سياسيون ومهنيون: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة فيه تراجعات خطيرة

اتفق المشاركون في اللقاء الدراسي الذي نظمته المجموعة النيابية للعدالة والتنمية يوم الثلاثاء 08 يوليوز 2025 حول مشروع القانون رقم 26-25، المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على أنه يتضمن تراجعات خطيرة عن عدد من المكتسبات الدستورية والمهنية المتحققة لفائدة الصحافة.
وأطره اللقاء الدراسي كل من مصطفى الخلفي وزير الاتصال الأسبق، ومحتات الرقاص رئيس الفدرالية المغربية لناشري الصحف، وعبد العزيز البوزدايني الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، وعبد الله بووانو رئيس المجموعة، وسامي المودني الرئيس المؤسس للمنتدى المغربي للصحافيين الشباب.
وفي هذا الشأن، اعتبر مصطفى الخلفي وزير الاتصال الأسبق التعديلات التي جاءت بها الحكومة على قانون المجلس الوطني لحقوق الإنسان تتضمن تراجعات خطيرة، وبها مقتضيات مخالفة للدستور بشكل صريح.
حرج عالمي
وأكد الخلفي أن المغرب سبق له أن قدم في الاستعراض الدوري الشامل المجلس الوطني للصحافة باعتباره مؤسسة منتخبة؛ أي على رأس الانجازات المحققة، موضحا أن التعديلات التي ستطرأ على المجلس بفعل هذا المشروع ستضع المغرب في موقف حرج عند تقديم حصيلته أمام الاستعراض الدوري المقبل.
وانتقد الخلفي منح المجلس الوطني للصحافة صلاحية توقيف صحيفة أو موقع إلكتروني لمدة 30 يوما موضحا أن هذا الأمر يشكل تراجعا كبيرا، لكون هذه الصلاحية من اختصاص القضاء، مشيرا إلى أن الحكومة قامت بإرجاع هذا الاختصاص إلى هيئة إدارية عوض القضاء.
وطالب الخلفي باعتماد المقروئية والتعددية الإعلامية كمعيار لتمثيلية المؤسسات الإعلامية عوض اعتماد رقم المعاملات الذي جاء به مشروع القانون والذي يحتكم إلى المنطق التجاري، داعيا إلى مراجعة عميقة لمشروع القانون الجديد، وأن يتحمل البرلمان مسؤوليته في مواجهة كل التراجعات المسجلة فيه.
وضع شاذ
كما انتقد الخلفي اللجنة المشرفة على انتخابات المجلس بسبب ضمها 3 أعضاء يعينهم رئيس الحكومة، موضحا أن هذا الأمر يشكل تراجعا أخر، وحذر من اعتماد نظام مزدوج لتمثيلية الصحافيين والناشرين، من خلال الانتخاب المباشر للصحافيين مقابل الانتداب من طرف الناشرين باعتباره وضعا شاذ في العالم.
كما حذر الخلفي من حذف المقتضى الذي كان يلزم المجلس بنشر تقرير سنوي حول حرية الصحافة والانتهاكات المسجلة، واكتفاء مشروع القانون الجديد بالنص فقط على نشر تقرير سنوي مع حذف عبارة الانتهاكات.
من جانبه، انتقد عبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية استعجال الحكومة بإخراج هذا القانون، موضحا أن هذه التعديلات تمت دون أي استشارة موسعة، والتي كان يجب أن يخضع لها، لأنه نص جديد يغير المنظومة ككل.
استعجال وارتباك
ونبه بووانو إلى أن التعديل المقدم على نص المجلس الوطني للصحافة بعد خروجه من مجلس الحكومة وإحالته على مجلس النواب يجعلنا وكأننا أمام نسخة جديدة من القانون، موكدا أن الصحافة تعكس أيضا جودة الحياة السياسية.
ودعا بووانو إلى الحسم في عدد من الإشكالات التي فيها اختلاف ما بين النص والواقع، وذكر من ضمنها متابعة العديد من الصحفيين المهنيين بالقانون الجنائي، رغم أنهم يمارسون دورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بصفتهم الصحفية.
من جهته، أكد عبد العزيز البوزدايني الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل أن اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون الصحافة والنشر هي التي تولت إنجاز تقييم شامل لقطاع الصحافة والنشر، وقدمت مقترحاتها بخصوص إصلاح قانون المجلس الوطني للصحافة طبقا للقانون.
عدم التوازن
وأوضح في مداخلة بالنيابة عن وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد أن اللجنة المؤقتة المكلفة بالقطاع اشتغلت وفق مقاربة تشاركية، مضيفا أنها عقدت اجتماعات منتظمة مع الفاعلين المهنيين وقدمت مقترحات عملية، تم أخذ عدد منها بعين الاعتبار من طرف الوزارة في صياغة المشروع.
وأكد سامي المودني الرئيس المؤسس للمنتدى المغربي للصحافيين الشباب أن الهيكلة الجديدة المقترح في مشروع قانون إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة كشفت عن عدم التوازن، موضحا أن ذلك يتجلى في وجود 7 صحفيين مقابل 9 من الناشرين والحكماء، مشيرا إلى أن العكس هو الذي يجب أن يكون.
وأضاف المودني أن المنتدى كان قد اقترح أن يتم انتخاب 10 صحفيين، و5 ناشرين فقط، موضحا أن من الايجابي الذي يحمله القانون الاقتراع الفردي المباشر، ووجود تمثيلية قوية للنساء. مشددا على الاتفاق على ضرورة التحكيم والوساطة الاجباري داخل المجلس.
عرقلة الانتخابات
أوضح محتات الرقاص رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف أن موضوع الصحافة هو موضوع أكبر من مجرد التطفل على المهنة أو الميوعة، مشيرا إلى أن إصلاح هذا القطاع هو انشغال مجتمعي، على اعتبار أن الصحفيين أصلا لا يفوق عددهم 6000 شخص.
واعتبر تجربة المجلس الوطني للصحافة خلال الولاية القانونية (4 سنوات) في مجملها إيجابية، موضحا أن كل التوترات التي نشرت بين الصحفيين نشرت في عهد اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر.
وأشار أن انتخاب المجلس الوطني للصحافة يمثل التنزيل الفعلي للتنظيم الذاتي للصحافيين بعد نقاش طويل، منبها إلى أنه بعد انقضاء 4 سنوات رفض طرف مهني إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة. وقال عن هذا الأمر “عيب”.
وأوضح أن تجربة المجلس الوطني للصحافة هي الأولى في المغرب، وكانت بحاجة إلى التطوير والتراكم، مستغربا من استعجل إصدار هذا القانون، موضحا أن هذا القانون الذي وضعه الدستور ضمن بنود الحريات والحقوق كان يتطلب مشاورات واسعة ليس فقط مع المهنيين والمنظمات المهنية ولكن مع جمعيات حقوق الإنسان والأحزاب والفرق والمنظمات لأنه يهم الحقوق.
وذكر أن من ضمن مع عرفه من كلمة عبد العزيز البوزدايني الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل أن اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون الصحافة والنشر أنجزت تقريرا عن تقييم شامل لقطاع الصحافة والنشر، مستغربا عدم نشره لكي يطلع عليها الجميع.