طلاب “هارفارد” يتعرضون للتشهير والتهديد بالقتل بسبب دعم غزة
منذ اندلاع الأزمة الجارية في غزّة، يحاول أنصار الاحتلال “الإسرائيلي” ولوبيّاتها ومنظّماتها المتنوعة والمنتشرة في أرجاء الولايات المتحدة، إسكات أي صوت يعرض الإطار الأوسع والتاريخي لعملية حركة حماس (طوفان الأقصى)، أو يدين هجمات الاحتلال على سكَّان قطاع غزة، أو حتى من يطالبون بوقف إطلاق النار.
وبعد قيام عدد من جمعيات الطلاب بجامعة هارفارد بنشر بيان أدانوا فيه العدوان “الإسرائيلي”، وطالبوا بوقف الهجمات على المدنيين بقطاع غزة، وأرجعوا ما يجري إلى استمرار الاحتلال “الإسرائيلي” للأراضي الفلسطينية.
وردَّ الملياردير “بيل أكمان” الرئيس التنفيذي لأحد الصناديق والعديد من قادة الأعمال الآخرين، بتغريدة على منصّة ” X” طالب فيها جامعة “هارفارد” بنشر أسماء الطلاب الموقّعين ليعرفوهم كي لا يوظفوهم في المستقبل.
ووصل الأمر بإحدى المنظمات غير الربحية المؤيدة لكيان الاحتلال، أن ترتِّب لعرض لوحات إعلانية افتراضية تحمل أسماء ووجوه الطلاب المؤيدين للحقوق الفلسطينية، تحت لافتة كتب عليها: “معادون للسامية في جامعة هارفارد”، وتم وضعُها على شاحنة تحرّكت في منطقة الحرم الجامعي؛ بهدف التشهير بهؤلاء الطلاب وترهيبهم وترهيب مناصريهم.
وخرجت بعض الأصوات المحذّرة مما يجري، وانتقد لورانس ترايب -الباحث القانوني في جامعة هارفارد- محاولات التشهير بالطلاب، وقال لشبكة “سي إن إن”: إن تسمية الطلاب والتشهير بهم، بالإضافة إلى “وصفهم بأنهم معادون للسامية هو أخطر بكثير من كونه مفيدًا.. يجب ألا نكرر تجاوزات عصر الممارسات المكارثية”.
وألغت شركة المحاماة Winston and Strawn عرض عمل لثلاثة طلاب في جامعة هارفارد -أفضل جامعة أميركية- على خلفية توقيعهم على بيانٍ يدين السياسات الإسرائيلية.
وفي مقال رأي بصحيفة وول ستريت جورنال، حذَّر ستيفن دافيدوف سولومون، أستاذ القانون التجاريّ في كلية الحقوق بجامعة بيركلي المرموقة بولاية كاليفورنيا، الشركات وأربابَ العمل من توظيف طلابه، متهمًا بعضهم بأنّهم معادون للسامية. وزعم سولومون أنّ بعض طلابه روّجوا للكراهية تجاه اليهود، وبالتّالي لا ينبغي منحهم وظائف.
وكتب سولومون: “طلابي جيّدون إلى حد كبير أكاديميًا، ومستعدّون للتعلم بسرعة، وأنا أوصي بتوظيفهم بانتظام في الشركات المختلفة. لكن إذا كنت لا ترغب في توظيف أشخاص يدافعون عن الكراهية ويمارسون التمييز، فلا توظّف بعض طلابي”.
ووجّه البروفيسور، الذي يقدّم المشورة لجمعيّة طلاب القانون اليهود، الاتهام الخطير لطلابه بعد اندلاع الصراع في قطاع غزَّة، وانتشار المظاهرات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين والداعية لوقف الهجمات الإسرائيلية على المدنيين.
وعلى عكس بعض الدول الأوروبية، تعدّ معارضة كيان الاحتلال في الولايات المتحدة حقّا يحميه الدستور، وكل الأفراد أو الجماعات أحرار في التعبير عن آرائهم حول هذه القضية، أو أي قضية أخرى دون خوف من أي عواقب قانونية، إذ يضمن التعديل الأول للدستور الأميركي حرية التعبير والحقّ في الاحتجاج السلمي أو التظاهر.
لكن اتخاذ موقف ضد الاحتلال “الإسرائيلي” أو سياساته يمكن أن يؤدي عمليا إلى أشكال مختلفة من العواقب الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، اعتمادا على الظروف ومستوى المعارضة.
وأوقفت شبكة “إم إس إن بي سي” بهدوء ثلاثة من مذيعيها المسلمين- (كان لكل منهم برنامج مدته ساعة يقدمها بنفسه يوميًا)- منذ بدء أزمة غزّة في السابع من الشهر الجاري. وأصبح الثلاثة: مهدي حسن، وأيمن محيي الدين، وعلي فيلشي، يظهرون بصفتهم معلّقين على الأحداث فقط.
كما قام مستشفى “لينوكس هيل” في حي “مانهاتن” بمدينة نيويورك بفصل طبيبة قسم الطوارئ “دانا دياب”، بزعم إشادتها بما قامت به حركة حماس، وابتهاجها بالمآسي، بعد شكوى من منظمة “أوقفوا معاداة السامية”.
وارتفعت نسبة الدعم للقضية الفلسطينية بين الشباب الأميركيين، ولا سيما طلبة الجامعات. ولم تعد شعارات: “حق (إسرائيل) في الوجود”، و”ضرب الإرهابيين”، و”معاداة السامية” تسيطر وحدها على المشهد الأميركي، وتزاحمها الآن شعارات منها: “آبارتايد”، “الإبادة الجماعية”، و”التطهير العِرقي”، خاصة بين أوساط الشباب الأميركيين.
ويخشى أنصار كيان الاحتلال من تبعات القيام بالعديد من المظاهرات المعارضة للهجمات التي تشنّها على قطاع غزة في مختلف المدن الأميركية، مقارنة بمثيلتها المؤيدة لجانب الكيان، خاصة مع استمرار انخفاض أعداد اليهود الأميركيين، مقارنة بزيادة أعداد الأميركيين العرب والمسلمين.
مواقع إلكترونية