صحيفة أمريكية: “إسرائيل” في طريقها لخسارة الحرب وحماس متجذرة في المجتمع الفلسطيني
خلصت صحيفة أمريكية إلى أن كيان الاحتلال “الإسرائيلي” في طور خسارة المعركة التي يقودها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، معتبرين أن الحركة مع قلة عددها وعتادها أضحت ندا لتل أبيب.
وأشار الكاتبان توني كارسون ودانييل ليفي في مقال نشره موقع “The Nation” الأمريكي إلى أن مجرد التفكير في هذا الأمر يبدو “ضربا من ضروب اللامعقول”، وخاصة أن مجموعة من المسلحين غير النظاميين، والذين لا يتجاوز عددهم عشرات الآلاف، والمحاصرين الذين لا يملكون سوى القليل من القدرة على الوصول إلى الأسلحة المتقدمة، أضحوا بمثابة الند لواحد من أقوى الجيوش في العالم، وتدعمه وتسلحه الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرالمقال أنه رغم كل تلك الصفات التي يتمتع بها الجيش “الإسرائيلي”، فإن عددا متزايدا من المحللين الاستراتيجيين في المؤسسة العسكرية يحذرون من أن (إسرائيل) قد تخسر هذه الحرب ضد الفلسطينيين على الرغم من العنف الكارثي الذي أطلقته منذ هجوم “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر الماضي. ومن خلال استثارة الهجوم (الإسرائيلي)، ربما قد تكون حماس في طور تحقيق العديد من أهدافها السياسية.
وأوضح المقال أن كلا من الاحتلال “الإسرائيلي” وحماس، على ما يبدو، تعيدان ضبط شروط تنافسهما السياسي ليس على الوضع الراهن الذي كان قائما قبل تاريخ السابع من أكتوبر، وإنما على الوضع الذي كان قائما في عام 1948. وليس من الواضح ما سيأتي بعد ذلك، ولكن لن تكون هناك عودة إلى الوضع السابق. بحسب المقال.
ولفت المقال إلى أن الهجوم المفاجئ قد أدى إلى تحييد المنشآت العسكرية الإسرائيلية، وكسر بوابات أكبر سجن مفتوح في العالم، وتسبب في هياج مروع قتل فيه نحو 1200 إسرائيلي، 845 منهم على الأقل من المدنيين. و”إن السهولة الصادمة التي اخترقت بها حماس الخطوط الإسرائيلية حول قطاع غزة ذكّرت الكثيرين بهجوم تيت (في فيتنام) عام 1968″. في تشبيه بما حدث في فيتنام.
وأردف الكاتبان: “ليس بصورة حرفية، فهناك اختلافات شاسعة بين حرب التدخل الأمريكية في أرض بعيدة والحرب (الإسرائيلية) للدفاع عن احتلالها في الداخل، والتي يشنّها جيش من المواطنين مدفوعا بالإحساس بالخطر الوجودي. وبدلا من ذلك، فإن فائدة هذا القياس تكمن في المنطق السياسي الذي يشكل هجوم المتمردين”.
وتابع المقال: “في عام 1968، خسر الثوار الفيتناميون المعركة وقدموا التضحيات بالكثير من البنية التحتية السياسية والعسكرية السريّة التي بنوها بتأنٍّ على مدار سنوات. ومع ذلك، كان هجوم تيت يعتبر لحظة أساسية وفارقة في هزيمتهم للولايات المتحدة – حتى وإن كان ذلك عبر تكلفة باهظة في أرواح الفيتناميين”.
ومن هنا جاء رثاء الراحل هنري كيسنجر عام 1969: “لقد خضنا حربا عسكرية، خصومنا خاضوا معركة سياسية. سعينا للاستنزاف الجسدي. كان خصومنا يهدفون إلى إنهاكنا نفسيا. وفي هذه العملية فقدنا رؤية أحد المبادئ الأساسية لحرب العصابات: إن حرب العصابات تفوز إذا لم تخسر. والجيش التقليدي يخسر إذا لم ينتصر”.
وزاد المقال “إن هذا المنطق جعل جون ألترمان، في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” ذي الصبغة اليمينية في واشنطن العاصمة، يرى أن “إسرائيل معرضة لخطر كبير بالخسارة أمام حماس”. وكتب ألترمان أن حماس تسعى إلى “استخدام قوة (إسرائيل) الأكبر بكثير لهزيمة (إسرائيل). إن قوة (إسرائيل) تسمح لها بقتل المدنيين الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتحدي الدعوات العالمية لضبط النفس. كل هذه الأمور تعزز أهداف حماس الحربية”.
وبحسب المقال، تم تجاهل مثل هذه التحذيرات من قبل إدارة بايدن والقادة الغربيين، الذين تعود جذور احتضانهم غير المشروط لحرب (إسرائيل) الحالية إلى الوهم القائل بأن (إسرائيل) كانت مجرد دولة غربية أخرى تمارس أعمالها بسلام قبل أن تتعرض لهجوم غير مبرر في 7 أكتوبر – إنه خيال مريح.. لأولئك الذين يفضلون تجنب الاعتراف بالواقع الذي شاركوا في خلقه”.
وأكد أن “الإخفاقات الاستخباراتية” المتمثلة في فشل إسرائيل بتوقع السابع من أكتوبر، هي بمثابة فشل سياسي أيضا في فهم عواقب أسلوب “القمع العنيف” الذي وصفته منظمات حقوق الإنسان الدولية و”الإسرائيلية” الرائدة بالفصل العنصري. وأن حماس، في كسر الوضع الراهن الذي كان يجده الفلسطينيون أمرا غير محتمل، أعادت السياسة إلى جدول الأعمال بينما تتمتع “إسرائيل” بقوة عسكرية كبيرة، ولكنها ضعيفة سياسيا.
وأشات الصحيفة الأمريكية في مقالها إلى أن هناك قسم كبير من المؤسسة الأمريكية التي تدعم الحرب (الإسرائيلية) يقول إن العنف النابع من مجتمع مضطهد يمكن القضاء عليه من خلال استخدام القوة العسكرية الساحقة ضد هذا المجتمع. ولكن في المقابل، حتى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أبدى شكوكه حول هذه الفرضية، محذرا من أن الهجمات (الإسرائيلية) التي تقتل الآلاف من المدنيين تخاطر بدفعهم “إلى أحضان العدو (واستبدال) النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية”.
وأكدت الصحيفة أن الساسة ووسائل الإعلام الغربية يحبون أن يتخيلوا أن حماس عبارة عن إطار عدمي على غرار “داعش” يحتجز المجتمع الفلسطيني كرهينة، بينما حركة حماس في الواقع، حركة سياسية متعددة الأوجه متجذرة في نسيج المجتمع الفلسطيني وتطلعاته الوطنية. فهي (حماس) تجسد اعتقادا أكدته عقود من الخبرة الفلسطينية بأن المقاومة المسلحة تشكل عنصرا مركزيا في مشروع التحرير الفلسطيني بسبب فشل “عملية أوسلو” والعداء المستعصي من جانب خصمها. وقد نما نفوذها وشعبيتها مع استمرار (إسرائيل) وحلفائها في إحباط عملية السلام وغيرها من الاستراتيجيات اللاعنفية لتحقيق التحرير الفلسطيني.
وكالات