سلسلة قراء مغاربة 8| حمزة وراش محرز “القارئ العالمي” وممثل المغرب في المنافسات

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.
تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.
إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.
أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة:
حلقت طيور السعد فنزلت على قلبه بردا وسلاما يوم كان مهموما بتأسيس عيادته الطيبة، إذ ظفر بلقب “القارئ العالمي”، لمسابقة البحرين العالمية لتلاوة القرآن الكريم لعام 2014، فيسرت له سبل السير لتحقيق حلمه. تلك من عطايا الله على آل وراش وهم ثلاثة إخوة يحفظون القرآن المجيد ويتنافسون فيه.
حمزة وراش، كما إخوته، نذر نفسه لكتاب الله عز وجل فأجزل عليه من خيراته وكراماته التي كان يراها رأي العين، حين ذلل الله له الصعوبات فراح ينتقل بجد واجتهاد من مدرسة إلى أخرى حتى حط رجله في كلية الطب والصيدلة في الدار البيضاء.
ابن الدار البيضاء يمثل جيلا من الشباب الذين وهبوا حياتهم لحفظ القرآن الكريم وترتيله مذ كان صغرا، حتى أن حيازته للقب “القارئ العالمي” في البحرين تأتى له سن مبكرة وعمره 18 عاما، في أول نسخة من هذه الجائزة الرفيعة.
عند سماع المغاربة بمقدمه من البحرين تدفقوا نحو المطار كسيل هادر ليخصوا هذه الموهبة الربانية بجميل الاستقبال كما هو معهودهم في التعامل مع أهل الله وخاصته، معترفين بمكانتهم الراقية ودرجتهم الرفيعة في رحم المجتمع.
يحكي حمزة لقناة “أهل القرآن” أن القرآن الكريم كان له صاحبا وداعما، بدأ بحفظ خمسة أحزاب منه في المنزل بالموازاة مع دراسته، لينتقل إلى الكتائب حيث اتخذ شيخا مرشدا، فتزامن إتمامه للقرآن إتمام الدراسة الثانوية.
لم يك قارئنا يحفظ القرآن الكريم في البداية، وإنما كان يقرؤه فحثه شيخه على الحفظ فحفظه، ولم ينس فضل الأبوين عليه في مسيرته لحفظ القرآن الكريم، وأمنيته أخذ السند في رواية ورش وبعدها نافع ثم حفص.
في تلاواته ذائعة الصيت على مواقع التواصل الاجتماعي يتفنن في مراودة المقامات، وكأنه يطرزها تطيرز المحترف للسجاد، المسطور باللؤلؤ والخرز والريش، وتلك من المواهب التي أهلته ليواصل مسار التألق بكل عنفوان.
وفي ماي 2021، ارتقى حمزة وراش ركح المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا بالدوحة ليتسلم جائزة كتارا لتلاوة القرآن في دورتها الرابعة، نظير فوزه بالمرتبة الثالثة من المسابقة المنظمة تحت شعار: “زينوا القرآن بأصواتكم”، وظهر صيته وهو المتغلب على 2000 مشارك من 18 دولة عربية و44 غير عربية.
وفي روسيا، فاز حمزة بالمركز الرابع من فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمسابقة موسكو الدولية لتلاوة القرآن الكريم، المنظمة خلال الفترة الممتدة ما بين 7 و10 نونبر 2023 بالعاصمة الروسية موسكو، وقد شارك فيها 31 متسابقا من مختلف دول العالم العربي والإسلامي.
هو إذن مسار من العطاء والمكرمات التي أنعم الله بها على هذه الأسرة التي أحبت القرآن الكريم وحفظّته فلذات كبدها ومقلة عينها، وتمثلت بالفعل خيرية الإسلام المستمدة من حديث “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”.
موقع الإصلاح