادي والعسكري والبشري، ولا يهمّهم شلال الدماء الذي يهرق في فلسطين بدليل الترحيب الكبير الذي قوبل به المجرم نتنياهو في الكونغريس، وإعطائه فرصة الخطاب والتصفيق له عشرات المرات.. لقد كانت التصفيقات مباركة لإبادة الشعب الفلسطيني واغتصاب حقوقه.
لقد واصل كيان الاحتلال الإسرائيلي جرائمه استنادا إلى ذلك الدعم، الذي عطَّل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومارس ضغوطا على محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية بطرق مختلفة. أما الدول العربية والإسلامية فلم ترق بعدُ إلى ترجمة إداناتها واستنكاراتها إلى قرارات حقيقية يمكن أن تردع الاحتلال وتزجره.
وأصوات الشعوب العربية والإسلامية واحتجاجاتها ومظاهراتها لم تكن بنفس الزخم والقوة، فهناك شعوب واصلت الاحتجاجات والوقفات ضد ما يجري من عدوان على غزة كالشعب المغربي، وهناك بلدان مُنعت من التظاهر وضيق فيها على فعاليات الاحتجاج بالزخم الذي تقتضيه إبادة جماعية ضد شعب عربي مسلم على أرض فيها مقدسات إسلامية.
وفي المقابل رأينا حركة احتجاجية مستمرة في عدد من الدول الغربية، فضلا عن الحراك الكبير الذي عرفته وماتزال جامعات غربية في الولايات المتحدة وأوروبا؛ حيث انتفضت قلوب تنبض بالرحمة و رفض الظلم، وتحرك الأحرار من ربقة الصهينة في الغرب بكل آلياتها السياسية والإعلامية.
لقد دفعت بشاعة الإبادة الجماعية، وصمود الشعب الفلسطيني في غزة، ورفض أهلها مغادرة أرضهم رغم وحشية إجرام الاحتلال؛ دفعت كثيرين لمراجعة موقفهم من الصراع في الشرق الأوسط، ومساءلة السردية الصهيونية بعدما رأوا بأم أعينهم سردية الشعب الفلسطيني يكتبها بالدم ويرويها بتضحيات جسام.
كما عبّر عدد من الإعلاميين والمفكرين والمثقفين والسياسيين في الغرب، وكثير من النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك فنانون مشاهير عن مواقف داعمة للشعب الفلسطيني وسعيه للتحرر من الاحتلال، ومنهم من كلفه ذلك فقدان وظيفته والتضييق على مصدر رزقه وتعرّض للتهديد وغير ذلك، والمحصلة باختصار أن السردية الصهيونية باتت محل نقد وشك.
لقد كشف كيان الاحتلال عن وجهه الإجرامي الحقيقي، وانكشفت حقيقة أسطوانة “الدولة” الديمقراطية، الحريصة على حقوق الإنسان والسلام و”الدولة” التي يراد لها أن تكون “نموذجا” في الشرق الأوسط، والحال أنها حصان طروادة للغرب داخل العالم العربي والإسلامي..
وبات واضحا اليوم بعد عام من مجازر كيان الاحتلال في غزة والعدوان على الضفة الغربية وانتهاكات الصهاينة للأقصى، أن غزة ما هي إلا بداية وأن القادم أسوأ بكثير، فعين الكيان على الضفة الغربية، ثم القدس وطرد وترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن كمرحلة من مراحل استراتيجية “إسرائيل الكبرى” وتنصيبها سيدة على الشرق الأوسط ووكيل أعمال الغرب فيه.
وبناء على ما سبق فكل العالم العربي والإسلامي معني بما يجري في غزة، ووضع حد لجرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي.. فلدى الكيان مشروع لا يقتصر فقط على التهام قطاع غزة وكل أرض فلسطين، بل التهام دول في محيطها لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”.