صبير يؤطر الدورة الإيمانية الثالثة للفرع الإقليمي للحركة البرنوصي سيدي مومن
نظم الفرع الإقليمي البرنوصي سيدي مومن لحركة التوحيد والإصلاح يومي السبت والأحد 20/19 ربيع الثاني 1445 هـ الموافق 5/4 نونبر 2023 بالمقر الجهوي عين السبع الدورة الايمانية الثالثة حول موضوع “روح المبادرة في مجالات الدعوة والإصلاح” وذلك انطلاقا من قوله سبحانه ﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ آل عمران الآية: 133 واستحضارا لما تعيشه أرض الرباط والجهاد المقدس أرض غزة الطاهرة.
وسعت الدورة إلى تحقيق مواكبة حركية داخلية في صفوف أعضاء الحركة وشحذ الهمم وبذل الوسع والارتقاء بالطموح يجب:
- ترك حياة الدعة والراحة، والتوبة من الكسل والعجز والخمول ومما ألفناه فيما سبق من ضعف في البذل والتضحية.
- امتلاك روح المبادرة في زمن الانتظار والتراجع وربما اليأس من الإصلاح.
وقد تميزت الدورة الايمانية بعد الافتتاح بالقرآن الكريم بكلمة ترحيبية تقدم بها الأستاذ مصطفى لعنيبري مسؤول الإقليم كما ذكر بالسياق الذي تنظم فيه والاشارة الى ما يعيشه الشعب الفلسطيني من حصار وتجويع وقتل وتشريد خاصة على ارض غزة الطاهرة.
تلتها كلمة توجيهية :بعنوان وقفات تدبرية مع الآية الكريمة قدمها الأستاذ عبد الرحيم اشنيگر، بين فيها شرح غريب الكلمات كما ذكر سياق الآية التي قبلها وبعدها، والمعنى الإجمالي للآية الكريمة ومما جاء في كلام الأستاذ في شرحه وجوب المسارعة لنصرة المظلومين وتقديم يد العون لهم وذلك ببذل الجهد واستفراغ الوسع وتخطي المعوقات التي تجعلنا نتباطأ مع تصحيح النية وتقوية الإرادة.
وأشار المتحدث إلى أن الكفار أيضا يسارعون في الاثم والعدوان ونصرة إخوانهم، قال تعالى: “وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان” وقد جاء الامر بالمسارعة والمسابقة مرتين في القرآن الكريم ودائما وسط آيات القتال: الأولى في هذه الآية من سورة ال عمران والثانية في سورة الحديد: “سابقوا..” وهي سورة تتحدث عن البذل لنصرة الدين والناس يرون الجهاد ضيق وكرب فجعل الله ثواب الباذلين جنة وصفها بأعلى ما يتصوره البشر من السعة، وقد بدأ سبحانه بالمغفرة قبل الجنة عرضها السماوات والأرض، فعلينا دائما استحضار الجنة والعيش مع نعيمها ونستحقر ونستصغر أي مشقة نجدها في الدنيا من أجل نصرة دين الله تعالى.
بعد ذلك كان الحضور على موعد مع الدرس المركزي للدورة والذي قدمه الأستاذ مولاي أحمد صبير الادريسي عضو المكتب التنفيذي للحركة بعنوان : “قيمة روح المبادرة: آليات التعزيز والتمليك ” ذكر باستحضار البعد الإيماني للقضية وبمفهوم المبادرة في التصور الإسلامي التي ارتبطت بالمسارعة إلى الأعمال الصالحة، حيث عدّها الله تعالى في القرآن الكريم من صفات أوليائه المتقين: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} (الأنبياء90)، وجاءت بمعنى المنافسة على فعل الخيرات، وجاءت بصيغة الأمر: سارعوا / وسارعوا / وبصيغة الإخبار كانوا يسارعون ….ووردت في آية أخرى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} (البقرة148)، بمفهوم المخالفة كما في قوله تعالى: “ما لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْض”.
وبيّن صبير علاقة المبادرة بالرسالية القائمة على أن مفهوم العمل لم يعد مرهونا بعدد الأعضاء الجدد الذين ينضافون إلى التنظيم، بقدر ما هو مرهون بالأثر الدعوي والحضاري في المجتمع ومؤسسات الدولة. ومن صفات المسلم الرسالي المبادر: منفذ للأمر الإلهي: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين” – مستجيب للتوجيه النبوي: بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنا… – اغتنم خمسا قبل خمس.. – مستثمر للفرص المتاحة ومسارع إلى الخيرات: سير الصحابة والصالحين.
وتتجلى أهمية المبادرة في أنها على المستوى الذاتي: نيل الأجر العظيم وعلى المستوى الموضوعي: نفع الناس / نفع الخلق في التراجم: رجل نفاعة “أحب العباد إلى الله تعالى أنفعهم لعياله”. رواه أحمد رحمه الله في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه مرسلا، كما أشار الى مجموعة من مجالات المبادرة والتي منها: المجال التربوي، المجال العلمي، المجال الدعوي، المجال الاجتماعي، ومن ضوابط المبادرة القدرة والعلم، استيعاب التصور والمنهج، البدء بالأهم فالمهم، مراعاة المصالح والمفاسد.
وأضاف المتحدث أن من معوقاتها الانتظارية واستصغار الذات والعجز والكسل الذي استعاذ منهما صلى الله عليه وسلم، ومن الأسباب المعينة على المبادرة: الاستعانة بالله واستحضار الجزاء والثواب، النظر في سير الانبياء والمصلحين، تأمل الآيات والأحاديث التي تذم المتقاعسين، الاستفادة من ورشات عملية وختم بمجموعة من المبادرات الناجحة:
- من قصص القرآن الكريم: في سياقين مختلفين، من [سورة القصص الآية 19] و [سورة يس الآية 19] ورد قوله تعالى في الأولى: “وَجَآءَ رَجُلٞ مِّنَ اَقْصَا اَ۬لْمَدِينَةِ يَسْعَى” وقوله في الثانية” “وَجَآءَ مِنَ اَقْصَا اَ۬لْمَدِينَةِ رَجُلٞ يَسْع۪يٰ قَالَ يَٰقَوْمِ اِ۪تَّبِعُواْ اُ۬لْمُرْسَلِينَ “. وكلمة “رجل” وردت في الآيتين (نكرة)، لم يشغلنا السياق القرآني لا باسمه، ولا بهيئته، ولا بمقامه الاجتماعي، ولا بموقعه “التنظيمي”، وإنما أحال على موقفين يعرّفان بشخصيتَيْهِما، حيث قدم السياق القرآني شخصية الأول باعتباره ناصحا يدعو موسى إلى الفرار من تربص فرعون وزبانيته الذين يأتمرون به، وقدّم شخصية الثاني باعتباره ناصحا لقومه في حياته وبعد مماته، قال ابن عباس رضي الله عنه في الرجل الثاني: ” نصح لقومه في حياته بقوله: ” اِ۪تَّبِعُواْ اُ۬لْمُرْسَلِينَ” وبعد مماته بقوله: ” يَٰلَيْتَ قَوْمِے يَعْلَمُونَ”.
- من السيرة النبوية: مبادرة الصديق بالتصديق، وعمر بإظهار الدين، ومبادرة الأنصار بالنُّصرة، ومبادرة عثمان بتجهيز جيش العسرة، وتضحية علي بالنوم في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، مبادرة الحباب بن المنذر رضي الله عنه يوم بدر بتغيير مكان المعسكر. وغيرها من المبادرات.
- من سيرة السلف المعاصر: مبادرة تحطيم خط بارليف.
توفيق الابراهيمي